IMLebanon

هل حان وقت إقرار الموازنة؟

هل سيشهد الجمعة الجلسة الأخيرة من جلسات مناقشة الموازنة؟ أجواء يوم «العطلة» الذي أخذه الوزراء، تمهيداً لمناقشة «الأفكار الجديدة»، تشي بأن الموازنة ذاهبة نحو الإقرار. وزير الخارجية، الذي كان أول المعترضين على الاستسلام للسرعة على حساب الاقتراحات التي قدمها، سلّم بأن الأولوية صارت لإقرار الموازنة اليوم، على أن تبحث أي إجراءات جديدة لاحقاً. كتلة الوفاء للمقاومة، بدورها، دعت إلى إحالة المشروع بسرعة إلى مجلس النواب. كما دعا وزراء القوات إلى الانتهاء من دراسة الموازنة ووقف المزايدات، انطلاقاً من أن «ما توصلنا إليه لا بأس»، ويتكامل ذلك مع ما يكرره وزير المال من أن الموازنة انتهت.

لكن قبل أن تقفل الحكومة ملف موازنة 2019، كسر الوزير علي حسن خليل حلقة التوتر القائم بينه وبين الوزير جبران باسيل على أولويات الموازنة، موجهاً تعميماً إلى الوزارات والإدارات للبدء بإعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2020، مشيراً إلى أن من المرتقب أن يبدأ نقاشه الأسبوع المقبل.

وقبل أن يسلّم باسيل بما تم التوصل إليه من إجراءات في الموازنة، عقد مؤتمراً صحافياً، بعد الاجتماع الاستثنائي لتكتل «لبنان القوي»، بدا أقرب إلى جردة حساب لكل السياق الذي سارت فيه المناقشات خلال 18 جلسة. وقال: «لسنا مصرين على أي أمر ولا نضغط في أي موضوع، بل نريد أن ننهي بسرعة وننتهي غداً (اليوم). هناك اقتراحات عملية مردودها المالي والإصلاحي والشعبي حقيقي، ولكن أخذها يتطلب بعض الجرأة. بعد ذلك، نصعد إلى قصر بعبدا لنتلقى دعماً قوياً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أجل القيام بالمزيد. وما لم نتمكن من إنجازه، نتركه لكم في مجلس النواب، بدءاً من لجنة المال، ولكن ليس لتخريب الموازنة وليس الإنقاص، بل لإضافة وإنجاز الأفضل».

واعتبر باسيل أن «الأمر الأساسي الذي اعترضنا هو وجود تفكيرين: تفكير يريد إرجاء 90 في المئة من المشاكل إلى وقت لاحق، ونحن نريد أن نحل أكبر عدد من المشاكل، لأن البلد في حاجة إلى هذه الدرجة من الإصلاح. هذه هي القضية بكل بساطة. الخلاف ليس مع شخص، بل مع أكثر من فريق في الحكومة، على هذا الموضوع وعلى التأجيل ورفض الخفض ورفض الإصلاح ورفض تطبيق القانون، وهذا الموضوع واسع ومتشعب».

وقال باسيل: «نحن فريق رافض لاستمرار الوضع على ما هو عليه منذ التسعين حتى اليوم، ويجدون حجة لكل ما نطرحه، مثلاً إذا طرحنا تطبيق قانون تملك الأجانب يجيبوننا بأننا نهربهم، وإذا طرحنا تغريم المؤسسات غير الشرعية، يقولون لا يمكن أن نزيد على الناس، وإذا طرحنا موضوع مرفأ بيروت والميدل ايست والاتصالات وإقفال مؤسسات، يكون الجواب أن ذلك في حاجة إلى دراسة، ونحن ندرس منذ عشر سنوات، ونؤجل من سنة الى سنة …». وأردف: «في موضوع صندوق المهجرين أعطينا المثال، أننا نريد إقفاله، وقدمنا اقتراح قانون من أجل ذلك ومن أجل إلغاء الوزارة، فهذه الوزارة ستلغى، إذ من غير المعقول أن تزداد المدفوعات في كل عام كأن عدد المهجرين يزيد، عوض تخفيض الرقم المطلوب. لقد أظهر الوزير غسان عطا الله في دراسة أجراها أنه خفض من ألفي مليار الى ألف وثلاثمئة وخمسين ملياراً الى ستمئة مليار، وتصبح في النهاية وزارته صفراً، فهذا هو المكان الذي نجري فيه إصلاحاً حقيقياً. نحن نقفل ملفاً وطنياً وجرحاً وطنياً حقيقياً بألا نتحدث بعد الآن عن مهجرين في البلد. وفي المقابل، نجد مؤسسات وصناديق لا تتزحزح؟ وداخل مجلس الوزراء، هناك إقرار بأنه لا داعي لها».

وقال: «حتى في موضوع الجيش، نحن نقول نريد حلاً عادلاً، إذ من غير المعقول أن يطبق على دركي في مخفر أو عسكري في مستوصف بالبترون التدبير الرقم 3 كأنه واقف على الجبهة طوال حياته. أدرك أن هذا الكلام الذي أقوله مكلف، ولكن هذا ما يصلح البلد. وأعرف أنهم مستعدون للتضحية به، من القيادة والوزير، الى كل الأفراد، كي نتمكن من إنقاذ البلد وننجو جميعاً».

وتابع: «وصلنا الى إصلاحات عدة في هذه الموازنة، وهذا أمر جيد لكل الذين ساهموا فيه، بدءاً ممن وضع الموازنة وزير المال، وصولاً الى كل الأطراف التي تجاوبت، ولكن يبقى ذلك غير كاف، وحقنا أن نقول إننا نريد أكثر. لقد وصلنا إلى عجز مقبول مقابل ما كنا عليه، لكنه يبقى غير كاف، كأننا مرتاحون، نقبض على الاقتصاد ونجري هندسات مالية وأموراً حسابية من أجل خفض هذا العجز، ولكن نحن نريده بنيوياً وحقيقياً أكثر. إنه غير كاف ونستطيع خفضه أكثر بعد».

وكانت كتلة الوفاء للمقاومة قد أشارت في اجتماعها الأسبوعي الى أنه «رغم معرفتها ببعض التحسينات التي طرأت على بنود مشروع الموازنة لعام 2019، إلا أن المقاربات بقيت بعيدة عن أن تجسد رؤية إصلاحية متماسكة، على الرغم من بعض التخفيضات في الإنفاق وإقفال بعض ثقوب الهدر للمال العام وزيادة بعض الإيرادات»، لافتة إلى أنها «مع ذلك تدعو الى إحالة المشروع بسرعة الى مجلس النواب لمناقشته وإقراره بعد تصويب ما يمكن تصويبه، لتلافي الخلل الذي يصيب انتظام الحسابات المالية للدولة مع كل تأخير في إنجاز الموازنة عن موعدها الدستوري المقرر».