IMLebanon

النازحون و”الحزب” في صلب محادثات ساترفيلد

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

قالت مصادر سياسية معنية بزيارة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ساترفيلد إلى بيروت يومي الإثنين والثلثاء الماضيين، إنه بالإضافة إلى أن هدفها كان التحضير لزيارة وزير الخارجية جورج بومبيو منتصف هذا الشهر، فإنه أجرى محادثات مع المسؤولين والقادة السياسيين اللبنانيين الذين التقاهم تناولت الوضع اللبناني الداخلي إضافة إلى الوضع الإقليمي في ضوء القرار الأميركي باسحاب معظم القوات الأميركية من سورية والإبقاء على 400 جندي فيها.

وترك ساترفيلد انطباعا لدى عدد من الذين التقاهم بأن واشنطن ستواصل ضغوطها على إيران من أجل أن تسحب قواتها من سوري، بما فيها قوات “حزب الله” وأنها ستواصل سياسة الضغط لهذا الغرض على طهران.

وأوضحت المصادر أن ساترفيلد أشار الى أن الولايات المتحدة لن تترك سوريا نهائيا، وأن الـ400 جندي الباقين هناك لهم مهمة محددة، وبالتالي لن تسمح بأن يملأ الفراغ بعد انسحابها، لا الميليشيات التابعة لإيران ولا تلك التابعة للنظام السوري.

الجامعة العربية وعودة النازحين

وذكرت المصادر السياسية نفسها لـ”الحياة”، أن البحث بالوضع الإقليمي أدى إلى تناول موضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية في أحاديث بعض الجهات التي التقاها ساترفيلد. وأشارت إلى أن الانطباع الذي خرجت به هذه الجهات أنه لا عودة لسوريا إلى الجامعة في القمة العربية المنتظرة آخر هذا الشهر، أو في القريب المنظور.

ولفتت المصادر السياسية إياها إلى أن البحث بإمكان عودة النازحين السوريين إلى بلادهم كان جزءا من المحادثات، حيث أبدى المسؤول الأميركي تفهمه للعبء الذي يتحمله لبنان واقتصاده نتيجة عدد هؤلاء المرتفع، لكن الاستنتاج الذي خرج به محدثوه هو أنه لا عودة قريبة للنازحين في الأفق، لأن النظام لا يريد هذه العودة وأن عودتهم لن تكون آمنة لأن النظام السوري لا يضمن أمنهم، بل أن التقارير تشير إلى أن بعض العائدين من الشباب الذي تعاطف مع المعارضة إما يُقتل على يد القوات الموالية للنظام أو يسجن البعض الآخر، فضلا عن أن لا بنى تحتية وقدرة على استيعاب هذه العودة. كما أن واشنطن لا ترى إعادة إعمار لسوريا في ظل الوضع الحالي وفي غياب الحل السياسي.

وفي شأن الوضع الداخلي قالت المصادر السياسية إياها، إن ساترفيلد قال في الاجتماعات المغلقة ما عاد وأعلنه في تصريحاته عن أن واشنطن تراقب عمل الحكومة وقراراتها من زاوية التأكد من أنها تتخذ وفق المصلحة اللبنانية، ولا تتأثر بنفوذ “حزب الله” ومن ورائه إيران، بحيث يطغى هذا النفوذ على هذه القرارات.

وذكرت المصادر أنه فهم من ساترفيلد أن واشنطن ستتعاطى مع لبنان وفقا لهذا المعيار، ومن ألا يستغل الحزب وجوده في الحكومة من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية على أنشطته وموارده المالية. وحصل نقاش حول هذه النقطة مع عدد من المسؤولين تناولت المخاوف الأميركية من انحراف الدولة اللبنانية عن مبدأ النأي بالنفس عن التدخل في أزمات المنطقة.

وأبلغت المصادر السياسية “الحياة” أن ساترفيلد تناول الوضع الاقتصادي المتعثر في لبنان، وحث على أن تتخذ الحكومة التدابير التي تضمن النهوض به في ظل حرص واشنطن والمجتمع الدولي على استقرار لبنان وعلى مساعدته للخروج من أزمته الاقتصادية. كم أكد ساترفيلد مجددا على استمرار واشنطن في تشجيع حلفائها على مساعدة لبنان كذلك مواصلتها دعم الجيش والقوى الأمنية.

وفي سياق البحث في الوضع الاقتصادي والحرص على استقرار لبنان تناول الحديث مرة أخرى موضوع الخلاف على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، من زاوية ضرورة إفادة لبنان من التنقيب عن النفط والغاز، خصوصا أن ساترفيلد كان قام قبل سنة بدور الوساطة حول اعتراض لبنان على ادعاء إسرائيل ملكيتها 860 كيلومترا مربعا من أجزاء من البلوكين 8 و9 من المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان في البحر.

وأشارت المصادر السياسية المعنية بما طرحه ساترفيلد، إلى أنه اقترح 3 خيارات على الجانب اللبناني: الأول أن يقبل لبنان بخط هوف (الخط الذي اقترحه الوسيط الأميركي السابق فريدريك هوف منذ عام 2012 والذي قضى بأن يسمح للبنان بأن يستثمر ما بين 55 و 60 في المئة من المنطقة المتنازع عليها، على أن يترك الجزء الباقي منها معلقا إلى حين ترسيم الحدود البحرية في شكل رسمي بين لبنان وإسرائيل لاحقا). إلا أن المصادر نفسها أوضحت أن رئيس البرلمان نبيه بري رفض اعتماد خط هوف هذا خلال الوساطة التي خاضها ساترفيلد في شباط  من العام الماضي.

والخيار الثاني الذي اقترحه ساترفيلد فهو أن يترك للشركات المنقبة عن الغاز والبترول (من الجهتين اللبنانية والإسرائيلية) أن تقيم بينها شراكة (joint venture) لتقاسم استثمار الثروة النفطية والغازية في المنطقة المتنازع عليها.

أما الخيار الثالث فهو إعادة التفاوض على الحدود البحرية مع قبرص التي كانت إسرائيل استندت إلى خرائط اتفاقية بينها وبين حكومة الجزيرة من أجل الادعاء بحقها بالمساحة التي تقول أنها تعود إليها في البحر. لكن هذا الخيار وفق قول المصادر يأخذ وقتا طويلا.