IMLebanon

مدير عام وزارة العمل “يجتهد”… ويخالف القوانين

  كتبت آمال خليل في “الاخبار”:

قرار مدير عام وزارة العمل جورج أيدا إعفاء العمال المصريين في لبنان من دفع الإشتراكات في الصندوق الوطني الاجتماعي، يعكس واحداً من أمرين: إما أن الصندوق في بحبوحة على عكس ما هو معروف، أو أن الوزارة الوصية عليه (العمل) تتبع معايير مزدوجة، لمصلحة المصريين على حساب أقرانهم من بقية الجنسيات، وعلى حساب اللبنانيين الذين يلاحقون لعدم تسديد إشتراكاتهم

«تأميناً لحسن سير العمل، وخلافاً لأي نص آخر، يعفى العامل المصري من تقديم إفادة خدمة من الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي من ضمن المستندات المطلوبة للحصول على إجازة عمل». هذه العبارة المقتضبة، غير المرفقة بأي تفصيل، تشكل نص قرار أصدره المدير العام لوزارة العمل جورج أيدا في الثامن من الشهر الجاري، ولم يرد فيه أي ذكر لوزيره كميل بو سليمان. أيدا أكّد في اتصال مع «الأخبار» بأن ما أصدره ليس استثنائياً. إذ أن «عدة وزراء صاروا عاملينها». والقرار «يفصل بين الإنتساب للضمان والحصول على إجازة العمل، بحيث يصبح بإمكان العامل المصري الحصول على إجازة عمل من دون إبراز إفادة خدمة تشترط حكماً الإشتراك في الصندوق». هنا، يبدو أيدا وكأنه يغني على ليلاه. فالصندوق المعني يرفض إعفاء المصريين من نسبة الإشتراك التي تبلغ 3 في المئة من الراتب بعد أن كانت 2 في المئة.

أحد أعضاء مجلس إدارة الضمان أوضح لـ«الأخبار» أن قرار أيدا «مخالف لأربعة قوانين ومرسوم وقرارات وزراء العمل السابقين». فالعامل الأجنبي، والمصري ضمناً، يخضع لقانون العمل والضمان الإجتماعي، لكنه لا يستفيد إلا إذا كانت دولته تعامل لبنان بالمثل وتفيد اللبناني العامل لديها من التقديمات. «وفي حالة اللبناني في مصر، لا يتوافر هذا الإمتياز. مع ذلك، يعفي قرار المدير العام أرباب عمل الأجراء المصريين من تسجيلهم في الضمان الاجتماعي، عندما أعفاهم من إبراز إفادة الخدمة التي تشكل مستنداً لتسجيل العامل في الضمان». بحسب العضو، خالف أيدا بقراره، أيضاً، قانون العمل الذي ينص على وجوب تنفيذ الأحكام الخاصة بعمل الأجانب، لا سيما المادة ٥٩ التي تنص على إلزام الأجير الأجنبي الحصول على إجازة عمل، ولا يجوز التمييز بينهم، «باستثناء العمال الفلسطينيين الذين يطبق عليهم حكم خاص».

أيدا برّر قراره بقانون «أصدره مجلس النواب عام 1992 يعفي العمال المصريين من تسديد اشتراكات الضمانـ وباتفاقية وقعت عام 2008 بين لبنان ومصر تنص على مبدأ المعاملة بالمثل بين عمال البلدين». وفق أرقام أيدا، يبلغ عدد العمال المصريين في لبنان 25 الفاً والعمال اللبنانيين في مصر 18 ألفاً. إلا أن عضو مجلس إدارة الضمان يصحح بأن القانون صدر عام 2009 وليس 1992 «لكنه ربط تنفيذه بتوقيع اتفاقية المعاملة بالمثل بين البلدين». ويؤكد بأن المعاهدة لم توقع بعد بخلاف ما قاله أيدا، «ما يجعل القانون معلقاً إلى حين توقيع الإتفاقية». وفي الإطار نفسه، صدر مطلع عام 2009 أيضاً مرسوم حمل الرقم 1190 «ينص على إعفاء رعايا مصر من الرسم المالي لاستصدار إجازة العمل عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل، ولم ينص على إعفائهم من الخضوع للضمان». وبعد أربعة أشهر، صدر القانون رقم 74 الذي «أجاز للحكومة إبرام اتفاقية بين وزارة العمل اللبنانية ووزارة القوى العاملة والهجرة في مصر في مجال التعاون الفني وتنقل الأيدي العاملة». لكن الإتفاقية لم تبرم. وكان وزير العمل الأسبق محمد فنيش قد أصدر في تشرين الأول 2008 قراراً بـ«وجوب إبراز مستند يبين التصريح عن جميع اللبنانيين والأجانب في الصندوق ووجوب إبراز تعهد من صاحب العمل بالتصريح عن الأجنبي في الصندوق وتوقيع عقد عمل بأجر محدد يظهر التقديمات التي ستمنح له».

يطرح العضو تساؤلات عدة عن سبب التمييز بين المصري واللبناني وباقي العمال الأجانب وتكبيد الصندوق خسارة انخفاض وارداته التي قد يجنيها من آلاف العمال المصريين. فيما يستغرب أيدا الرفض. إذ أن «قانون مجلس النواب أعلى من قرارات المؤسسات. وقد أرسلنا كتاباً إلى هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل يطلب من الضمان تنفيذ القرار».

«التجربة الصربيّة»

في كانون الثاني 2019، تلقى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي إحالة لإبداء من وزارة العمل لإبداء الرأي القانوني «في مشروع الإتفاق بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية صربيا حول الضمان الإجتماعي». المقترح نص على إعفاء العمال الصرب في لبنان من الإشتراك في الصندوق. لكن مصلحة القضايا في الصندوق رفضت المقترح ربطاً بقوانين العمل والضمان ومبدأ المساواة في المعاملة مع الرعايا الموجودين في لبنان. واوصت بـ«عدم الموافقة على مشروع الإتفاق بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية صربيا حول الضمان والإكتفاء بتوقيع اتفاقية للمعاملة بالمثل أسوة بالإتفاقيات المعقودة مع كل من فرنسا وبلجيكا و إيطاليا وبريطانيا بموجب قرارات يُصدرها مجلس إدارة الصندوق بعد استشارة وزارة الخارجية والمغتربين».