IMLebanon

ترسيم الحدود: واشنطن توافق على رعاية أممية

هل حصل تقدّم على صعيد ملف الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة؟ ثمة مؤشرات على تغيّر في مقاربة بعض القوى السياسية اللبنانية للقضية، بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي لبيروت، في مقابل موافقة واشنطن على رعاية أممية لمفاوضات الترسيم.

 

منذُ مجيء الموفد الأميركي الخاص السفير فريدريك هوف عام 2012 لترسيم الحدود البحرية اللبنانية ــــ الفلسطينية، لم يكفّ المسؤولون الأميركيون الذين زاروا لبنان في ما بعد عن الضغط على لبنان للقبول باقتراح هوف الذي نصّ على تقاسم المنطقة المتنازع عليها بين لبنان والعدو الصهيوني عند الحدود البحرية الجنوبية، والتي تبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً. وبموجب اقتراح هوف، يحصل لبنان على 500 كلم مربع، فيما تفوز إسرائيل بـ 360 كيلومتراً مربعاً! من وزير الخارجية ريكس تيلرسون، إلى مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، ووكيل وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل، عاد الموفدون الأميركيون بخيبة أمل نتيجة توحّد الموقف اللبناني الرافض لهذا الاقتراح، إذ أصر لبنان على تثبيت حقه في ترسيم الحدود البحرية عبر مفاوضات غير مباشرة تتولاها الأمم المتحدة، وفي حضور وسيط أميركي. وبعدَ توقف هذا المسعى، عادَ الملف الى الواجهة بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لبيروت الأسبوع الفائت، الذي جدّد الطلب بحسم هذا الأمر، «إذا كان لبنان يريد أن يستفيد من النفط والغاز في مياهه». لكن الفارق هذه المرة هو وجود تباين في الموقف الرسمي اللبناني من قضية الترسيم، وكيفية التعامل مع ملف الحدود البرية والبحرية. يعتبر بعض المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، أن لبنان قادر على فصل ترسيم الحدود البرية عن تلك البحرية، وهو ما يقترحه الأميركيون. ويرى الحريري وباسيل أن الفصل سيسمح للبنان باستعادة أراضٍ متنازع عليها مع العدو، مشددين على أن الترسيم البري سيثبت حقوقنا في المياه، لأن الترسيم البحري يستند بالدرجة الأولى إلى الحدود البرية. في المقابل، أصرّ حزب الله وحركة أمل على عدم الفصل، لافتين إلى أن ترسيم الحدود البرية سيحرم لبنان من ورقة قوة يمكنه استخدامها في المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية. وقبل وصول بومبيو، كان الحريري قد اقترح الانتهاء من النقاط البرية المتفق عليها، وضمّ نقاط الخلاف في البر الى المفاوضات على الحدود البحرية، فكان جواب الحزب بأن «الملف كله في عهدة الرئيس نبيه برّي، وأننا نقبل بما يقبل به». وفيما سوّق البعض معلومات تشير إلى أن «حركة أمل وحزب الله قد قبلا أخيراً بالفصل بين البر والبحر»، نفاها الرئيس بري لـ«الأخبار»، مؤكداً أنه «كان جازماً لجهة التأكيد على حق لبنان الكامل بحدوده البحرية الخالصة، والتي تقع ضمنها مساحة الـ 860 كيلومتراً، التي تحاول إسرائيل أن تقتنص منها مساحة تزيد على 360 كيلومتراً». وشدد على أن «الترسيم يجب أن يبدأ من البحر، وصولاً الى البر»، مشيراً إلى «أننا ننتظر جواباً لتحديد موعد للمفاوضات».

بري لـ«الأخبار»: الترسيم يجب أن يبدأ من البحر، وصولاً إلى البر

وبرزت معطيات تشير إلى ان بومبيو أبلغ الجانب اللبناني موافقة بلاده على أن تكون المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة أميركية، علماً بأن مسؤولين أميركيين سبق أن أكّدوا للبنانيين رفض أن تكون المفاوضات برعاية أممية، وأصروا على أن يكون الوسيط بين لبنان والعدو أميركي.

 

 

على صعيد آخر، وبعدَ تأجيل جلستَي مجلس الوزراء، ومساءلة الحكومة في مجلس النواب بسبب خضوع رئيس الحكومة لعملية في شرايين القلب في العاصمة الفرنسية، عاد الحريري مساء أمس الى بيروت، ومن المقرر أن يستأنف نشاطه الرسمي بداية الأسبوع. وعلى جدول أعمال الحريري لقاءات اليوم، بعضها بعيد عن الإعلام.

 

بومبيو لباسيل: It makes sense!

على صعيد آخر، برز موقف لافت لبومبيو، أثناء إدلائه بشهادته في جلسة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، أول من أمس، لجهة إشارته إلى أن «تقود محادثات مع الشركاء العرب والغربيين للبحث في سبل تأمين الظروف الملائمة على الأرض داخل سوريا من أجل عودة نحو 1,5 مليون نازح سوري الى بلدهم، وهذا ما يريده الشعب اللبناني. وأعتقد، بصراحة، أن هذا هو الحل الأفضل لهؤلاء».

وزير الخارجية جبران باسيل، وصف في تغريدة أمس شهادة الوزير بومبيو بأنها «خطوة متقدمة تؤكد أن الحوار الصريح والجريء والموقف الوطني الواضح هما أقرب الطرق لتحقيق المصلحة الوطنية». فيما اعتبرتها مصادر دبلوماسية «نجاحاً للموقف اللبناني الموحّد في إحداث اختراق في الموقف الأميركي من ملف النازحين». وأوضحت المصادر أن باسيل، في لقائه بومبيو الأسبوع الماضي، «شرح بالتفصيل أعداد النازحين وتوزعهم والسياسات الدولية التي تقوم على دعمهم للبقاء بدل دعمهم في بلدهم، والعبء الذي يشكله ذلك على الاقتصاد والأمن. كما أوضح للوزير الأميركي الخطر الذي يشكله عبء النزوح على النسيج الوطني اللبناني. وأوضح له أن السياسات التي اعتمدت في السنوات الماضية في المنطقة أثّرت على الوجود المسيحي في سوريا والعراق، وهي اليوم تضغط على المسيحيين في لبنان». كما أن «الدعم الأميركي للجيش يأتي تحت عنوان الحفاظ على الاستقرار الذي لا يمكن لأي جيش تحقيقه في ظل وحود هذا العدد الهائل من النازحين». المصادر أشارت الى أن بومبيو أجاب باسيل بالقول: It makes sense (ما تقوله منطقي).