IMLebanon

السياق السياسي الذي يعتمده باسيل يُشكل مصدراً أساسياً للتوتر

كتب ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء الكويتية”:

كان البطريرك الراحل نصرالله صفير يقول: كيف للدولة أن تسير إذا كانت كالعربة التي يشدها حصان الى الأمام وحصان الى الخلف؟ وحال لبنان اليوم يشبه هذه العربة التي يدفعها بعضهم الى الأمام، وبعضهم يدفعها الى الخلف في الوقت ذاته.

تشهد الساحة اللبنانية اليوم احتقانا سياسيا من الدرجة الأولى. وهذا الاحتقان يؤثر سلبا على سمعة الدولة، ويساهم في إنتاج الأجواء التشاؤمية التي تعيشها الأوساط الشعبية من جراء الاختناق الاقتصادي والركود، وينعكس سلبا على المؤسسات المتماسكة والتي تقوم بدورها على أكمل وجه، خصوصا الجيش وقوى الأمن الداخلي وغيرهما.

وقد يكون السجال العالي النبرة الذي حصل بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، هو الذي دفع هذا الاحتقان الى الواجهة، لكونه مؤشرا على انحلال التسوية التي حصلت بينهما منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، والتي أفادت البلاد في جوانب ولكنها أدت الى حصول أضرار كبيرة في جوانب أخرى. لكن هذا السجال ليس الوحيد مصدر الاحتقان، بل إن الخطابات النارية لقادة الصف الأول من «محور الممانعة» حول التوتر الإقليمي – خصوصا التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران – كان مصدرا اساسيا للاحتقان أيضا، لأن بعضهم وضع لبنان في قلب العاصفة، وهاجم الاعتدال الذي عبر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري في قمتي مكة اللتين انعقدتا لمواجهة الأخطار التي تستهدف الأمن القومي العربي.

مهما يكن من أمر، فإن السياق السياسي الذي يعتمده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ومعه صقور التيار، يشكل مصدرا أساسيا للتوتر، وهو ينعش بعض العناوين الخلافية والتي لا يمكن الاتفاق حولها إلا بالنسيان، وهذا النسيان كان قد حصل برغم الخلافات والصعوبات التي مرت بها البلاد في الحقبة الماضية، لأن قوة التفاهمات والمصالحات وإرادة العيش المشترك، كانت أقوى من كل الخيارات والتحريضات ذات المصدر الخارجي التي عملت بجهود حثيثة لإثارة الفتن بين اللبنانيين.

والسياق التأسيسي الذي يتحدث فيه الوزير باسيل، لا يمكن قبوله من الطرف الآخر، لأن هذا الطرف الذي يتشكل من عدة قوى، والذي تساهل بالتسوية مع باسيل، لا يمكن له قبول الاستسلام أمام الاندفاعة الغريبة للوزير باسيل، والتي توحي بمونة كبيرة على الدولة ومؤسساتها.