IMLebanon

لبنان يستدرك تأخره في النفط والغاز بمحادثات ثلاثية

بدأ لبنان مسارا جديدا من أجل معالجة الخلاف مع إسرائيل على حدوده البحرية وعلى المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تخصه بالتوازي مع إجراءات تلزيم التنقيب عن الثروة النفطية والغازية التي تختزنها، والتي يتقاسمها مع قبرص وإسرائيل، ويتوزع منافعها مع اليونان التي دخلت هذا الميدان من زاوية مشروع إقامة أنبوب لتصدير الغاز إلى أوروبا يمر بشواطئها بالاشتراك مع قبرص وإسرائيل.

وبدأ المسؤولون اللبنانيون أول من أمس وأمس محادثات مثلثة الأضلاع مع كل من اليونان، بوجود الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس (Prokopis Pavlopoulos)، ووزير خارجية قبرص نيكوس كريستودوليدس (Nikos Christodoulides) في بيروت اللذين التقيا كبار المسؤولين اللبنانيين للبحث في الشراكة في الثروة النفطية والغازية في البحر الأبيض المتوسط، في ظل التنافس على إيجاد تجمع للدول التي يفترض أن تستثمر هذه الثروة، مع تشكيل “منتدى غاز شرق المتوسط” الذي يضم مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين، والذي يرفض لبنان الانضمام إليه بفعل وجود الدولة العبرية.

ويسعى لبنان إلى استلحاق التأخير في استكشاف ثروته النفطية والغازية، بعد أن سبقته إسرائيل وقبرص ومصر في ذلك وبدأت تنشأ أحلاف نفطية قد ترفع كلفة استثماره لثروته، أو تخفض قيمتها في موضوع التوريد والنقل.

ولقبرص دور في معالجة الخلاف على تحديد الحدود البحرية بينه وبين إسرائيل، نظرا إلى تداخل حقول الغاز الخاصة بها مع الحقول اللبنانية، ومع الإسرائيلية، إذ سبق لنيقوسيا أن وقعت اتفاقا مع الدولة العبرية على الحدود البحرية بينهما، يسلم بالخريطة الإسرائيلية التي تصادر أكثر من 860 كيلومتر مربع من المنطقة الاقتصادية الخالصة، الخاصة بلبنان، على رغم أن الجانب اللبناني كان وقع عام 2007 اتفاقا مع الجانب القبرصي حول الحدود البحرية معها تضمن له حدوده وحقوقه. واعترض لبنان لدى السلطات القبرصية على اتفاقها مع إسرائيل، وكذلك لدى الأمم المتحدة التي طالبها رسميا بالتوسط لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ولدى الولايات المتحدة الأميركية التي توسطت في هذا الشأن منذ سنوات عدة وتوصلت إلى مشروع يدعى “خط هوف” (نسبة إلى الوسيط الأميركي فريدريك هوف)، يقضي بحق لبنان أن يستثمر زهاء 60 في المئة من المنطقة المتنازع عليها، على أن تبقى المساحة المتبقية معلقة تمتنع إسرائيل عن التنقيب فيها في انتظار التفاوض بين الدولتين على الحدود البحرية. إلا أن الجانب اللبناني أبلغ المسؤولين الأميركيين عدم قبوله بهذه الصيغة التي عاد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد طرحها في شهر شباط (فبراير) من العام الماضي، ثم في زيارته الأخيرة إلى بيروت الشهر الماضي. لكن المسؤولين اللبنانيين لم يقبلوا فيها وذكر غير مصدر غربي مواكب للخلاف أن هناك اختلافا في الرؤية بين المسؤولين اللبنانيين حول طريقة معالجة الأمر.

وكان ساترفيلد أبلغ الجانب اللبناني خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، ثم أثناء زيارة وزير خارجيته مايك بومبيو، أن أحد الخيارات لمعالجة الخلاف على الحدود البحرية مع إسرائيل إعادة التفاوض الثلاثي اللبناني القبرصي الإسرائيلي، من أجل تصحيح الخرائط.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الحياة” إنه يبدو أن لبنان يسعى لتفعيل هذا لخيار، في المحادثات التي يجريها الوزير القبرصي كريستودوليدس في بيروت بالتزامن مع الرئيس اليوناني.

وكان الوزير القبرصي التقى أول من أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عو، واجتمع أمس إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي تناول معه الحدود البحرية فأبدى تأييده لموقف لبنان بالنسبة لهذا الموضوع.

وكما التقى رئيس الحكومة سعد الحريري في حضور الوزير السابق الدكتور غطاس الخوري. وتناول اللقاء سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، على الصعيد الاقتصادي والتجاري والسياحي، والأوضاع في المنطقة عموما. وقال كريستودوليدس: “نحن دولتان قريبتان جدا من بعضهما البعض وأجرينا تبادلا ممتازا لوجهات النظر، وناقشنا بشكل أساسي مسألة تطوير قطاع الطاقة في منطقتنا، وكيف يمكن لدولتينا أن تعملا معا من أجل ترويج اهتماماتنا المشتركة، لما فيه مصلحة شعبينا”.

وعقد الوزير القبرصي اجتماعا مع وزير الخارجية جبران باسيل شارك في وزير الطاقة والتجارة والصناعة القبرصي يورغوس لاكورتريبس، ونظيرته اللبنانية ندى بستاني وفريق موسع من الجانبين.