IMLebanon

الردّ الإيراني على العقوبات: الانحناء لتمرير العاصفة!

كتب رلى موفّق في صحيفة “اللواء”:

رفعت واشنطن من سقف المواجهة مع طهران مع إعلانها دخول العقوبات الاميركية بدءًا من الثاني من أيار المقبل مرحلة «تصفير صادرات النفط الإيراني» بإعلانها إنهاء الإعفاءات التي منحتها قبل ستة أشهر لثماني دول في فترة سماح للبحث عن بدائل استيراد النفط من إيران. إجراء لاقى إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب الذي شكل خطوة تصعيدية غير مسبوقة هي الأخرى. ذروة الضغوط الأميركية فتحت باب التكهنات حيال كيفية الرد الإيراني والوسائل التي ستلجأ إليها إيران والساحات التي ستستخدمها.

وتحدث مؤيدو المحور الإيراني عن «سيناريوهات» عدة تبدأ من إقفال لمضيق هرمز ولا تنتهي عند حرب عسكرية. لكن المعطيات المتوافرة من مطلعين على مقاربة طهران للوقائع الجديدة تؤشر إلى أن النظام الإيراني اتخذ مسار الانحناء لتمرير العاصفة، بما يؤول إلى «إفشال» الأهداف الأميركية. عنوان هذه المرحلة هو الصمود أو «الصبر الاستراتيجي»، وما يستدعي ذلك من عدم الذهاب إلى خطوات استفزازية يمكن أن تؤلب المجتمع الدولي عليه، على غرار تهديد الملاحة الدولية أو الدخول في احتكاكات عسكرية الطابع  قد تفضي إلى حرب غير محسوبة النتائج.

خطة طهران هي منع نجاح إدارة ترامب في تصفير صادرات نفطها. هي تعوّل على قدرة تصدير 900 ألف برميل يومياً من أصل صادراتها السابقة المقدرة بمليون و700 ألف برميل يومياً، وذلك عبر شبكة معقدة من العلاقات والسوق السوداء، ورهان على الصين. بالنسبة إليها، فإن هذه الكمية كافية لتأمين الحد الأدنى من صمودها، على أقله في الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة، والتي هي، وفق قراءة حلفاء إيران «فترة اختبار» لاستراتيجية ترامب، وما إذا كان بإمكانها أن تحدث تحوّلات كبرى في الوقائع والأحداث في المنطقة، ولا سيما أنها تشتمل على التوجه القوي لطرح خطة السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل (صفقة القرن في توصيف المناوئين).

لا شك أن أميركا وحلفاءها وإيران وحلفاءها يراهنون على عامل الوقت. غير أن المعادلة الإيرانية تستند إلى أن الوقت لصالحها ويلعب ضد مصلحة الرئيس الأميركي. منطلقها أن التطورات في العالم والمنطقة هي تطورات متحركة على الدوام، ولا يمكن ضمان نتائجها. وبالتالي، فإن الرئيس الأميركي على وشك إحداث تبدّل قوي في قدرة إيران تشل حركتها وتجعلها في موقع الدفاع فالوهن. وبغير تلك النتيجة، لا يكون قد حقق الانتصار الذي يريد من حيث اخضاعها وإضعاف نفوذها والاتيان بها على طاولة المفاوضات بشروطه.

على أن هدف طهران بالصمود لتمرير العاصفة لا يعني المهادنة. المطلعون على مقاربتها يبدون حازمين من أن إجراءات واشنطن الموجعة لن تمر دون رسائل مضادة ومقابلة بمستوى الألم نفسه، وبأن المسألة هي مسألة وقت من أجل الرد المناسب، فالساحات وأوراق القوة بيدها عديدة، وإمكاناتها على توجيه رسائل المقابلة موجودة، لكن الحسابات لا بد من أن تأخذ بالحسبان اللحظة والتداعيات، بحيث لا تتحوّل استدراجاً ونوعاً من الفخ لها، بل أن تفعل فعلهاً وترتد عليه سلباً سياسياً وشعبياً، لا سيما أنه سيكون بدءاً من الخريف قد أضحى يدور في فلك ضرورات الحملة الانتخابية ومتطلباتها ومحاذير الدعسات الناقصة أو الاحداث غير الشعبية.

والرد، من وجهة نظر هؤلاء، لن يقتصر على أميركا ومصالحها، بل سيطال شريكيها، السعودية والإمارات، التي تعتبر طهران أن مساندتهما الإجراء الأميركي عبر تعويض النفط الإيراني وفّر ليونة تطبيق أساسية لقرار ترامب. لكن اللافت في معطيات منظري المحور الإيراني إشارتهم الى احتمالات احتكاكات مباشرة مع التحالف السعودي – الإماراتي.

على أن أميركا وحلفاءها في المنطقة يضعان في الحسابات احتمالات الرد الإيراني. في معلومات المقربين من الإدارة الأميركية أن السيناريوهات المحتملة أو الأكثر ترجيحاً هي تنفيذ أعمال إرهابية محددة. وقد لا تقتصر الساحات على العراق أو أفغانستان بل قد تطال مصالح أميركية في أميركا اللاتينية. لكن إقدام إيران أو أذرعها العسكرية أو خلاياها الأمنية على أي عملية من هذا القبيل ضد القوات أو المصالح الأميركية يعني أنها فتحت الباب واسعاً أمام ترامب من أجل الذهاب إلى استخدام أكبر وأشمل لسلاح العقوبات أولا، بحيث يتم فرض حصار كلي على إيران، ستكون أولى خطواتها الحظر الجوي للطيران بما يؤدي إلى مزيد من خنقها على مختلف المستويات، ويضعها في مواجهة داخلية وإزاء شعبها. هذا لا يعني استبعاد نوع من الرد العسكري، لكنه سيكون رداً عقابياً على العمل الإرهابي، الذي يعزز قناعته واستراتيجيته القائمة على رعاية إيران للإرهاب وتشكليها خطراً على الأميركيين كما على الأمن والسلم في المنطقة كما في العالم، وصوابية فرض عقوبات عليها والحد من نفوذها وتغيير سلوك نظامها!