IMLebanon

زيارة موسكو أيضاً وأيضاً

كتب د.عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:

لم تحظ زيارة رئيس لبناني الى دول القرار باهتمام الإعلام المحلي، كما حظيت زيارة الرئيس ميشال عون الى موسكو، ورغم مرور عدّة أيام على هذه الزيارة، ما زالت نتائجها تشغل وسائل الإعلام المحلية وهي منقسمة بين من اعتبرها ناجحة شكلاً ومضموناً، وبين من رآها فاشلة، لأن القيادة الروسية، لم تستجب للمطلب الأساسي الذي ذهب من أجله الرئيس عون إلى موسكو وهو تدخل الرئيس الروسي بوتين لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بما له من دالة وتأثير عليه لتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم لأنهم يشكلون عبئاً على لبنان لا يستطيع أن يتحمله في ظل امكاناته وقدراته المتواضعة.

أوساط بعبدا، ما زالت تصر على أن هذه الزيارة كانت ناجحة تماماً في الشكل وفي المضمون وسوف يظهر ذلك خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة على الأرض، وان ما ورد في البيان المشترك الذي صدر بعد اجتماع الرئيسين بوتين وعون في شأن عودة النازحين السوريين من لبنان إلى بلادهم لا يعني ان المبادرة الروسية المتعلقة بهذا الشأن توقفت بانتظار الحل السياسي للأزمة السورية أو إلى ما بعد البدء في إعادة الاعمار كما ورد نصاً في البيان المشترك، لأن موسكو التي لعبت وما ز الت تلعب الدور الرئيسي والاساسي في دعم النظام، وتثبته في الحكم بالرغم من كل الضغوط الدولية، تعرف جيداً بأن لبنان لا يستطيع أن يتحمل أعباء مليون ونصف مليون سوري، كما انه لن يقبل بتوطين هؤلاء كلهم أو جلهم لما لهذا التوطين ما انعكاسات خطيرة على عملية التوازن الديمغرافي في هذا البلد.

وبصرف النظر عمّا إذا كان تفاؤل أوساط رئيس الجمهورية في محله لجهة حصوله من الرئيس الروسي على التطمينات اللازمة في هذا الخصوص، فقد غاب عنها ان هذه الزيارة وتشكيل الوفد المرافق لرئيس الجمهورية قد أثّرا سلباً على العلاقة بينه وبين رئيس الحكومة، إذا لم يكونا قد أدّيا إلى إحداث شرخ داخل الحكم نفسه، من شأنه ان يشل الحكومة حتى عن تسيير شؤون المواطنين العادية.

ففي الشكل لم يعط رئيس الجمهورية عندما شكل الوفد المرافق أية أهمية للجنة التي شكلها الرئيس الحريري ووافق عليها مجلس الوزراء لمتابعة ملف النازحين مع موسكو صاحبة المبادرة، ولم يسم أحداً منها بمن فيهم مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي شارك إلى جانب رئيس الجمهورية في مباحثاته مع وزير الخارجية الأميركي بومبيو والتي تطرقت بالعمق إلى الأزمة التي يُعاني منها لبنان جرّاء وجود مخطط دولي لتوطينهم، ومن حقه ان يطالب المجتمع الدولي ودول القرار على وجه الخصوص باتخاذ كل الإجراءات، ناهيك عن الدور الذي لعبه ولا يزال يلعبه اللواء إبراهيم في إعادة النازحين إلى بلادهم.

أما في المضمون، فمعنى هذا التجاهل أن الرئيس عون لا يعترف بهذه اللجنة التي شكلها رئيس الحكومة بمعرفته وبالتنسيق معها، وانه يريد أن يحصر موضوع النازحين السوريين بشخصه، خلافاً للأصول والصلاحيات الدستورية التي أناطت مثل هذه الأمور برئيس الحكومة.. ألا يؤدي هذا التصرف من قبل رئيس الجمهورية إلى إحداث شرخ بينه وبين رئيس الحكومة الذي يعتبر أن اللجنة التي شكلها هي المسؤولة عن متابعة مسار المبادرة الروسية مع المسؤولين الروس.

وإذا كان لم تصدر حتى الآن أية ردود فعل رسمية عن الرئيس الحريري في هذا الشأن، فإن كل المعلومات التي يتم تداولها داخل أروقة بيت الوسط تُشير إلى ان هناك خيبة أمل من التصرف التي حصل ومن الأسلوب الذي اعتمد في زيارة موسكو.