IMLebanon

تفاقُم الازمة السياسيّة – الامنية يُحرِّك السفراء مخافة الشلل الحكومي

كتب غاصب المختار في صحيفة “اللواء”: 

امّا  وقد استنفدت اطراف الازمة الامنية – السياسية التي اندلعت في الجبل الاحد الماضي كل مواقفها وتحركاتها، وبات ما يستجد من باب لزوم ما لا يلزم، فالسؤال المطروح: الى اين يذهب البلد بعد هذا الضجيج الكبير الذي ترك انعكاسات سلبية، اولاً بشكل مباشرعلى موسم الاصطياف والسياحة في منطقة عاليه، وثانيا على الوضع الحكومي والامني والشعبي، فصار من الضروري البحث عن مخارج لهذه الازمة المستفحلة، والتي يبدو انها قد تكبر اكثر اذا لم يتم تداركها، خاصة على صعيد العلاقات بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي و«التيار الوطني الحر»، وما بينهم من حلفاء لهذا الفريق وذاك.

وقد ظهر حجم خطورة الازمة بدخول بعض السفراء ومنهم سفراء دول كبرى على خط التواصل، من اجل استطلاع مسار الامور ومستقبلها ومدى خطورتها على الوضع اللبناني عموما بكل جوانبه، لا سيما الامنية والاقتصادية والسياسية، وقد زار بعضهم رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، لمعرفة موقفه والوقوف على تفاصيل معلوماته حول ماجرى، وهو امر قد ينسحب على قيادات اخرى من المرتقب ان تشملها حركة السفراء المعنيين بشكل مباشر بالوضع اللبناني.

وبدا من مسار الازمة حتى الان وتعثر ايجاد الحلول السياسية باكرا، ان التأثير الاكبر انعكس شللا على عمل الحكومة، التي كان من المرتقب ان تشهد خلال الاسبوعين الماضيين ورشة تحريك بعض الملفات العالقة المتصلة بخطة «ماكينزي» الاقتصادية والمالية والتعيينات الادراية والنفايات والكهرباء وسواها، فيما لا زالت لجنة المال والموازنة تتخبط في ايجاد سبل إقرار المواد العالقة وتبحث عن مخارج مقبولة لها.

وفي حين غاب رئيس الحكومة سعد الحريري عن بيروت في زيارة خاصة الى باريس خلال عطلة نهاية الاسبوع ومن المرتقب ان يعود اليوم الاثنين، فإن الاتصالات البعيدة عن الاضواء استمرت ولو بخجل من اجل ايجاد مخرج لدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد هذا الاسبوع وإذا امكن يوم الخميس المقبل، لكن يبدو ان المساعي لا زالت تصطدم بالشروط والشروط المضادة لوليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان، حول تسليم كل المشتبه بعلاقتهم بجريمة قبرشمون وإحالة القضية على المجلس العدلي، بحيث ذكرت مصادر رسمية ان ما يعيق الحل الامني هو عدم تسليم الحزب التقدمي لشخصين متهمين بشكل مباشر بإطلاق النار، مع انه جرى يوم السبت تسليم عنصرين اخرين، فيما يُطالب «الاشتراكي» بتسليم عنصرين من عناصر موكب الوزير صالح غريب متهمين بإطلاق النار خلال محاولة فتح الطريق امام الموكب.

ومع بروز تسريبات عن احتمال استقالة وزيري الحزب الاشتراكي اكرم شهيب ووائل ابو فاعور من الحكومة «اذا استمرت محاولات الضغط والحصار السياسي على جنبلاط»، إلا ان شيئاً رسميا لم يتأكد في هذا المجال، ومع ذلك فإن جنبلاط واركانه وكوادر حزبه شنوا حملة سياسية عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عنوانها «فشل محاولات حصار وتطويق جنبلاط»، مقابل حملات اخرى من الحزب الديموقراطي والتيار الحر ترفض محاولات جنبلاط بالاستئثار بقرار الجبل والحكومة.

ولهذا تشير المصادر الرسمية الى ان المعالجات متأخرة قليلا لحين انتهاء الشق الامني كاملا في حادثة الجبل، ليبدأ الحكي السياسي بالعمق، والمرتقب ان يدخل على خطّه بشكل مكثف الرئيس نبيه بري عبر محاولة ترطيب الاجواء بين جنبلاط وارسلان اولاً، ثم بين جنبلاط والوزير جبران باسيل، إضافة الى مساعي رئيس الحكومة  و«حزب الله» لرأب الصدع الحكومي ومنع الشلل عن مجلس الوزراء، الذي ينتظر العالم كله ما سيقرره في معالجة الوضع الاقتصادي والمالي، لا سيما بعد التقارير السلبية لصندوق النقد الدولي وبعض مؤسسات التصنيف المالي العالمية، ولو ان بعض الاطراف رأى ان تقاريرها وبياناتها تحمل طابعا سياسيا اكثر مما هو تقني.

وترى المصادر الرسمية ان المسعى السياسي سيتركز على محاولة استيعاب جنبلاط وطمأنته الى عدم وجود قرار أو نيّة بمحاصرته وتطويقه ووقف الضغوط عليه، بالتوازي مع شغل على خط النائب ارسلان للتراجع عن مطلب إحالة جريمة قبرشمون على المجلس العدلي، خاصة ان اغلبية قوى الحكومة الاساسيين هم ضد إحالتها على الاقل الان الى المجلس العدلي، وليس قبل اتضاح كل ملابسات ما جرى وتحديد المسؤوليات بدقة من قبل الاجهزة الامنية والقضاء، ليُبنى لاحقا على الشيء مقتضاه.

وتتوقع المصادر الرسمية المواكبة لحركة الاتصالات البطيئة، ان تكون المعالجة تدريجية طالما انه من المتعذر معالجتها بجرعة واحدة، نتيجة حدّة الاصطفافات الحاصلة حاليا، وتمسك الفرقاء كلّ بموقفه حول طبيعة المعالجات المطلوبة! ما يفترض توفير تطمينات لكل الاطراف حول وضعيتها السياسية وحصصها في الدولة وفي تركيبة النظام.