IMLebanon

الراعي: الصلاة من أجل الأعداء لا تعني شرعنة أعمالهم

ألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في ختام رياضة السينودس المقدس وتبريك الميرون، كلمة قال فيها: “أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل مضطهديكم، لتصيروا أبناء أبيكم الذي في السماوات” (متى 5: 43-45)، بهذه الصيغة الآمرة يواصل الرب يسوع عظة الجبل، التي تعتبر دستور الحياة المسيحية””.

اضاف: “نحتفل، في هذه الليتورجيا الإلهية، كما تعلمون برتبة تبريك الميرون. وقد نقلناها من خميس الأسرار إلى خاتمة رياضة سينودس أساقفة كنيستنا البطريركية، لتتاح لهم، وللرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والرهبان والراهبات والاعيان المدنيين والمؤمنين، إمكانية المشاركة فيها. فالاحتفال برتبة الميرون هي علامة الشركة والوحدة مع البطريرك “الأب والرأس”.

واوضح الراعي ان “الميرون طيب معطر، والمسحة به علامة لحلول الروح القدس. يمسح به المعمدون ليصبحوا هيكل الروح القدس وسكنى الله الواحد والثالوث، وشهودا للمسيح. ويمسح به الكهنة والأساقفة، لكي يصورهم الروح القدس في كيانهم الداخلي على صورة المسيح “الكاهن الأسمى” و “راعي الرعاة العظيم” (1بط4:5)، ويشركهم في سلطانه المثلث: التعليم والتقديس والتدبير. إن كل الذين واللواتي يمسحون بالميرون المقدس مدعوون ليكونوا في الكنيسة والمجتمع رائحة المسيح الطيبة”.

وتابع: “يسعدنا في ختام هذا الاحتفال الإلهي أن نفتتح المتحف البطريركي في داخل الصرح، الذي أنشأه المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير سنة 2000، وكنا نأمل أن يكون حاضرا معنا بالجسد، لكنه حاضر من سمائه بالروح. وقد أعدنا تكوين هذا المتحف بحلته ومحتواه. وأود في هذه الذبيحة المقدسة أن أذكر معكم بالصلاة كل الذين واللواتي، من أشخاص وحكومات ومؤسسات، قدموا الهدايا الثمينة للبطاركة والكرسي البطريركي التي تكون ثروة هذا المتحف. ولولاها لما كان ليكون. كما نذكر بصلاتنا كل الذين واللواتي ضحوا أشهرا وأياما وساعدونا مجانا في إعادة تنظيمه وترتيب محتواه”.

وقال: “أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل مضطهديكم” (متى 5: 43-45). هي شريعة المسيح الجديدة التي تسمو على شريعة الطبيعة وشريعة موسى في العهد القديم. لا يأمرنا الرب بما لا يمكن فعله، بل بما يسمو بنا إلى الكمال. فيسوع غفر لصالبيه وبرر جريمتهم بأنهم لا يدرون ما يفعلون (لو 34:23). واسطفانوس، أول الشهداء، جثا وصلى من أجل راجميه ملتمسا من المسيح الإله ألا يحسب ذلك عليهم خطيئة (راجع أع 60:7). وآخرون كثيرون في تاريخ الكنيسة كانوا مجلين في سمو هذه الفضيلة”.

وأضاف، “إنها ثقافتنا المسيحية التي يحتاجها العالم عامة، ومجتمعنا خاصة. وهي ثقافة نرجو توفير التربية عليها في العائلة والمدرسة والجامعة. هذه الثقافة تحتاج إليها الجماعة السياسية لكي تتمكن من العيش معا بالاحترام والثقة والتعاون، وتنبذ التراشق بالاتهامات والكلمات المسيئة، التي عادت بكل أسف لتتجدد في هذه الأيام. وهي تسيء إلى صيت لبنان وكرامة شعبه، وتقوض ثقة الدول به. يحتاج عالمنا إلى هذه الثقافة عبر وسائل الإعلام ونوعية الأفلام، فتقصي منها العنف والقتل واستباحة قدسية الحياة البشرية وكرامتها”.

وتابع: “بهذه الثقافة يدعونا الرب يسوع لنحب أعداءنا ونصلي من أجل مضطهدينا. فلا نبادل الظلم بالظلم، والاعتداء بالثأر، والإهانة بمثلها، بل نبادل بالمحبة والصلاة والغفران وصنع الخير. إن الصلاة من أجل الأعداء وفاعلي الشر، مثل القتلة والظالمين بكل أنواع الظلم، لا تعني شرعنة أعمالهم الشريرة، وإيقاف عمل العدالة بشأنهم، بل لنلتمس من الله أن يغير قلوبهم ويمس ضمائرهم، فيبدلوا مسلكهم، كما فعل مع شاول – بولس وسواه، ويجنب الناس شرورهم. إن مبادلة الشر بالشر إنغلاب وانكسار”.

 

وختم الراعي: “فليجعل منا هذا الميرون الذي نباركه، والذي مسحنا به في المعمودية والكهنوت والأسقفية، رائحة المسيح الطيبة نفوح بها في أعمالنا وأقوالنا ومبادراتنا، لمجد الله الواحد والثالوث الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.