IMLebanon

البنك الدولي يروّج لسدّ بسري: ستبيعون المياه!

كتبت رحيل دندش في “الاخبار”:

«في مقابل أوراقكم وأبحاثكم هناك أبحاث ضدها تنقضها لكنكم لا تريدون سماع أحد! السد لن يمرّ ونحن لسنا وحدنا»، صرخت إحدى الناشطات في «الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري»، في جلسة نقاش مع نائب رئيس البنك الدولي فريد بلحاج، عُقدت أمس في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية. وحين خاطب بلحاج المحتجين الذين قاطعوا النقاش ورفعوا لافتات كتب عليها: «أوقفوا سدّ بسري» بالقول: «اجلسوا حتى أجيب»! جاءه الرد: «أنت ما بتعطي أوامر هون».

لم يأت بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بجديد في تعريفه لمشكلة المياه في لبنان يقنع الناشطين. حجّتان كررهما طوال الجلسة التي خصصت لنقاش أساليب البنك الدولي في «التغلب على العقبات المنصوبة في إدارة المياه»، مفادهما أن لبنان يعاني شحّاً مائياً، وأن مياهه تهدر وتذهب إلى البحر. «الرجل العلمي» لم يقدّم أرقاماً حول معدلات المتساقطات وذوبان الثلوج، ولم يشر إلى سوء إدارة قطاع المياه المزمن في لبنان. التفكير «الربحي» حكم منطقه: «السدود، وتحديداً سد بسري (كلفته مليار و200 مليون دولار بقرض من البنك الدولي) قد يجعل من لبنان مُصدّراً للمياه إلى دول الجوار»… هكذا، من دون أي اعتبار للدراسات العلمية المناقضة لمنطق السدود في بلد بلغت المتساقطات فيه هذا العام، للمفارقة، معدلات قياسية. أشار الى أنه، خلال إقامته في لبنان لمدة خمس سنوات، «هاله» أن المياه لا تزال تنقل إلى البيوت في بيروت في الـ«ستيرنات ، وهو « أمر غير مقبول في هذا العصر».

ليس مقبولاً أن تنقل الصهاريج المياه إلى اللبنانيين، لكن حتماً الحل ليس بإنشاء سد بسري كما قال المحتجون. الباحث الجيولوجي في الجامعة الأميركية البروفسور طوني نمر حذّر من أن سد بسري «سيؤدي حتماً إلى زلزال بقوة 7 إلى 7,5 درجة على مقياس ريختر»، بسبب «وضع كمية هائلة من المياه (125 مليون متر مكعب) في نقطة واحدة، وهي نقطة حساسة جيولوجياً يمر تحتها فالقان زلزاليان أحدهما فالق روم الرئيسي». الناشط في «الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري» رولان نصّور لفت الى أن دراسة «تقييم موارد المياه الجوفية» الصادرة سنة 2014 عن الـ UNDP «تفّند مزاعم البنك الدولي، وتبيّن أن لبنان لا يعاني من عجز مائي». فالدراسة تفيد «أن المياه الجوفية هي الثروة المائية الأولى بمعدل سنوي يفوق 53 في المئة من إجمالي المتساقطات، بسبب طبيعة الأرض الكارستية». المشكلة، بحسب نصّور، «تكمن في سوء إدارة المياه وتوزيعها، وفي فوضى الآبار العشوائية، وتحكّم شركات المياه الخاصة بالعديد من مصادر المياه، وفي شبكة مياه بيروت الكبرى المهترئة (عمر بعضها يفوق 90 سنة) والتي تتسبب بهدر نحو 40 في المئة من المياه».

مداخلات أخرى أكدت أن السدّ «سيدمر نحو ستة ملايين متر مربّع من المناطق الطبيعية في الشوف وجزين، وسيقضي على أكثر من مليون ونصف مليون شجرة مثمرة تمتص 20 مليون كيلوغرام من غازات الكربون» كما أكد الخبير البيئي بول أبي راشد. الأخير لفت إلى أن «الدراسات بيّنت أن مشكلة بيروت تحل في أشهر، لكن العقبة تكمن في سوء إدارة قطاع المياه وليس قلة مصادرها». وحذّر من «أن مشروع السد سيحمل إلى بيروت مياه بحيرة القرعون الملوثة بالسينوبكتيريا المسرطنة التي لا تقضي عليها معامل التكرير» لافتاً إلى أن البنك الدولي ووزارة الطاقة لا يستشيران المجلس الوطني للبحوث العلمية ولا يستمعان للجمعيات البيئية.

من جهتها، أكدت المستشارة في وزارة الطاقة والمياه سوزي حويك أن مياه لبنان الجوفية «خلصت»، و«صرنا نحفر إلى نحو نصف كيلومتر حتى نجد المياه»، لكن ماذا عن آلاف الآبار العشوائية التي استنزفت هذه المياه؟ أجابت: «ليست مسؤولية وزارة الطاقة والمياه إنما مسؤولية قوى الأمن». وأضافت «الناس تريد المياه وتدفع ثلاث فواتير مياه فماذا نفعل؟» مشيرة إلى أن «الوزارة تفكر بشكل استراتيجي وتعمل على رفع التلوث عن بحيرة القرعون ولن تجر المياه قبل تنقيتها».