IMLebanon

الحريري يزور عون في قصر بعبدا لوضع باسيل في مكانه

أجمعت أوساط سياسية لبنانية على أن رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري قد وضع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يشغل في الوقت ذاته موقع وزير الخارجية، في مكانه وذلك في ضوء تهجّم الأخير على الطائفة السنيّة معتبرا أن السنية السياسية قامت على جثة المارونية السياسية، وفي ضوء إساءات إلى المملكة العربية السعودية.

وخرج سعد الحريري عن صمته الطويل الذي جعل شعبيته في الأوساط السنيّة تتعرض لهزّة، مهاجما باسيل بعنف في مؤتمر صحافي عقده في السراي الحكومي الثلاثاء، لكن الملفت في كلام الحريري كان تأكيد حرصه على التسوية السياسية التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.

وفي خطوة عكست حرصه على حماية تلك التسوية من تصرّفات باسيل وتصريحاته المنفلتة، زار الحريري قصر بعبدا وأكد أن اجتماعه برئيس الجمهورية كان “بنّاء”.

وشدد على أنّه اتفق مع الرئيس عون على ضرورة تسريع العمل الحكومي لتحقيق الإنجازات المطلوبة، مشيرا إلى أننا “رأينا أن الكلام في الإعلام يجب أن يتوقف ونتمنى من وسائل الإعلام مساعدتنا”. وقال “علاقتي بالرئيس عون ودية، وهمّنا الأكبر تحقيق نتائج عملية وملموسة لما فيه مصلحة المواطن”.

وخصص رئيس الحكومة اللبنانية جانبا من مؤتمره الصحافي للرد على الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي انتقد وقوف لبنان إلى جانب المملكة العربية السعودية في القمّتين العربية والإسلامية  اللتين عقدتا أخيرا في مكة. وشدد الحريري على الهوية العربية للبنان وعلى أنه كان يتحدث في القمتين باسم لبنان رافضا أي انتقاص من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء.
وعبرت إيران عن استيائها من الموقف الرسمي الذي اتخذه الحريري في قمة مكة، وطالبت لبنان رسميا بموقف صلب يعكس متانة العلاقات الثنائية بصورة علنية ردا على موقف رئيس الحكومة في القمة العربية الاستثنائية التي انعقدت بمكة المكرمة في رمضان الماضي.

واعتبر مراقبون سياسيون لبنانيون أن الحريري تقصّد عقد المؤتمر الصحافي قبل زيارته لقصر بعبدا بغية وضع نقاط على الحروف تؤسس للتهدئة التي كانت كثيرٌ من الاتصالات تعمل على تحقيقها.

وأضاف هؤلاء أن ظهور الحريري ومضمون خطابه بددا الأجواء التي كانت تشاع، حتى من قبل أوساط تعتبر مقربة من تيار المستقبل، عن عزم الحريري على الاعتكاف أو حتى الاستقالة.

ولفت المراقبون إلى أن اللهجة التي تحدث بها الحريري كانت ضرورية لتنفيس الاحتقان داخل البيئة السنّية في البلد كما داخل جمهور تيار المستقبل، كما أن الأمر كان ضروريا لوقف ما وصف بـ”المزايدات” في الدفاع عن موقع رئاسة الوزراء، والتي أطلق بعضها من قبل شخصيات من داخل التيار نفسه.

ورأت أوساط سياسية لبنانية أن الحريري وجّه مجموعة من الرسائل. أولها إلى جبران باسيل وتقصد تسميته بصفته مسؤولا عن “زلات” تسبب الضرر لسمعة البلاد كما للحمة الداخلية، كما تهدد قواعد التسوية السياسية التي أتت بميشال عون رئيسا للجمهورية.

وثانيها رسالة مباشرة إلى حزب الله، وإلى أمينه العام حسن نصرالله الذي انتقد خطاب الحريري وموقفه في قمم مكة الأخيرة. وقد ذكّر الحريري أن علاقة لبنان مع المحيط العربي لا تخضع لمزاج وأجندات، وأن السطر الأول من الدستور اللبناني يؤكد أن لبنان بلد عربي متضامن مع الإجماع العربي.

اللهجة التي تحدث بها الحريري كانت ضرورية لتنفيس الاحتقان داخل البيئة السنية اللبنانية وفي أوساط تيار المستقبل
وثالث الرسائل متعلق بالموقف من التجاذبات الحكومية المتعلقة بالموازنة واستغراق القوى السياسية في خوض مناكفات، قال إنه قادر على خوضها أيضا، تساهم في إضاعة الوقت والفرص التي يوفرها المجتمع الدولي لإنقاذ اقتصاد البلد.

ونقل عن مصادر برلمانية لبنانية أن تصريحات سعد الحريري كان هدفها إيجاد نقطة توازن بين شعبوية يحتاجها من أجل إعادة استيعاب البيئة السنية الغاضبة، وبين واقعية رجل الدولة الذي لا يريد أن تصاب التسوية الداخلية بأي زلزال لا يحتمله البلد.

وربطت بعض الأوساط توقيت المؤتمر الصحافي للحريري مع حدث وصول نزار زكا بعد أن أخلت السلطات الإيرانية سبيله. وقالت هذه الأوساط إن كلام زكا عن أن الإفراج عنه قد أدى إلى تخفيف حالة الاحتقان الإقليمي، يفصح عن دور معين من المفترض أن تلعبه بيروت داخل الأزمة الراهنة الأميركية الإيرانية.

وخلصت الأوساط إلى أن ترميم التوازن السياسي الداخلي الذي يسعى إليه الحريري بات حاجة تتجاوز الحيثيات اللبنانية. ورأت أن عودة الدبلوماسي ديفيد ساترفيلد إلى لبنان تأتي من ضمن سياق دور جديد للبنان داخل التحولات الإقليمية المقبلة.