IMLebanon

تمديد العمل بالقانون رقم 288 تجاوز دستوري؟!

كتبت د. مازن ع. خطاب في صحيفة “اللواء”:

أحالت الحكومة مشروع قانون معجّل بتمديد العمل بالقانون 288 لعام 2014 الخاص بتنظيم قطاع الكهرباء الى مجلس النواب، الذي احاله بدوره الى لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه لدراسته.

في الأساس اتى القانون رقم 288 لعام 2014 لتعديل القانون الأساسي رقم 462 تاريخ 2002 في المادة السابعة منه عبر إضافة فقرة اليها. وكان نص المادة السابعة قبل التعديل في القانون 462 كما يلي: «تنشأ بموجب هذا القانون هيئة تسمى «هيئة تنظيم قطاع الكهرباء» تتولى تنظيم ورقابة شؤون الكهرباء وفقا لأحكام هذا القانون وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال الفني والإداري والمالي ويكون مركزها في مدينة بيروت. لا تخضع الهيئة لأحكام المرسوم رقم 4517 تاريخ 13 كانون الأول 1972 (النظام العام للمؤسسات العامة)».

ثم جاء القانون 288 بتاريخ 30 نيسان 2014 ليضيف الفقرة التالية على المادة السابعة: «بصورة مؤقتة، ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة واضطلاعها بمهامها، تمنح أذونات وتراخيص الإنتاج بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية».

بعد ذلك، أقرّ مجلس النواب القانون رقم 54 بتاريخ 24 تشرين الثاني 2015 الذي نصّ على انّه «يمدد العمل بأحكام الفقرة الاخيرة من هذه المادة لمدة سنتين إضافيتين اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة القانون 288 […]».

وفي ما يلي نص مشروع القانون الذي احالته الحكومة إلى المجلس بتمديد العمل بالقانون رقم 288 لعام 2014: «المادة الاولى: يمدّد العمل بأحكام القانون 288 تاريخ 30/4/2014 لمدة ثلاث سنوات. المادة الثانية: تلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والانتاج والتشغيل والتسليم إلى الدولة بعد فترة زمنية بشروط تحدد بتفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعده وزارة الطاقة والمياه. يستثنى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق احكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها […]».

بهذا، يحمل مشروع القانون المُقترح عدّة إشكاليات، اوّلها أن التمديد المتكرر للقانون 288 يكرّس مبدأ التمديد دون اجل مما يتعارض مع الصفة المؤقتّة لما جاء في الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة السابعة منه، وبالتالي القبول بالتمديد يعني ضرب القانون رقم 462 وصرف الاستعجال في تأليف «هيئة تنظيم قطاع الكهرباء»، على اقلّه لمدة 3 سنوات من تاريخ انتهاء مدة القانون 288 لعام 2014

الإشكالية الثانية هي في إقرار تلزيم مشاريع الكهرباء على طريقة الـ «BOT» بالشكل المقترح – أي بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية – ممّا يعني تخطّي إدارة المناقصات، بالرغم من وجود اقتراح قانون في المجلس النيابي لإخضاع كل الصفقات العمومية لإدارة المناقصات. وإذا اقرّ القانون في مجلس النواب سيفتح المجال لتلزيم المشاريع القادمة في قطاعات مختلفة بنفس الطريقة، وهو ما جاء في طلب الوزير باسيل خلال مناقشة المشروع بأن تنسحب الصيغة التي تم الاتفاق عليها على كل الوزارات.

الإشكالية الثالثة تمثّلت في استثناء المناقصات بحسب الـ «BOT» من احكام قانون المحاسبة العمومية بحجة ان هناك تناقضات في نصوص قانون المحاسبة العمومية مع نصوص التلزيم في عقود الـ «BOT»، علماً بأن الأصول الاجرائية لتنظيم وتلزيم المناقصات بالمطلق التي يوضحها نظام إدارة المناقصات لا تتعارض مع أي عقد ومهما كان نوعه.

والاخطر من ذلك كلّه هو مخالفة مشروع القانون المقترح للمادة 89 من الدستور والتي تنصّ على انه «لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلّا بموجب قانون والى زمن محدود». لذلك لا يجوز تلزيم معامل الكهرباء ضمن قانون ينبثق عن تجديد العمل بالقانون رقم 288 بينما هذا النوع من العقود يفترض أن يقر بقانون مستقل. كما لا يجوز عدم تحديد مدةّ العقود في القانون نفسه، وكأن الحكومة تعطي نفسها إجازة شاملة ولمدة غير محددة بشكل واضح.

أمّا بالنسبة للمشاكل التي قد تنتج عن عقود الـ «BOT»، من المفيد التذكير بما حصل في قطاع الاتصالات عندما ابرمت الدولة اللبنانية عقود «BOT» مع شركتي الخليوي في العام 1994 بناءً الى قرار مجلس الوزراء رقم 17 لعام 1994 حينها حدثت مخالفات عديدة أبرزها عدم تقيد الشركتين بدفع مستحقات الدولة الشهرية خلال المهلة المحددة، وعدم احتساب حصة الدولة على أساس جميع الإيرادات.

يبقى السؤال عن استعداد اللبنانيين ومن يمثّلونهم لتجاوز الدستور بهدف محاولة تنظيم (أو تمييع) قطاع الكهرباء المُعتلّ منذ أكثر من عقد ونصف العقد!؟