IMLebanon

الجامعة اللبنانية نشأت رغماً عن السلطة وبصراع مستدام معها

لم يكن قيام الجامعة اللبنانية هدية أو إنجازاً من السلطة للشعب اللبناني، بل نتيجة حراك مطلبي عام رفع ما يشبه شعار «الشعب يريد جامعة لبنانية». هكذا استهل رئيس رابطة قدامى أساتذة الجامعة، عصام الجوهري، مداخلته في لقاء ندوة العمل الوطني، أمس. ووافقه رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة يوسف ضاهر الرأي بأنّ «الجامعة نشأت رغماً عن الدولة، وبعد تحركات طلابية وشعبية بدأت قبل الخمسينات وسقط في سبيلها شهداء مثل فرج الله حنين وحسان أبو إسماعيل، وسجن واضطهد العديد من طلابها وأساتذتها. وقد عانت من التهميش والإهمال منذ نشأتها. فهي لم تنل مطلباً واحدا إلا بعد نضال من طلابها وأساتذتها. ولم يُدرج على جدول أعمال السلطات المتعاقبة، إلا نادرا، بند للجامعة، تمّت دراسته تلقائياً من المسؤولين». حتى أن بعض من تولى رئاستها سعى، بحسب الجوهري، إلى فرملة توسعها، مثل فؤاد أفرام البستاني أحد رؤسائها الذي قال: «أنا هنا لمنع تكرار أي اختصاص موجود في الجامعات الخاصة الأخرى، أي الأميركية واليسوعية».

الجامعة كبرت في صراع مستدام مع السلطة وإرادتها، وفق الجوهري، وشكّل أساتذتها النواة الحقيقة لنشوء جامعة وطنية. وقد نجحوا يومها في تشكيل كادر أكاديمي متفرغ لها، مثل حسن مشرفية ووديع تقي الدين والمجموعة التي أحاطت بهما، ولاحقاً نضال الزين وصادر يونس وعصام خليفة وغيرهم من رموز نضال الأساتذة من أجل جامعة لكل الناس، خصوصاً مع تأسيس رابطة الأساتذة المتفرغين.

ورأى الجوهري أنّ التحصيل الجامعي لا يمكن أن يكتمل إلا في مناخ الحرية الأكاديمية واستقلال المؤسسات الجامعية، محذراً من أن المؤامرة ما زالت مستمرة و«نعيش اليوم بعض فصولها. والأساتذة والطلاب، موحدين، مطالبون بالدفاع عن حقوقهم ضد سلطة تسعى إلى فرض إملاءات مؤتمر سيدر والبنك الدولي الأميركي الصهيوني وزيادة إغراق لبنان في الدين وضرب القطاع العام».

 

هذا الواقع السوداوي لم يمنع التحرك الأخير من تحقيق «إنجازات بنيوية لم تكن في الحسبان»، بحسب ضاهر، أبرزها «المساهمة بإطلاق حركة طلابية جديدة واعدة مستقلة قد تكون غداً الحصن المنيع للدفاع عن الجامعة وحقوق أهلها، وإطلاق حركة مستقلة عند الأساتذة. إذ «ابتعد العديد منهم عن التبعية الحزبية العمياء. وباتت هذه الحركة تشكل حالة اجتماعية، لا بل ظاهرة تقدمية متجردة تملك الشجاعة والرؤية والوعي لخطورة ما تتعرض له الجامعة من تهميش وإهمال متعمد، فضلاً عن حماية الرواتب ومنع الالغاء الكلي لمنح التعليم وتأجيل فرض ضريبة الدخل على المعاش التقاعدي، واستثناء الجامعة من منع التوظيف، وإبقاء مدة خدمة الأستاذ للحصول على المعاش التقاعدي 20 بدل 25 سنة، وتفعيل ملفي التفرغ ودخول الملاك.

وأكد ضاهر أنّ الأساتذة والطلاب لن يدعوا السلطة تدمر الجامعة اللبنانية التي بنيت بجهود اللبنانيين، انطلاقاً من أنّ الحق في التعليم والتدريس وإجراء البحوث لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت المؤسسة تتمتع بالحرية الأكاديمية والإستقلال الذاتي، وهذا ما يجب تحقيقه في الجامعة اللبنانية لتثبيتها ركناً أكاديمياً ومعنوياً من أركان البناء اللبناني.