IMLebanon

لبنان المأزوم اقتصاديا يبحث عن تحالفات غازية بعيدا عن إسرائيل

يعوّل لبنان على الاستكشافات الغازية والنفطية وتعزيز التعاون مع دول شرق المتوسط وخاصة قبرص واليونان للاستثمار في مجال الطاقة، كإحدى الخطوات الضرورية لمعالجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يتخبط فيه البلد منذ سنوات، وسط مخاوف جدية من حدوث أزمة شبيهة بتلك التي عايشها اليونان في العام 2010.

ويبقى التعاون، الذي يأمل فيه لبنان مع اليونان وقبرص أو غيرهما من البلدان الواقعة شرق المتوسط، محكوما بجملة من الشروط أهمها عدم الانضمام إلى أي حلف توجد فيه إسرائيل التي يخوض معها نزاعا على الحدود البحرية.

ويدور صراع بين إسرائيل ولبنان منذ سنوات على منطقة في شكل مثلث على الحدود البحرية تصل مساحتها إلى 854 كيلومترا مربعا تقع ضمن حقل غاز ضخم اكتشف شرق المتوسط في العام 2009، وتقدر مساحته بـ83 ألف كيلومتر مربع.

وتدعي إسرائيل أحقيتها في هذا المثلث الذي تم تقسيمه إلى عشر مناطق أو بلوكات. الأمر الذي يرفضه لبنان بشكل مطلق معتبرا أنه يقع في المنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة له.

وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون في مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس في بيروت الخميس رفض بلاده الانضمام إلى أي منتدى أو آلية تعاون تشارك فيها إسرائيل.

وشدد الرئيس عون، على حق لبنان في استخراج النفط والغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخاصة، مؤكدا “رفض الانضمام إلى أي منتدى أو آلية تعاون تشارك فيها إسرائيل، لاسيما منتدى غاز شرق المتوسط”.

وكانت العاصمة المصرية، احتضنت في يناير الماضي اجتماعا دوليا بمشاركة إسرائيل، أعلن فيه عن توافق لإنشاء “منتدى غاز شرق المتوسط”، تكون القاهرة مقرا له.

ويشارك في المنتدى كل من مصر وإسرائيل واليونان وقبرص وإيطاليا والأردن وفلسطين، على أن تكون العضوية مفتوحة لمن يرغب بذلك.

ويعد منتدى غاز شرق المتوسط فرصة للدول المتوسطية لتحقيق تعاون أشمل في ما بينها، خصوصا مع وجود احتياطات كبيرة من الغاز في هذه المنطقة، حيث تقدر بنحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

ووفق البيان التأسيسي يهدف المنتدى إلى إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الدول الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية.

ويرى مراقبون أن الموقف اللبناني الرافض للانضمام إلى هذا المنتدى ليس فقط وليد النزاع الحدودي مع إسرائيل، بل أيضا لوجود قوى تتحكم في المشهد السياسي في لبنان، على غرار حزب الله، ترفض بالمطلق هكذا خطوة، وتتعاطى من منطلق مصالح رعاتها الإقليميين (إيران) وليس من مصلحة لبنان العليا.

وتسعى الولايات المتحدة إلى إيجاد تسوية للنزاع الحدودي بين إسرائيل ولبنان، وشكل هذا الملف أحد المحاور الرئيسية التي قادت وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت في مارس الماضي، بيد أن العروض الأميركية إلى حد الآن لا تلقى استجابة من المسؤولين اللبنانيين الذين يرون أنها تصب في صالح إسرائيل.

وكانت واشنطن عرضت على لبنان مقترحا يقضي بتقاسم البلوك 9 بنسبة 60 بالمئة للبنان و40 بالمئة لإسرائيل.

ويرى البعض من الفاعلين السياسيين اللبنانيين أن الوضع قد يتغيّر خاصة إذا ما تم التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن النزاع الحدودي، بيد أن ذلك لن يحصل على المدى القريب.

وقال الرئيس اللبناني خلال المؤتمر الصحافي مع نظيره اليوناني “نتطلّع إلى لقاء القمة بين لبنان واليونان وقبرص الذي ستستضيفه العاصمة القبرصية لتوطيد مختلف أوجه التعاون، وهو تعاون توطد مع اللقاء الوزاري الثلاثي في بيروت ويواكبه ممثلون عن القطاع الخاص في الدول الثلاث، ما يشكل جسر تواصل خصوصا إذا ما تشاركنا الخبرات في مجال قوانين البحار”.

وبالتزامن مع لقاء الرئيسين اللبناني واليوناني، جرت مباحثات بين وزيري خارجية لبنان جبران باسيل وقبرص نيكوس كريستودوليديس، الذي أكد أن بلاده لن تشارك في أي عمل يخرق السيادة اللبنانية، فيما بدا ردا على رسائل باسيل إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسة الجمعية العامة، والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وإلى وزراء خارجية قبرص، واليونان، وإيطاليا بخصوص مشروع مد خط أنابيب غاز بين إسرائيل، وقبرص، واليونان، ومن ثم إلى إيطاليا.

ونبّه باسيل في رسائله إلى “عدم المس بحقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخاصة، ووجوب الاحتكام إلى القوانين الدولية الخاصة بالبحار والإحداثيات التي أرسلها لبنان إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة”. وأكد أن “لبنان لن يسمح بالتعدي على حقوقه وسيادته”.