IMLebanon

أبو فاعور وبطيش: القرارات الحمائية للصناعة رؤية جديدة للاقتصاد

عقدت جمعية الصناعيين مؤتمرا صحافيا مشتركا تناول القرارات الوزارية الخاصة بتحفيز الصناعة الوطنية، بمشاركة وزيري الصناعة وائل أبو فاعور والاقتصاد والتجارة منصور بطيش ورئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل وفي حضور النواب: نعمة إفرام، ميشال ضاهر، نزيه نجم وشوقي الدكاش ونقولا نحاس ومحمد سليمان وممثل عن النائب فؤاد مخزومي وأعضاء مجلس الادارة في الجمعية ورؤساء تجمعات ونقابات صناعية.

وأشار أبو فاعور إلى أن “القرارات الحمائية ستصب لمصلحة الاقتصاد المتكامل وهي قانونية ومحقة وغير عشوائية واتخذت بناء على شكاوى قدمها الصناعيون ضد الإغراق والمنافسة غير المشروعة”.

وأضاف: “إنها قرارات استراتيجية تمثل رؤية جديدة للاقتصاد، وآمل أن تشكل قطيعة مع النظرة الاقتصادية القديمة وان يؤسس قرار فرض الرسوم النوعية على المستوردات لمرحلة جديدة لكل القطاعات الانتاجية. ونحن في هذا القرار انما ننحاز الى جانب الصناعة كقطاع اساسي يؤمن النهوض والنمو وفرص العمل. فالأزمة التي تواجه الصناعة ولاسيما على صعيد اغلاق بعض المصانع انما لها انعكاسات سلبية وكارثية على الاقتصاد والمجتمع وعلى سوق العمل. انحيازنا اذا الى فكرة الانتاج وردم الهوة في الميزان التجاري وتأمين فرص التنمية الاجتماعية وكل ذلك عبر الصناعة. نشهد بروز عمالقة صناعيين في الدول المجاورة لأنها تؤمن حوافز جذابة جدا للاستثمار الصناعي، ولهذا السبب يذهب الصناعيون اللبنانيون الى هذه الدول للاستفادة من هذه الفرص في ظل غياب الحوافز في لبنان فهذه البلدان ترفع القطاع الصناعي الى الموقع الذي يستحقه، وهذا ما عملنا من اجله في هذه المرحلة”.

وتابع: “حكي ان هذه الاجراءات ستؤدي الى التضخم والى ارتفاع الاسعار والى الاحتكار. نرد على ذلك بالقول ان هذا الامر لن يحصل وهو غير صحيح. فقرار فرض رسوم نوعية على عشرين قطاعا وسلعة مستوردة ينتج مثيل لها في لبنان انما جاء نتيجة شكاوى تقدم بها المعنيون الى وزارة الاقتصاد والتجارة وبينوا فيها تعرض منتجاتهم للاغراق والمنافسة غير الشرعية. وقبلت هذه الطلبات بعد التحقق بها ودراستها بشكل موضوعي وبعد الاستماع الى المعنيين ومن بينهم التجار ايضا. ولجنة التحقق في وزارة الاقتصاد تضم ممثلين عن وزارات وادارات أخرى وهي بمثابة محكمة تصدر قرارها بعد التأكد من الشكوى واثبات احقيتها. لم تكن قرارات فرض الرسوم النوعية قرارات عشوائية، انما اتخذت بناء على دراسات مستفيضة ووفق آلية قانونية. ما قمنا به اذا يأتي في السياق القانوني والمحق. واليوم توفر القرار السياسي لاجراءات الحماية للقطاع الصناعي”.

وأوضح ان “المشكلة الحقيقية التي تواجه الصناعة والتجارة معا انما تكمن بالتجارة غير المشروعة التي اذا ما استمرت فانها تؤذي الاقتصاد اللبناني ككل”، مشيرا إلى أن “وزارة الاقتصاد والتجارة والادارات المسؤولة ستضمن المراقبة وعدم رفع الاسعار وعدم الاحتكار”.

