IMLebanon

التنافس الإنتر-مسيحي إلى إزدياد

كتب أنطوان الاسمر في صحيفة “اللواء”:

قد تكون العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الأكثر إشكالية في الحياة السياسية الراهنة، بالنظر الى الإلتباسات التي لا تزال تحيط بها منذ نحو 3 عقود، مع عدم إغفال حقيقة أنها شهدت في فترات متقطعة تكاملا في الحراك السياسي المقاوم في آن للوصاية السورية وللسلطة الملحقة بهذه الوصاية والتي تعمّدت تهميش الجماعة المسيحية على إمتداد حكم دمشق المباشر وبالوكالة.

بات شائعا ومعروفا مردّ التذبذب في العلاقة، من إختلاف المقاربات وإفتراق المسارات، الى التناقض في القراءات السياسية، وليس إنتهاء، وهنا بيت القصيد، بالتنافس الإنتر- مسيحي، لا سيما منذ أن جعلت قيادة القوات وراثة تيار ميشال عون وإستمالة ناقمين أو معترضين أو مفصولين، هدفا رئيسيا لها كملحق سري بدا كأنها أدرجته هي من جانب واحد في وثيقة تفاهم معراب.

إتخذ هذا الإستنفار القواتي للوراثة والإستمالة، بادئ ذي بدء، مساحة في حكومة العهد الأولى، ليتحوّل تباعا الى سباق مع الوقت، وصولا الى إتخاذه مساحة قصوى قبيل الإنتخابات وفي أثنائها، ومن ثم في الحكومة الراهنة.

بدا من التكتيك الذي اعتمدته قيادة القوات، أولا في تحديد حجم حصتها الوزارية، ومن ثم تسمية وزرائها، وهم من الصقور، انها تتحضّر لجولة جديدة من العنف (المجازي) السياسي مع التيار الوطني الحر، لمجموعة من الأسباب في مقدمها أن حكومة العهد الثانية والأخيرة، أي حكومة الأربع سنوات، ستكون الممهدة لإستحقاقين مفصليين: الإنتخابات النيابية ربيع 2022 والإنتخاب الرئاسي في خريف السنة نفسها. وكلا الإستحقاقين بالغا الأهمية للفريقين، فيما تراهن القوات على إستقطاب فئات جديدة من المقترعين وعلى نسج تحالفات سياسية تخوّل أن يكون رئيسها سمير جعجع مرشحا وازنا في الإستحقاق الرئاسي، مع أخذها في الإعتبار، بطبيعة الحال، أهمية تأثير العامل الخارجي في هذا الإستحقاق.

ويقوم التكتيك القواتي على المناكفة في كل شاردة وواردة تخص التيار أو تتصل به، من الكهرباء الى النفط والغاز والنازحين والسياستين الخارجية والدفاعية، وفي كل حراك سياسي داخلي يقْدم عليه التيار، بالتوازي مع إستنفار كامل على مستوى النواب والوزراء والقيادات السياسية الإعلامية والجيش الإلكتروني الذي عادة ما يقوم بمهام محددة بالنيابة عن الكوادر السياسية وخصوصا تلك التي يُراد لها أن تكون في مواجهة التيار الوطني الحر، إنما بالمواراة. هذا ما حصل، على سبيل المثال، إبان الجلسة ما قبل الأخيرة، حين حظي ملف الكهرباء بحضور طاغ في مواقع التواصل الإجتماعي عبر الجيش الإلكتروني، فيما تراجع حضوره الى الحدود الدنيا عند الكوادر السياسية.

وكان آخر تجليات هذا العراك السياسي البند التاسع في جلسة مجلس الوزراء الخميس، حين إتّهمت القوات التيار بالكيد السياسي على خلفية رفض تمرير لائحة تعيينات غير واضحة المعالم، تغيب عنها آلية تسمية المعنيين – المحظيين والكلفة والمهام، وهو ما إعتُبر خطوة قواتية ناقصة، في وقت تخوض معراب حرب مكافحة الفساد على جبهات التيار حصرا، وهنا بيت القصيد. إذ ثمة يقين لدى قيادة التيار أن القوات تتعمّد، لغايات سياسية على الغالب، الإبتعاد عن أي مساءلة أو مراقبة لكثير من الملفات الدسمة التي تحفل بها وزارات تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي وحركة أمل، وحتى تيار المردة، من وزارة الإتصالات التي إن فُتحت لما أُقفلت، بقديمها وجديدها، إلا على ما هو أدهى من المليارات الطائرة، الى الأشغال (ما قبل الإنتخابات وما بعدها) وليس إنتهاء بوزارات المال والتربية والزراعة.