IMLebanon

“تماس كهربائي” بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر

عاد التوتر العالي ليسيطر على الأجواء بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر من بوابة خطة الكهرباء، في ظل اتهامات قيادات التيار القوات بسعيه الدائم إلى عرقلة أي مشروع يتقدمون به داخل مجلس الوزراء.

واندلع الاشتباك الجديد بين الجانبين على خلفية الخطة التي عرضتها وزيرة الطاقة ندى البستاني لحل أزمة الكهرباء المزمنة والتي تشكل عبئا ثقيلا على اقتصاد لبنان حيث تستنزف سنويا الملايين من الدولارات من خزينة الدولة.

وتقول أوساط لبنانية إن الخطة التي عرضتها البستاني هي نسخة شبيهة بخطة سابقة طرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حينما كان يتولى حقيبة الطاقة والمياه، ولم تلق قبولا لدى الكثيرين آنذاك.

وتشير هذه الأوساط إلى أن الخطة لا تزال قيد البحث لدى اللجنة المختصة قبل إحالتها على مجلس الوزراء الذي لم يعقد هذا الأسبوع جلسته بسبب غياب رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يوجد حاليا في فترة نقاهة بباريس بعد عملية قسطرة.

التطورات الإقليمية المتسارعة والانقسام العمودي الحاصل في المنطقة سيعززان من الهوة بين الطرفين
وتلفت الأوساط إلى أن القوات لم يعارض الخطة، ولكن لديه بعض الملاحظات عليها الأمر الذي لم يستسغه التيار الوطني الحر بالنظر للحساسية القائمة بين “الحليفين اللدودين”.

وكان عضو تكتل “لبنان القوي” عن التيار إدي معروف أول من فجر السجال على تويتر حينما غرد مهاجما رئيس القوات سمير جعجع “لا بالطب ولا بالخيارات الاستراتيجية صاب. بالعدّ ما بتفهم عليه، بملف النازحين حدّث ولا حرج… وجاي ينظّر بالكهرباء”.

وسارع القوات إلى الرد حيث قال عضو تكتل “الجمهورية القوية” جوزيف إسحق على تويتر “من الـ2010 ونحنا ناطرين (ننتظر) نظرياتكن والكهرباء من سيء لأسوأ، والإهدار بالكهرباء يُشكّل 40 بالمئة من عجز الموازنة، هودي (هذه) حساباتكن. نحنا حساباتنا شفافة ومنطقية، وحلّنا إنو ما نزيد الإنتاج قبل ما نوقف الإهدار التقني وغير التقني حتى لا نخسر زيادة”.

من جهته صرح النائب جورج عقيص “لن نردّ على التهجّم الشخصي المقيت بمثله. نقول فقط لزملائنا في تكتل لبنان القوي إننا نحاول إرساء مناخ من الشفافية في العمل العام، ومن ضمنه قطاع الكهرباء، وكنا ندرك أننا سنتعرّض لحملات نتيجة هذه المحاولة، لكن صدقا لم نتوقّعها منكم. لن يثنينا تجريحكم”.

وفيما بدا محاولة لتهدئة الأجواء قال النائب عن “لبنان القوي” إدغار معلوف إنه “لا رغبة للتيار الوطني الحر في السجال مع القوات اللبنانية حول ملف الكهرباء في ظل الوضع الراهن”، لافتا إلى أن “الرد جاء على خلفية تشكيك البعض بخطة الكهرباء التي وضعتها وزيرة الطاقة ندى البستاني”.

الخطة التي عرضتها البستاني هي نسخة شبيهة بخطة سابقة طرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل
ويرى مراقبون أن السجال بين القوات والتيار الوطني الحر سيظل إحدى سمات العهد، حيث أن الطرفين ورغم تأكيدهما المستمر على التزامها باتفاق معراب الذي وقعه الجانبان في العام 2016 ليسدل الستار على عقود من الخصومة بينهما، إلا أن التنافس على النفوذ السياسي بين الحزبين المارونيين، واختلاف المواقف خاصة في القضايا الاستراتيجية سيجعلان من الصعب حصول تجانس أو تضامن بينهما داخل الفريق الحكومي.

ويشير المراقبون إلى أن التطورات الإقليمية المتسارعة والانقسام العمودي الحاصل في المنطقة سيعززان من الهوة بين الطرفين. ويحتل لبنان هذا البلد الصغير من حيث المساحة الجغرافية وعدد السكان، موقعا جيوسياسيا استراتيجيا يجعله نقطة جذب القوى المتصارعة في المنطقة.

ورغم تأكيد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري على التزامها بسياسة النأي بالنفس، إلا أن وضع لبنان وتخندق قواه في تحالفات سياسية إقليمية ودولية سيجعلان من الصعب بمكان أن يكون هناك تضامن حكومي سبق ونظر له عون.

ومن هذا المنطلق يرجح مراقبون أن تتكرس الهوة بين القوات والتيار الوطني الحر الذي تتسرب أنباء على أنه بصدد القيام بخطوات متقدمة نحو تطبيع العلاقة مع دمشق، خاصة بعد الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية ميشال عون لروسيا الأسبوع الجاري ولقائه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهذا الأمر محل رفض قاطع من القوات.