وختم: “استمعت الدولة اللبنانية الى صرخة الصناعيين التي اطلقوها قبل شهرين، واخذت قرارات الحماية لها. على الصناعة والصناعيين اليوم ان يثبتوا انهم على مستوى المسؤولية. الكرة في ملعب الصناعي إذا. وأدعوهم في هذه المناسبة الى تلقف الرسالة الايجابية من قبل الدولة، ويتشجعوا على زيادة الاستثمار والانتاج والتوظيف في القطاع الصناعي. وستظل الدولة الى جانبهم من خلال المزيد من الاجراءات التي بحوزتها”.

من جهته، قال بطيش: “وجودنا بينكم وقفة تضامن وإيمان بالصناعة اللبنانية ومن خلالها، بكل قطاعات الإنتاج. نلتقي وقد قطعنا شوطا كبيرا في إقرار موازنة إتخذت فيها سلسلة إجراءات تشكل خطوات ثابتة على طريق تخفيض العجزين المالي والتجاري. وهي ربما المرة الأولى في تاريخ لبنان ينظر فيها الى الإقتصاد ككل متكامل ومترابط”.

وأضاف: لسنا هنا، لنستعرض إنجازات في معركة خضناها معا. فهذه أقل واجباتنا. لكننا هنا لنؤكد انحيازنا التام والحازم لكل الإنتاج المحلي، وفي مقدمه الصناعة الوطنية، وهو خيار سياسي واقتصادي والأهم هو خيار وطني. لا أكشف سرا إن قلت أن هنالك قناعة مزمنة لدى بعضهم بغياب جدوى وأهمية الصناعة المحلية، وأنه يصعب على لبنان أن يكون بلدا صناعيا. لكنني، ومعي تكتل لبنان القوي، كما عدد غير قليل من الزملاء الوزراء، وفي طليعتهم وزير الصناعة وائل أبو فاعور، نؤمن أن لا قيامة لاقتصاد بلد، ولا استقرار اجتماعيا إلا من خلال النهوض بقطاعات الإنتاج وتعزيز قدراتها في كل المجالات: صناعة، زراعة، سياحة، خدمات وأعمالا حرفية واقتصاد معرفة. ومتى توافرت الإرادات، وجدت السبل”.

وتابع: “لقد حاولنا في هذه الموازنة وضع خطوط عريضة تسهم في تحفيز الصناعة عبر إجرائيين وقائيين safeguard measures يمكن اعتمادهما في حالات مماثلة للبنان حيث ميزان المدفوعات في عجز مستدام منذ العام 2011:

– الأول فرض نسبة 2 بالمئة على كل المستوردات ما عدا الأدوية والسيارات الصديقة للبيئة، والمواد الأولية التي تدخل في الصناعة والزراعة.

– والإجراء الثاني فرض رسم نوعي على عشرين منتج يتعرضون للمنافسة غير المشروعة والإغراق. فالاستيراد الإغراقي مرفوض عالميا، منعا لزعزعة إقتصاد الدولة المعنية.

وشدد على ان “هاجسنا تحفيز قطاعات الإنتاج المحلية، والصناعية منها بشكل خاص، تحريك العجلة الإقتصادية، وزيادة حجم الصادرات بما يخلق فرص عمل مستدامة. وبديهي القول، أن الصناعة محرك لعشرات القطاعات الأخرى والمهن الحرة والتجارة الداخلية والخارجية (استيـرادا وتصديرا)”.

وختم: “أعرف عزيمة معظم الصناعيين اللبنانيين وتضحياتهم أحيانا بالإستثمار والصمود في أحلك الظروف. وحرصا مني على هؤلاء الصناعيين، أتمنى ألا يبقى بين صفوفكم من يلتحف غطاء الصناعة فيأخذ منها ولا يضيف إليها. ولنا في القروض المدعومة ومصير بعضها ومسارها مثال غير مشجع. كما لنا في تخفيض عديد العمالة اللبنانية مثال آخر”.

