IMLebanon

خلاف على تعريف الإرهابي بين وزيري الداخلية والدفاع في لبنان

على الرغم من الاتجاه نحو التخفيف من الاحتقان بين التيار العوني والجمهور السني في لبنان، أدرج المراقبون تصريحات وزير الدفاع اللبناني إلياس بوصعب المقرب من رئيس الجمهورية ميشال عون حول إرهابية من قاتل في سوريا في سياق الإمعان في استفزاز الرأي العام السني لاسيما في الشمال اللبناني. فيما ردت وزيرة الداخلية ريا الحسن على إصرار وزارتها على معالجة الإرهاب بتطرف.

وكان بوصعب قد أكد أن “معظم الذين كانوا يقاتلون في سوريا هم من الإرهابيين المحتملين”، وإذ لفت إلى أن “الخطر موجود” توجه إلى العسكريين اللبنانيين بالقول إن “لبنان يعتمد عليكم ولا نريد لمعنوياتكم أن تتأثر بما يجري في السياسة”.

وتأتي تصريحات بوصعب على خلفية العملية الإرهابية التي قام بها أحد المقاتلين اللبنانيين السابقين في صفوف فصائل المعارضة في سوريا، ويقصد من ورائها تأثيم المقاتلين السنة الذين قاتلوا ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد واتهامهم بالإرهاب، في حين أن وزير الدفاع وكلّ التيار العوني الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل لا يعتبر مقاتلي حزب الله الشيعة المدافعين عن نظام دمشق إرهابيين، معتبرا إياهم حاجة ماسة للدفاع عن لبنان والحفاظ على أمنه.

وينقل عن مراجع سياسية أن لبنان الرسمي، ومن خلال أجهزته الأمنية يجابه الإرهاب بجدارة وبشهادة العواصم الدولية، غير أن لصق الإرهاب بطائفة دون أخرى والغمز من قناة السنية السياسية كحاضنة للإرهاب يعدّ خطيرا ومهددا للاستقرار الداخلي كما يهدد الصفقة الرئاسية برمتها.

وتعهدت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن، بأن تكون قوى الأمن “متطرفة في مواجهة الإرهاب الأسود”، في إشارة منها إلى عزمها التعامل بحزم مع أي تهديد أو عمل إرهابي.

وقالت الحسن خلال احتفال بالذكرى الـ158 لتأسيس قوى الأمن الداخلي في العاصمة بيروت إن “الجريمة البشعة التي ضربت مدينة طرابلس هي من صنع فلول الإرهاب الأسود الذي نجح لبنان في محاربته، وقوى الأمن ستكون متطرفة في القضاء عليه”.

وقتل أربعة عناصر من قوات الأمن بينهم ضابط، في اشتباكات مع مسلح بطرابلس، وجُرح 4 آخرون، بينهم حارس أمن بشركة خاصة، فيما فجر المسلح نفسه بعد محاصرته بأحد المباني، الاثنين الماضي.

وتأتي تصريحات الوزيرة الحسن المنتمية إلى تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة سعد الحريري داخل سياق الردّ على اتهامات كالها بوصعب ضد شعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن الداخلي ومديرها العام.

وسجل موقف لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، وهو من طرابلس، قال فيه إنه لا انتماء دينيا ولا مناطقيا للإرهاب بل هناك إرهابي اختار طرابلس مسرحا لعملية آثمة لذلك فإنّ طرابلس كانت ضحية نتيجة هذا العمل الجبان.

وعبرت مصادر سياسية لبنانية عن مخاوفها من أن تكون حملة التيار العوني ضد السنية السياسية جزءا من مخطط إقليمي مرتبط بموقف إيران وأجنداتها بما يخطط لمستقبل سوريا، خصوصا أن النيل من السنية السياسية يقابل بصمت من قبل الشيعية السياسية بقيادة حزب الله.

ولفتت مصادر برلمانية إلى أن استغلال التيار العوني للعملية الإرهابية في طرابلس لشن هجمات ضد تيار المستقبل وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أثار ردود فعل قد تأخذ منحى طائفيا، خصوصا بعد تلميحات صدرت عن منابر مقربة من الرئيس ميشال عون تتهم شخصيات طرابلسية قريبة من الحريري بأنها كانت راعية للإرهابي عبدالرحمن مبسوط الذي ارتكب عملية طرابلس.

وكان الوزير بوصعب قد شكك بشعبة المعلومات حين دعا إلى ضرورة مراجعة التحقيقات التي أجرتها مع الإرهابي مبسوط حين ألقت القبض عليه عام 2017. وحمل كلام بوصعب اتهاما للشعبة الأمنية ومعلوماتها مسؤولية حكم القضاء العسكري على المبسوط بالسجن سنة ونصف السنة.

وبثت منابر مقربة من التيار العوني صورا لوزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي برفقة شخص زعموا أنه مبسوط، فيما ثبت لاحقا أنها صورة مركبة وفق مصادر أمنية.

وتأتي الحملة المبرمجة في سياق السجال الذي أثاره وزير الخارجية وصهر الرئيس عون، جبران باسيل، قبل أسبوعين، عندما اعتبر بأن السنية السياسية في لبنان جاءت على جثة المارونية السياسية وأن تياره يعمل على استعادة حقوق المسيحيين، بالإضافة إلى الانتقادات التي يواظب على توجيهها ضد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المقرب من الحريري.

وجرت اتصالات على مستوى سياسي عال في الساعات الأخيرة لتخفيف حدة هذا الاحتقان الذي يأخذ منحى مذهبيا. وذكرت مصادر سياسية لبنانية أن الرئيس عون يعمل على التهدئة لوقف السجال بين التيار العوني والمنابر السنية في لبنان.

ومن المقرر أن يزور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، الاثنين، دار الفتوى للقاء المفتي عبداللطيف دريان، للإدلاء بموقف سياسي يمثل موقف عون. كما طلب التيار الوطني الحر موعدا لمنسقية بيروت في التيار لزيارة المفتي دريان وتقررت الزيارة الأربعاء المقبل.

وتهدف الزيارات إلى تبديد العدائية السياسية للتيار الوطني الحر حيال أهل السنة، خصوصا أن صلابة التسوية الرئاسية وحسن التنسيق بين عون والحريري مسائل ضرورية لمواجهة الاستحقاقات المقبلة المتعلقة بما بعد إقرار الموازنة، لاسيما الشق المتعلق بما هو منتظر من دول مؤتمر “سيدر” بشأن التفاوض حول الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل وفق مساعي مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد.