IMLebanon

الراعي يؤكد في جنازة صفير على إكمال مسيرة بكركي

كتب انطوان غطاس صعب في صحيفة “اللواء”:

لا يزال البلد يعيش مرحلة التأثّر لغياب البطريرك مار نصرالله بطرس صفير وفي الوقت عينه فإنّه وفي يوم جنازته جسّد الوحدة الوطنية وأرسى المبادئ السياسية والاستقلالية في ظل هذا التنوّع الذي شارك في يوم بكركي الكبير.

وبالتالي هناك أحاديث في الصالونات السياسية إلى تقاطع معلومات حول إمكانية قيام معارضة من قوى سياسية وشخصيات مستقلة كانت في مرحلة ما تنضوي في فريق الرابع عشر من آذار وباتت خارج السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولكنّ هذه المعارضة وفق المتابعين للقاءات بعض شخصياتها وممّن يضعون هيكليتها ومبادئها بأنّها لن تكون بعيدة عن القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وسائر القوى التي كانت في 14 آذار وإن كان هناك تباينات حول عناوين سياسية واقتصادية وغيرها، إنّما هذه المعارضة هي ضمن الثوابت السيادية في ضوء ما يجري على الساحة الداخلية من استهدافات لرموز وطنية وروحية، إضافةً إلى أنّها تسعى لمواجهة من يسعون لعودة لبنان ساحة منصة.

 

ولكن في موازاة ذلك ستبقى بكركي بالمرصاد دفاعًا عن سيادة لبنان واستقلاله وهذا ما ظهر جليًّا من خلال كلمة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يوم جنازة البطريرك صفير وصولاً إلى مواقفه المحصّنة للمسيحيين وللبنانيين بشكل عام، ممّا يؤكّد بما لا يقبل الشك أنّ بكركي لن تكون مكسر عصا لأحد بل البطريرك الراعي عامل أمان واستقرار ودعم للوجود المسيحي التاريخي في هذا الشرق ولكل اللبنانيين من خلال مواقفه الصلبة والصارمة والتي حظيت بتقدير اللبنانيين، وتبقى الآمال معلّقة عليه لما يتمتّع به من صلابة في الموقف وحكمة في معالجة كل الملفات والأوضاع على الساحتين المسيحية والوطنية.

وعلى خطّ آخر، فإنّ الحكومة وعلى إيقاع مناقشتها للموازنة فهي في الوقت عينه تسعى لتحصين الساحة الداخلية أمام تطورات وأحداث المنطقة وخصوصًا ما جرى مؤخرًا في سوريا من أحداث وتطورات ميدانية بالغة الخطورة، وعلى هذا الأساس فإنّ رئيس الحكومة يسعى من خلال علاقاته لتمتين الجبهة الداخلية في ظل ما يحصل من تطورات جد خطيرة على المستوى الإقليمي إن في مياه الخليج أو في سوريا وذلك بات يستدعي توافقًا سياسيًّا من جميع الأطراف على اعتماد سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن هذه الصراعات في الإقليم، وذلك ما يتم عبر اتصالات ومشاورات دائمة مع عواصم القرار وحيث هناك تأكيد يُنقل عن دبلوماسيين غربيين أنّه وفي موازاة هذا التوتر البالغ الخطورة في المنطقة فإنّ المجتمع الدولي لن يقبل بأن يكون لبنان دولة لتصفية الحسابات في هذه المرحلة بالذات وحيث يتواجد على أرضه أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري، وصولاً إلى أوضاعه الاقتصادية المزرية والانقسامات السياسية بين القوى السياسية والحزبية اللبنانية.

وبناءً عليه فإنّ تحييد لبنان لازال قرارًا ساري المفعول من قبل سائر عواصم القرار، ولكن تبقى الخطورة قائمة في حال اشتعلت حرب ما في المنطقة وإن كان ذلك حتى الآن احتمالاً ضئيلاً ولكنّ كل الاحتمالات تبقى واردة في حال حصل حادث كبير من شأنه أن يؤجّج هذا الصراع الحالي وينتقل إلى مرحلة التحولات والمتغيرات في أكثر من دولة لاسيما بعد الذي جرى في الخرطوم، إلى طهران حيث بات التأزّم بين طهران وواشنطن يذكّر بمرحلة الخلافات مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وما سبق ذلك من مناورات سياسية وصولاً إلى الحرب وما جرى بعدها في العراق من حروب لازالت قائمة حتى اليوم.

من هنا، يبقى أنّ لبنان ومن خلال حكومته يسعى في هذه المرحلة إلى إنهاء النقاش من الموازنة لما تشكّل من استقرار سياسي ومالي واقتصادي إضافةً إلى استمرار الاتصالات قائمة مع المسؤولين الدوليين والأمميين بعيدًا عن نيران هذه الحروب المشتعلة، وبالتالي ثمة تطمينات تصب في هذا السياق خصوصًا ما يحظى به الجيش اللبناني من دعم دولي وما زيارة قائده العماد جوزف عون إلا مؤشر على هذا الدعم نظرًا لما يتمتّع به الجيش من قدرات قتالية ولوجستية إضافةً إلى دور سائر الأجهزة الأمنية المختصة.