IMLebanon

جريمة في طرابلس ووقاحة

كتب غطاس مدور في صحيفة “الاخبار”:


عاصمة الشمال كانت بأبهى حلتها تنتظر بفرح اطلالة البدر لتعيّد رمضان. لكن الحقد والجريمة افقداها البهجة وتحول مهرجان الفرح الى مناحة على شهداء ابطال كانوا ضحية حقد دفين في قلوب لا تعرف الحب ولا تعرف السلام ولا قيمة عندها للانسان. وقبل ان تعزف موسيقى الفرح مزق صوت الرصاص ودوي القنابل الاجواء الصافية فعلا الصراخ والبكاء على ابرياء لا ذنب لهم الا انهم يقومون بواجبهم الوطني للحفاظ على الامن.

فأين انت ايها القانون؟ أما آن لك ان تنتفض لتضرب من يعصيك؟ أم انك ما زلت مكبلا تأتمر ولا تأمر. والآمر لا يوصي بالمعروف ولا ينهي عن المنكر. ممن تخاف؟ ولم الصمت؟ ومن المسؤول؟

لأن السياسة عندنا محاصصة واقتتال على الزعامات، ولأنها شد حبال للاستئثار والاستقواء، وبحاجة الى اشقياء جاهزين للافتراء وافتعال الفتن بهمجية وغباء. ولأن القانون عندنا لا يطبق الا على الضعفاء والذين يدفعون الثمن هم الابرياء، ويصاغ ويدوزن على مقاسات معينة ولا يحق الا لمن صاغه ان يتلاعب به كما يشاء. ولأن القضاء عندنا مغلوب على امره وعنده رؤساء. ولأن المسؤولون عندنا بحاجة لمجرمين لحمايتهم والمجرمون يستأسدون لانهم مدعومون. ولأن الجاني ومن يحمل دم الشهداء هو من يخاف على نفسه فيحتمي بمن لا دين لهم ولا وطن ولا هوية، وهو من يدافع عن المجرم ويبعد عنه القصاص الذي يستحقه، ومن يطلق الذئب وسط الخراف ويقف متفرجاً، ومن يرفض تطبيق القانون، فإن النتيجة تكون: انتصار الغدر والشر على الشرف والتضحية والوفاء.

تلف الشوارع بالاشرطة البيضاء حدادا على شهداء ابرياء. وتطوى صفحة من التاريخ ليطل يوم آخر على زعماء يتسابقون للحفاظ على مراكز ومستحقات يحصنون بها مواقعهم مدعين انهم يعملون للنهوض بوطن دفنوه حيا بقلة حيائهم وسوء تدبيرهم وفسادهم، لاهثين خلف فلس ارملة، مقتطعين من معاش جندي او ضابط في الخدمة أو متقاعد او من معلم قضى العمر يحسم من معاشه ليدخر في خزينة الدولة ما يقيه شر العوز عند تقاعده. كل ذلك لتغطية سرقاتهم وسمسراتهم.

ويحكم… أنسيتم انكم لولا المعلم لما كنتم في مراكزكم، ولولا الجندي لما تجرأتم ان تنتقلوا من منازلكم الى مراكز عملكم وأنتم تعرفون هذا جيدا لكنكم لا تدرون ماذا تفعلون والى اين أنتم صائرون.

يا أهالي الشهداء مصابكم أليم وجرحكم بليغ أعانكم الله على الصبر والالم. ابناؤكم ابناؤنا واخوتنا معكم نتشارك الحزن، ولكن أنتم من كوته النار. حزننا فقط لأنهم لم يستشهدوا في ساحة الشرف بل كانوا ضحية الغدر، ضحية السياسة والسياسيين. أما أنتم ايها المسؤولون، حذار واللعب بالنار خاصة مع العسكرين والمعلمين المتقاعدين لان الماء على النار بالقدر تغلي. اعيدوا حساباتكم جيدا وفكروا ان كل ما تريدون ان تسلبوه من جيوبنا بوقاحتكم لترميم موازنتكم عليكم ان تفتشوا عليه في مزاريب هدركم نتيجة فسادكم وانتم قادرون على تعويم الموازنة لا ترميمها. اما اذا استمريتم في عنادكم فسنكون لكم بالمرصاد، بداية بالقانون وحتى الوصول الى المحظور. نحن واياكم على موعد في كل خطوة تتخذونها. شبعنا من وعودكم الكاذبة. خدعتمونا فوصلتم واليوم لم نعد بحاجة لكم. تستطيعون الرحيل ونحن نتدبر أمرنا.