بدوره، اعتبر الجميل أن “القرارات التي اتخذت لطالما انتظرناها لاحقاق الحق وإعادة الاعتبار لصناعتنا وصناعيينا واقتصادنا الوطني”. وشكر “الحكومة اللبنانية ورئيسها سعد الحريري على ما تم اقراره في مشروع الموازنة العامة من إجراءات تهدف الى وقف الاغراق واستباحة صناعتنا وأسواقنا وتحفيز القطاع الصناعي”. وخص بالشكر “الوزيرين الصديقين منصور بطيش ووائل أبو فاعور اللذين كان لديهما الحزم والجرأة منذ تسلمهما مهامهما في مناصرة القضية الصناعية، واليوم يتجلى ذلك بوضوح في تضمين مشروع الموازنة العامة رسوما نوعية على 20 سلعة مستوردة تغرق السوق اللبنانية وتقضي على صناعات لبنانية مماثلة، ورسم الـ2 في المئة على الاستيراد”.

كما هنأ “جميع الصناعيين على هذا الانجاز الكبير الذي يؤسس لمرحلة واعدة طال انتظارها بعد نضال طويل قادته جمعية الصناعيين بالتعاون مع الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الصناعة”.

وقال: “بالنسبة لنا كصناعيين، نعتبر ان هذا الموضوع يمثل انجازا عظيما، وأبعاده تتخطى الاستفادة المباشرة من القرارات، والتي تتمثل بالنسبة للرسوم الوقائية بوقف الاغراق الذي يقضي على الكثير من صناعاتنا، وتتمثل بالنسبة للرسم 2 في المئة على الاستيراد، بتوفير التمويل والذي تم تحديده بـ35 في المئة من الاموال التي تجبى من هذا الرسم، لتحفيز القطاع الصناعي ودعم قطاع الاسكان”.

ورأى ان هذا “الانجاز العظيم يتمثل بإعادة اعتبار الدولة للقطاعات الانتاجية لا سيما القطاع الصناعي لأننا فعلا بدأنا نشعر ان هناك تعاطيا جديدا ونظرة جديدة تجاه القطاع الصناعي كونه يشكل ركيزة اقتصادية واجتماعية اساسية في حياة البلد. إننا على ثقة ان هذه القناعة سيكون من أبرز نتائجها قيام الدولة باتخاذ مختلف الاجراءات الكفيلة بتحفيز القطاع، ومنع المنافسة غير المشروعة، والعمل على حسن تطبيق الاتفاقيات التجارية التي وقعها لبنان، ودعم الصادرات الصناعية، وغير ذلك من اجراءات من شأنها خلق بيئة حاضنة للصناعة الوطنية”.

وأضاف: “لا بد ان نعطي الحق لأهله، لنقول ان هذا التغيير بدأنا نلمسه منذ مدة، وقد تم التعبير عنه بوضوح من قبل الرئيس ميشال عون، والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، ومن مختلف الكتل النيابية، وتوج هذا الأمر بالرؤية التي وضعتها شركة “ماكنزي” التي أكدت على وجوب اعطاء الأولوية للقطاعات الانتاجية وخصوصا القطاع الصناعي للنهوض بالاقتصاد الوطني”.

وشدد على ان “الآثار التضخمية لرسم الـ2 في المئة على الاستيراد ستكون شبه معدومة، وان التخويف من حصول زيادة في الأسعار على المستهلك ليس في محله على الاطلاق، وفي الوقت ذاته ان تخصيص الدولة 35 في المئة من الأموال التي يجبيها هذا الرسم لتحفيز الصناعة ودعم قطاع الاسكان والتي سنحصل عليها ابتداء من العام 2020، سيكون له مردود كبير على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك ستكون آثار الـ65 في المئة التي ستذهب للخزينة جلية للحفاظ على استدامة المالية العامة”.

وأردف: “تم اقرار هذه الاجراءات في مجلس الوزراء وكلنا امل في ان تقر في مجلس النواب للمباشرة بتنفيذها ، علما اننا كنا دائما نشدد على ضرورة اقرار موازنة تقشفيةفي نفس الوقت كما حصل الآن. وكان اقتراحنا في هذا الصدد فرض رسم بنسبة 10 في المئة على السلع المستوردة والتي يوجد مثيلا لها في لبنان والتي تغطي 60 في المئة من احتياجات السوق المحلية منعا للاحتكار”.

