IMLebanon

رسالة إيرانية لواشنطن: قطر من أدواتنا لخرق العقوبات

جاءت تصريحات جازمة لمسؤولين إيرانيين بشأن خطط بلادهم برفع مستوى التبادل التجاري والمعاملات الاقتصادية والمالية مع قطر، بمثابة “قرارات” من جانب واحد، مثيرة الأسئلة بشأن الموقف القطري من هذا الموضوع بالغ الحساسية لارتباطه بكسر العقوبات الأميركية على إيران.

ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية عن سعيد زرين فرّ مساعد شؤون التنسيق الاقتصادي في محافظة بوشهر جنوبي إيران القول الثلاثاء، إنّ “قطر هي البلد الأقرب لمحافظتنا والمسافة القصيرة بين موانئ المحافظة وموانئ قطر زادت من إمكانيات التبادل التجاري والاقتصادي”.

وتضمّن كلام المسؤول الإيراني إهانة استثنائية للدوحة كون ذلك المسؤول تعمّد إثارة العامل الجغرافي في حديثه عن قطر باعتبارها الأقرب الى المحافظات الإيرانية في نظرة استعلائية توحي بان قطر محافظة إيرانية، ملمّحا إلى مفهوم “إلحاق” البلد بمحافظة بوشهر.

وتساءل متابعون للشأن الخليجي عمّا إذا كانت تلك التصريحات تعبيرا عن مدى تمكّن طهران من الاستفراد بالدوحة في ظل عزلتها عن محيطها الخليجي والعربي إلى درجة التحكّم في قرارها السيادي على غرار ما تقوم به إيران في العراق وسوريا ولبنان عن طريق أذرعها ووكلائها المتمكّنين من مواقع صنع القرار في تلك الدول.

وأقدمت كلّ من السعودية والإمارات ومصر والبحرين قبل نحو عامين على مقاطعة قطر بسبب دعمها للإرهاب وتهديدها استقرار المنطقة، ما جعل الدوحة تسارع إلى تمتين علاقاتها مع كلّ من تركيا وإيران في عملية رأى المحلّلون السياسيون أنّها تنطوي على مخاطر كبرى للدوحة نظرا لعدم تكافؤ القوى بينها وبين طهران وأنقرة ما يجعلها عرضة للابتزاز والاستغلال بما في ذلك إقحامها في ملفات شائكة وحسّاسة ممثل ملف العقوبات على إيران التي لا تقبل الولايات المتحدة بخرقها من قبل أي بلد بما في ذلك حلفاؤها.

وتساءل مراقبون عن إحجام المسؤولين القطريين عن الردّ على مثل تلك التصريحات الإيرانية بما تمثّله من تجاوز على سيادة بلدهم ومن مصادرة لقراره.

وقال أحد المعلّقين على كلام المسؤول الإيراني، إنّها انعكاس لمطامع إيرانية في قطر تتجاوز مجرّد استخدامها بشكل ظرفي في خرق العقوبات  الأميركية، مذكّرا بأنّ طرح مفهوم “الإلحاق” من قبل المسؤولين الإيرانيين كان دائما مثار توترات بين إيران ودول الخليج العربي، خصوصا حين يتجّه خطاب هؤلاء المسؤولين بشكل متعمّد صوب مملكة البحرين عبر الادّعاء بأنّها جزء من إيران.

تساؤلات عن إحجام المسؤولين القطريين عن الرد على التصريحات الإيرانية بما تمثله من تجاوز على سيادة بلدهم
وحتى في العلاقة مع العراق التي تقول طهران إنّها ارتقت إلى مستويات غير مسبوقة بعد سنة 2003، يضيف المعلّق ذاته، فإن المسؤولين الإيرانيين يحرصون على إبراز عامل التفوق الإيراني وعدم الندية في العلاقة بين الطرفين من خلال التصريحات وإهانة كبار المسؤولين العراقيين وتغييب رموز السيادة العراقية خلال لقاءات رسمية مشتركة معهم. وكثيرا ما لاحظ العراقيون غياب راية بلدهم في تلك اللقاءات والاقتصار على الراية الإيرانية.

وصرّح زرين فرّ بأنّ “حجم الصادرات الإيرانية إلى قطر تضاعف تسع مرات خلال العامين الماضيين”، مشيرا إلى أن الجانب الأكبر من الصادرات كانت من موانئ بوشهر، مشيرا إلى وجود توقعات بارتفاع التبادل التجاري مع قطر إلى خمسة مليارات دولار، وذلك من خلال الخطط التي تم اتخاذها.

ولم يوضح المسؤول الجهة التي وضعت تلك الخطط وإن كان وضعها قد تمّ بالتعاون والتنسيق مع قطر، كما لم يورد أي بيانات بشأن حجم التجارة بين البلدين حاليا، ولا المدى الزمني المتوقع للوصول بالتبادل التجاري إلى المستوى المتوقع.

واعتبر المحلّلون أنّ كلام المسؤول الإيراني وإن اكتسى طابعا اقتصاديا، فإنّه في ظل الظروف الحالية التي تمرّ بها إيران الخاضعة لأشدّ عقوبات أميركية من نوعها يتضمّن رسائل سياسية لواشنطن بأنّ طهران لن تعجز عن إيجاد منافذ لخرق تلك العقوبات وأنّها تستخدم لأجل ذلك بعض حلفاء الولايات المتحدة نفسها مثل قطر والعراق.

وكان المدير العام للملاحة البحرية والموانئ في محافظة بوشهر سياوش أرجمند زادة تحدث، في وقت سابق هذا الأسبوع، عن استعدادات لتفعيل خط ملاحي بحري بين بوشهر وقطر.

وأكد المسؤول الإيراني أن تفعيل هذا الخط سيسهم بشكل ملحوظ في تعزيز التجارة البحرية بين إيران وقطر، كما يتيح فرصا سياحية كبيرة في محافظة بوشهر. وكان رئيس غرفة التجارة الإيرانية القطرية عدنان موسوي بور أشار مؤخرا إلى أن قطر تعتزم تقليص حجم التبادل التجاري مع إيران تفاديا للعقوبات الأميركية.