IMLebanon

هل ستشمل نتائج مكافحة الفساد المحسوبين على السلطة؟

كتب معروف الداعوق في صحيفة “اللواء”: 

لإنجاح حملة مكافحة الفساد التي أطلقت على أساسه منذ البداية تشمل جميع المتورطين وعلى كل المستويات دون إستثناء أو تفرقة، مهما علا شأن البعض ولأي جهة سياسية انتموا.

يترقّب اللبنانيون مسار حملة مكافحة الفساد التي انطلقت بعد تشكيل الحكومة الجديدة وتبناها أهل السلطة على إختلافهم، لمعرفة أي منحى ستسلكه في الأسابيع القليلة المقبلة بعدما طالت بعض الضباط والعناصر في الاسلاك الأمنية والعسكرية وعدد من القضاة المشتبه بتورطهم وموظفين إداريين وغيرهم، وعما إذا كانت ستستكمل حتى النهاية بلا توقف أم تقتصر هذه الحملة على البعض دون الآخرين من المتورطين في الفساد ولا سيما من المدعومين سياسياً وحزبياً كما كان يحدث في العادة من قبل؟

ولذلك، لا بدّ لإنجاح حملة مكافحة الفساد على القياس التي أطلقت على اساسه منذ البداية حتى أصبحت شعاراً يتصدر المواقف السياسية ونهجاً لأهل السلطة على كل المستويات أن تشمل جميع المتورطين في هذه الآفة وعلى كل المستويات دون إستثناء أو تفرقة بين هذا وذاك، مهما علا شأن البعض ولأي جهة سياسية انتموا.

ويلاحظ في هذا لاشأن ان بعض من شملتهم التوقيفات حتى اليوم، ان كان على مستوى العناصر الأمنية والعسكرية أو القضاة الذين أوقفوا عن العمل وممارسة مهماتهم الوظيفية للاشتباه بتورطهم في قضايا رشوة أو ممارسة النفوذ وغيرها هم من المحسوبين على جهات سياسية محددة حصرا، في حين ان باقي المتورطين من جهات سياسية أخرى وبالرغم من انكشاف أمر تورطهم ومعرفة مدى انغماسهم في مخالفة قوانين الوظيفة العامة والاعترافات ضدهم ما يزالون طلقاء يمارسون مهامهم ولم تصدر بحقهم أوامر الملاحقة المطلوبة لمثولهم امام القضاء المختص كسائر الملاحقين بهذه التهمة، ما يطرح تساؤلات واستفسارات كثيرة حول هذه الازدواجية بتطبيق هذه الحملة، أم ان الملاحقة مستمرة حتى النهاية وستشمل الجميع من دون استثناء.

وبانتظار ما ستؤول إليه حملة مكافحة الفساد ومن ستشمله الملاحقات في الأيام القليلة المقبلة وما سيكشف داخل بئر الفساد المستشري منذ سنوات دون حسيب أو رقيب، يتوقف بنجاح الحملة ووصولها إلى خواتيمها المحمودة على أمرين الأوّل، ان تشمل جميع المتورطين ولا تستثني هذا الموظف أو ذاك لاعتبارات سياسية أو طائفية ومذهبية أو بضغط من هذه الجهة أو ذلك المرجع والثاني ان يتم تفعيل أجهزة الرقابة، القضائية والإدارية على اختلافها وتقوم بممارسة مهامها الرقابية في اكتشاف الفاسدين واحالتهم امام الجهات القضائية المختصة لمحاسبتهم.

وفي حال لم يتم الارتكاز إلى هذين الأمرين في عملية الملاحقة والمحاسبة، ستبقى حملة مكافحة الفساد شعاراً فضفاضاً بلا مفعول يترجم على أرض الواقع، وستبقى آفة الفساد مستشرية وتنخر جسم الإدارة العامة والمؤسسات على اختلافها بعيداً عن قبضة المحاسبة وتتكرر التجربة الفاشلة التي انطلقت بداية عهد الرئيس الأسبق اميل لحود تحت شعارات مزيفة وكاذبة وأسس ما سماه بغرفة الأوضاع بالقصر الجمهوري يومئذ وحولها إلى أداة قمعية لملاحقة بعض الموظفين الرئيسيين الناجحين في مراكزهم والمحسوبين على الرئيس الشهيد رفيق الحريري وزج بهم في السجن تحت ذرائع واهية وبأسلوب ديكتاتوري قمعي صرف في إطار عملية تصفية حسابات سياسية شخصية، انتهت إلى فشل ذريع وانقلبت على العهد كلّه، الذي انتهى إلى الفشل الذريع في كل مرافق الدولة ومؤسساتها والكاذبة وحصد نتيجتها اللبنانيون مزيداً من التردي الاقتصادي الذي يعانون منه اليوم.

وهناك من يخشى حاليا ان تتكرر تجربة عهد لحود الفاشلة بمكافحة «الفساد» المزيفة التي أطلقها في بداية عهده من جديد مع العهد الحالي من خلال توقف الملاحقة عند منع الملاحقة عن بعض الموظفين والقضاة والضباط المتورطين بقضايا الفساد والتي أصبحت اسماؤهم متداولة لدى الرأي العام ومثبتة بالاعترافات التي تدينهم لأنهم محسوبون على هذه الجهة أو تلك، عندها ستبوء هذه الحملة بالفشل الذريع وستكون بمثابة حملة موسمية ليس إلا، لامتصاص نقمة الرأي العام وليس للولوج إلى عملية الإصلاح الحقيقية التي يتوق إليها الشعب بعد استشراء الفساد وتآكل هيبة الدولة والمؤسسات وتراجع ادائها حتى الحضيض واهدار المال العام بلا حسيب أو رقيب.

ولذلك، لا يُمكن إعطاء انطباع نهائي حول مسار ونتائج حملة مكافحة الفساد هذه قبل إكتمال الإجراءات المتخذة ومن ستطالهم في النهاية وعندها يتم الحكم عليها سلباً أم إيجاباً.