IMLebanon

ريا الحسن: اللواء عثمان خط أحمر!

كتبت دنيز رحمة فخري في “اندبندت عربية”:

من عالم المال إلى عالم الأمن ورجاله وشجونه، انتقلت وزيرة المال سابقاً وزيرة الداخلية حالياً، ريا الحسن.

لم يكن من السهل أن تتولى امرأة منصباً هو في عُرف المجتمعات الشرقية مخصص للذكور فقط. لكن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري اختار الحسن لتمثِّل تياره السياسي في أدق الوزارات وأصعبها. وزارة الداخلية التي تشمل مهامها أهم المفاصل الأمنية في الدولة، أراد الحريري باختيار امرأة على رأسها الهرمي، بث نفس جديد في حكومته، وإحداث صدمة إيجابية في الداخل والخارج. من دون تقييد ريا الحسن بأي اعتبارات إدارية أو اجتماعية أو داخلية، لها علاقة بسياسة تيار المستقبل ومصلحته. تقول الحسن، إن الحريري أعطاها “carte blanche” (بما معناه حرية التصرف) ضمن سقف سياسي تعرفه الحسن جيداً منذ دخولها في الشأن العام مع تيار المستقبل.

بعد مرور خمسة أشهر على دخولها وزارة الداخلية في بيروت، التي كانت مقر رئاسة الحكومة ماضياً، وبعد قرارات جريئة اتخذتها، كان أبرزها دعم الزواج المدني في لبنان، تؤكد وزيرة الداخلية تجاوزها مرحلة التأقلم مع الأجهزة الأمنية التابعة لها من قوى أمن داخلي، وأمن عام، فمنذ تسلمها الوزارة كان قرارها “التغيير” ولا يزال، وإن بشكل تدريجي تفادياً لأي دعسة ناقصة.

حزب الله والإملاءات

وزيرة الأمن الضابطة للمعابر البرية والجوية، تعد بصيف آمن في لبنان. وهي على ثقة بأن الإمارات العربية المتحدة ستحذو قريباً حذو السعودية في رفع الحظر عن رعاياها لزيارة لبنان.

تبشِّر وزيرة الداخلية بأنها تستعد مع وزير الأشغال لافتتاح قسم جديد في مطار رفيق الحريري الدولي، في بداية يونيو (حزيران) وآخر في مطلع يوليو (تموز)، مما سيسهِّل حركة المغادرة والوصول. أما من الناحية الأمنية فتكشف الحسن أن مطار رفيق الحريري الدولي قد نجح بتخطي التدقيق الذي قامت به الشركة الدولية International civil aviation authority، وحاز أمن مطار لبنان والإجراءات المتبعة فيه علامة صنفته “ناجحاً”.

في المقابل، لا تتخوف الحسن على الوضع الداخلي من أي توتر أو خروقات أمنية، وتجزم بالقضاء على معظم الخلايا النائمة، في السنوات الثلاث الماضية، بمجهود جبّار من شعبة المعلومات (جهاز استخبارات) في قوى الأمن الداخلي وغيرها من الاجهزة، ولكن “مع منظمات كهذه لا يمكن النوم على حرير على الرغم من اعتراف المجتمع الدولي بإنجازات لبنان على هذا الصعيد”. حتى حركة التسلل من الداخل السوري لبعض المشتبه فيهم، باتت محصورة ومضبوطة، وفق آلية يعتمدها الأمن العام اللبناني بالتنسيق مع الجيش. لكن وزيرة الداخلية، التي تشدد على أن “القرار الرسمي اللبناني يقضي بتحييد لبنان عن التطورات الإقليمية الحاصلة”، لا تبدو واثقة في المقابل من عدم رضوخ حزب الله لإملاءات خارجية من شأنها إقحام لبنان عنوة في المواجهة الدائرة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. ولا تستبعد إمكان دخول فصائل عراقية تابعة لإيران، بشكل غير شرعي كما حصل سابقاً، قرب الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، وتسأل “أين المصلحة في إعطاء إسرائيل ذريعة لتنفيذ مخططها ضد لبنان؟ وأين مصلحة لبنان في كل ذلك”؟

عثمان سأحميه حتى النهاية

في السياسة كما في الأمن، تختار الوزيرة المحسوبة على تيار المستقبل أجوبتها بتأنٍ ودقة ودبلوماسية، إلا عندما يصل الكلام إلى “شعبة المعلومات”(جهاز استخبارات)، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المحسوب على تيار المستقبل.

لا تنفي الحسن تعرُّض اللواء عثمان لحملة مبرمجة من قبل التيار الوطني الحر، بعدما فضحت “شعبة المعلومات” ملفاً كاملاً متكاملاً عن قضايا فساد تورط بها قضاة محسوبون على هذا التيار (يرأسه جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية). تستغرب الحسن الهجوم على عثمان، “في وقت كل السلطات السياسية في لبنان بدءاً من رئيس الجمهورية، تحمل راية مكافحة الفساد. فهل الفساد انتقائي”؟ تسأل الحسن. “وهل الحرفية التي ميزت أداء “شعبة المعلومات”، وراء استهدافها؟ وهل المطلوب التراجع عن كل ملف يمس جهة سياسية معينة”؟

بين التيار الوطني الحر وعماد عثمان أيضاً تعيينات أمنية، يصر الوزير جبران باسيل على أن تكون له كلمة الفصل في تسمية أشخاصها، لا سيما في ما يتعلق بالأعضاء المسيحيين لمجلس قيادة قوى الأمن الداخلي. وقد تمكَّن باسيل من كسر قرار عثمان في تعيين أحد الضباط المسيحيين، بعد تدخل الرئيس سعد الحريري، وبطلب من باسيل. علماً أن اللواء عثمان كان استشار القصر الجمهوري قبل إجراء التعيين… وعليه تسأل الحسن “ماذا يريدون بعد؟ لماذا لا ينتقدون التعيينات في مجلس قيادة الجيش أو في الأمن العام”؟

تيار المستقبل والتيار الوطني الحر

قضية اللواء عثمان تطرح مصير العلاقة بين تيار المستقبل والتيار الحر التي تحكمها تسوية رئاسية لا يزال الحريري متمسكاً بها. لكن للوئام المستقبلي- العوني استثناءات، وقد يكون ملف اللواء عثمان أحدها. تقول الحسن “إن هم الحريري الأول والأخير مصلحة البلد ولو كانت أحياناً على حساب رصيده السياسي والشعبي، وهو من بين السياسيين القلة الذين يضعون المصلحة العامة قبل أي شيء آخر. لكن إذا كان المطلوب هذه المرة كسر اللواء عثمان فهذا لن يقبل به الرئيس الحريري، وأنا لن أقبل به، كما لن أسمح بأن يكون عثمان مكسر عصا لأحد”.