واعتبر ان “انقاذ الاقتصاد الوطني ووضعه على طريق التعافي والنهوض مهمة كبيرة لكنها ليست مستحيلة، خصوصا اننا نمتلك الكثير من المقومات والقدرات التي ستساعد على ولوج هذا المسار إذا أحسنا استخدامها، خصوصا تحفيز واحتضان الصناعة الوطنية”. واعرب عن ثقته ان “تكون الصناعة من الاولويات في المرحلة المقبلة، خصوصا لجهة الاستجابة لمتطلبات تقويتها وتحفيزها وزيادة صادراتها”، مناشدا “الدولة بتوفير الحل وبشكل فوري لزيادة الصادرات الصناعية والصناعات التي تستخدم طاقة مكثفة”.

وختم: “كلنا ثقة بقدرة القطاع على رفع صادراته بسرعة خاصة انه لدينا قدرات انتاجية موجودة سمحت لنا بتصدير 4،5 مليارات دولار عام 2011. وتعبيرا عن قناعتنا بقوة ومناعة الليرة كنا اقترحنا في السابق، ونعيد اليوم هذا الاقتراح القاضي بالحصول على هذا الدعم من خلال سندات خزينة تدفع في الليرة اللبنانية في المستقبل”، لافتا الى ان “هناك دولا صديقة لم تشملها الاجراءات الوقائية”، فدعا الى “اجراء حوار وبشكل سريع مع المعنيين فيها لوقف الضرر عن صناعتنا”.

ثم تحدث النائب نعمت افرام مؤكدا “اننا عملنا على هذه القرارات منذ العام 2000 وتوصلنا اليها اليوم. وسيأخذ الاقتصاد حجمه ومكانته الطبيعية”. وقال: “ان هذه القرارات اتت نتيجة رقمين الاول ارتفاع حجم الاستيراد الى عشرين مليار دولار سنويا بعدما كان ثلاثة عشر مليار دولار في العام 2010، والثاني بسبب ارتفاع العجز في الموازنة الى سبعة مليارات دولار”.

وتحدث النائب نزيه نجم عن ان “19 نائبا صناعيا سيتابعون هذا الموضوع في المجلس النيابي على اعتبار ان الصناعة ستؤمن دورة اقتصادية متكاملة ونحن قبل ان نكون نوابا، كنا نناضل لتحقيق هذه المطالب”.

وتحدث النائب ميشال الضاهر عن “الفرص التي ستؤمنها الصناعة في مجالات العمل خصوصا بعد قرار وقف التوظيف في الدولة”.

وأكد النائب شوقي الدكاش على “اهمية هذه القرارات”، داعيا التجار الى “التكاتف مع الصناعيين يدا واحدة تنتج وتتعاون لمصلحة الاقتصاد والمواطنين”.

وقال: “لكنني واثق أن الصناعيين الذين لم يبخلوا بالجهد والوقت والمال لتطوير صناعتهم ومواكبتها للحداثة وأعلى المعايير المطلوبة، سيتلقفون اليوم الفرصة للاستفادة من توجهات الحكومة لتشجيع الإنتاج المحلي. وسيضغطون في مجلس النواب – خصوصا أنه خرج من بين صفوفكم 15 نائبا صناعيا لتقر الموازنة بتوجهاتها الإصلاحية.

وختم: “هذه أولى الخطوات على الطريق الطويل كما أسلفت. سيواكبها مجموعة إجراءات أقرت في الموازنة إيضا ومنها التشدد في موضوع التهريب وضبط المرافئ والمرافق العامة، واتخاذ مقررات عملية وتطبيقية للجم التهرب الضريبي، واستمرار إيجاد السبل لتحفيز الإنتاج المحلي وإعادة التوازن تدريجيا الى ميزاننا التجاري، كما الى ماليتنا العامة”.