IMLebanon

التوتر بين الحريري وباسيل ينسف “التضامن الحكومي”

تتدحرج العلاقة بين رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل نحو المزيد من التأزم، الأمر الذي يلقي بظلال قاتمة على فرص تحقيق “التضامن الحكومي” الذي لطالما دعا إليه الحريري، ولا يجد طريقه بعد إلى التنفيذ.

وعاد التوتر يخيم على العلاقة بين الحريري وباسيل، على خلفية الزيارة الاستفزازية التي كان ينوي القيام بها وزير الخارجية الذي يتولى أيضا رئاسة التيار الوطني الحر لمحافظة جبل لبنان قبل أكثر من أسبوع وكادت تتسبب في فتنة درزية درزية، حينما سقط نتيجتها اثنان من مرافقي وزير المهجرين صالح الغريب قتلى إثر اعتراض مجموعة من الغاضبين من أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي للموكب الذي كان ينوي مرافقة باسيل لمنطقة عاليه.

وفي ظل محاولات الحريري احتواء النيران في الجبل عمد باسيل إلى التصعيد من خلال الإصرار على تسليم المطلوبين وهم من أنصار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إلى المجلس العدلي، ولم يكتف بذلك بل عمد إلى تعطيل مجلس الوزراء من خلال مقاطعة اجتماعاته، الأمر الذي استفز بشكل كبير رئيس الحكومة الذي عد الخطوة بمثابة عملية لي ذراع، ومسعى جديد لضرب صلاحياته، فكان أن عقد عشاء “مصالحة” مع جنبلاط الذي كانت العلاقة معه تشهد لوقت قريب فتورا جراء ما اعتبره الأخير اصطفافا من رئيس الوزراء مع التيار الوطني الحر الذي يسعى لتحجيمه سياسيا وطائفيا.

وتوالت المطبات في مسار العلاقة بين الحريري وباسيل فكان آخرها قيام الأخير بزيارة السبت إلى طرابلس، رغم أن الحريري سبق أن حذر من ذلك كما أن قيادات تيار المستقبل طالبوا رئيس التيار الوطني الحر بالكف عن “سياحته الفتنوية”.

وتعد طرابلس أحد معاقل تيار المستقبل الذي يقوده الحريري، وتشكل زيارة المدينة التي تلقب بعاصمة الشمال استفزازا جديدا ليس فقط للطائفة السنية التي سبق وأن اتهمها باسيل بأنها أتت على أنقاض المارونية السياسية بل وأيضا هي استفزاز لتيار المستقبل وإحراج له.

رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يعرب عن أسفه للأجواء التي لا توحي باجتماع للحكومة في الأيام المقبلة
ويستبعد مراقبون أن تشهد العلاقة بين الحريري وباسيل انفراجة في الأفق القريب خاصة وأن رئيس الوزراء بدا أن صبره نفد من سلوكيات وزير الخارجية، الذي إلى اليوم يصر على موقفه لجهة مقاطعة اجتماعات مجلس الوزراء.

وسبق أن شهدت العلاقة بين الطرفين هزات خلال الفترة الماضية، وكان الحريري يحاول التخفيف من حدتها تارة باعتماد سياسة التجاهل وعدم الرد وطورا بدعوة عون للتدخل ووضع حد لسياسات صهره.

ويقول المراقبون إن رئيس الوزراء يتجه هذه المرة على ما يبدو لاتخاذ موقف حازم تجاه تعاطي باسيل وتصرفاته التي باتت تشكل تهديدا ليس فقط للعهد بل للوضع الأمني في البلد الهش بطبعه.

ولا توجد مؤشرات عن إمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء رغم وجود ملفات ضاغطة اقتصاديا، وأعرب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأحد عن أسفه للأجواء التي لا توحي باجتماع للحكومة في الأيام المقبلة، معتبرا أنها “جريمة بحق الوطن، إذ في الوضع الذي نعيش فيه وفي ظل صعوبات معيشية، نحتاج إلى اجتماعات مكثفة وسريعة”.

وقال في تصريحات صحافية “من غير المقبول أن يعطل وزير الخارجية اجتماع الحكومة من أجل بعض المكاسب الحزبية الصغيرة”، مضيفا “إذا كانت هذه هي نوعية القوى السياسية فلا أعرف إلى أين نحن ذاهبون”. وشدد رئيس القوات على أن “باسيل أعادنا 50 سنة إلى الوراء، يطرح الأمور بقلب أسود، ويشنّج الأجواء من جديد”، مضيفا “ليس مستغربا أن تستقبل منطقة كطرابلس، باسيل، الاستقبال الذي استقبلته به”.