IMLebanon

بين فعل باسيل ورد فعل الحريري

كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:

في كل يوم يمر وأمام كل محطة سياسية وغير سياسية يتضح أكثر ان العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة ليست على ما يرام، بالرغم من إصرار الثاني على اعتبار أن التسوية التي أدّت إلى انتخاب الأوّل رئيساً للجمهورية ما زالت قائمة، لأنها – حسب رأيه – ما زالت تشكّل عامود الاستقرار السياسي في البلاد، وسقوطها يعني الذهاب نحو المجهول. غير ان كل تصرفات وزير العهد جبران باسيل، ولا سيما في الفترة الأخيرة، والتي تركزت على النيل من طائفة رئيس الحكومة وعلى الافتئات على صلاحياته التي نص عليها اتفاق الطائف وعلى غيرها وغيرها من الأمور التي ضج بها الرأي العام اللبناني بمسلميه ومسيحييه، ولا سيما الحملة المبرمجة للوزير باسيل على المملكة العربية السعودية من زاوية مزاحمة العمالة اللبنانية من جانب السعوديين، لا تدل بأي شكل من الاشكال على ان التيار البرتقالي ورئيسه بالذات ما زال يقيم أي اعتبار للتسوية بين الرئاستين الأولى والثالثة بقدر ما هو مصمم على انهائها مع كل مفاعيلها الايجابية على البلد، حتى ولو انتهى به الأمر إلى فرط حكومة الوفاق الوطني وعودة المتاريس السياسية بين الأطراف السياسية، الأمر الذي استدعى رداً من رئيس الحكومة فور عودته من الخارج، وحتى قبل ان يرتاح من عناء السفر.

صحيح ان ردّ رئيس الحكومة، كان صارماً بالنسبة إلى عدد من النقاط التي طرحها الوزير باسيل كمزاحمة العمالة السعودية مثلاً والتطاول على طائفة رئيس الحكومة من خلال تعرضه المكشوف للسنيَّة السياسية كحالة استثنائية من وجهة نظر رئيس التيار البرتقالي، فضلاً عن فضيحة قرارات المحكمة العسكرية في ملف زياد عيتاني وغيرها الكثير الكثير من الإشارات التي وزعها الوزير باسيل يميناً وشمالاً، الا ان رئيس الحكومة تجنّب بشكل متعمد الدخول في موضوع التسوية بينه وبين رئيس الجمهورية، الا من باب تأكيده على التمسك بها مما ترك تساؤلات كثيرة في أوساط أهل السنَّة والجماعة الذين كانوا ينتظرون من رئيس الحكومة ان يتخذ الموقف المناسب من إثارة الوزير باسيل وسكت عليه رئيس الجمهورية الشريك الأساسي في هذه التسوية، حتى ولو أدى الأمر إلى تزعزع الاستقرار السياسي المهزوز اصلاً ولا سيما على الصعيد الحكومي، لأن كرامة الطائفة أهم بكثير من الكرسي والجلوس عليها، ولأنه لا يجوز في أي حال من الأحوال ان تكون على حساب كرامة الطائفة السنيَّة ودورها الأساسي في المعادلة اللبنانية.

وإذا كان رئيس الحكومة ما زال يراهن على مبادرات من رئيس الجمهورية تعيد تصويب المسار، وهو قد المح إلى ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده للرد على استفزازات رئيس التيار البرتقالي، وحامل راية الرئاسة الأولى التي تجاوزت كل الأصول والحدود والأعراف والتقاليد المعتادة في لبنان، فسوف يكتشف عاجلاً وليس آجلاً ان رهانه كان خاسراً وان القرار عند الذين فتحوا هذه الملفات متخذ ولا رجوع عنه.