IMLebanon

حادثة قبرشمون.. تصعيد مستمر وبصيص الأمل ضعيف

كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:

بعد انقضاء أسبوع، على حادثة قبرشمون، لا يزال التصعيد بين الفريقين المعنيين سيّد المواقف، ولا شيء حتى الآن يعطي بصيص أمل ضعيف بالتوصل إلى تسوية سياسية تضع حداً لهذا التصعيد وتعيد الحياة إلى عجلة الدولة المتوقفة منذ وقوع الحادث، ورفع فريق العهد شعار الاستفراد برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، وتدفيعه ثمن هذه الحادثة من ضمن خطة ممنهجة لمحاصرته في الجبل، لمصلحة الفريق الدرزي المتحالف مع التيار الوطني الحر بقيادة وزير الخارجية جبران باسيل.

طبيعي أن يرد الحزب التقدمي الاشتراكي على هذا التصعيد الممنهج، بتصعيد مضاد بدءاً بتوسيع دائرة اتصالاته مع القوى المسيحية لقطع الطريق على مشروع العودة إلى الاحتراب بين الدروز والمسيحيين في الجبل الذي طويت صفحاته السوداء بعد المصالحة التاريخية التي أرساها بطريرك الموارنة الراحل نصر الله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وترسخت بعد انضمام الأحزاب المسيحية إليها ما عدا التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل، وعبّر في أكثر من مناسبة عن عدم اعترافه بها بشكل استفزازي دفع الأحزاب المسيحية الأخرى إلى الاعتراض على هذا الاسلوب الاستفزازي الذي يقوده رئيس التيار الوطني الحر والتأكيد على التمسك بالمصالحة التاريخية التي تشكّل عنوان وحدة وسيادة واستقرار لبنان.

هذه الأجواء التي ما زالت مشحونة والتي حملت الحزب التقدمي الاشتراكي إلى ان يرد على التصعيد بمثله بدءاً برفضه الرضوخ للشروط التي طلع بها رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان بالتنسيق الكامل مع رئيس التيار البرتقالي ومن يدور في فلكه من القوى المسيحية وغير المسيحية وصولاً إلى التهديد باستقالة وزرائه من الحكومة، وترك الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات. هذه الأجواء دفعت برئيس مجلس النواب نبيه بري إلى زيارة القصر الجمهوري، متجاوزاً حالة الفتور الدائمة مع رئيس الجمهورية، لوضع الرئيس عون أمام المخاطر التي يُمكن أن يتعرّض لها لبنان في حال لم يتراجع التيار الوطني ورئيسه عن طروحاته المستفزة والتي لا تخدم الاستقرار في البلاد، ودعوته إلى التدخل شخصياً لفتح قنوات الاتصال بين الفريقين لأن المشكلة سياسية ولا تحل الا بالحوار، من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة تفضي بدورها إلى تنفيس الاحتقان القائم، وبناء جسر من التفاهم بين الفريقين على تجاوز الحادث بدلاً من استخدامه شماعة لإثارة الفتنة المزدوجة في الجبل بين الدروز أنفسهم وبين فريق منهم وبين المسيحيين الذين يدينون بالولاء لرئيس التيار الوطني الحر، ومن دون ذلك، لا أحد يعرف إلى ما يؤدي هذا التصعيد ليس على التصعيد الحكومي وحسب، وإنما على صعيد السلم الأهلي في البلاد. غير أن الأجواء التي نقلت عن هذه الزيارة، لا تحمل معها أي تباشير بإمكان تدخل القصر الجمهوري لرأب الصدع عبر تسوية سياسية لأنه ما زال متمسكاً بما صدر عن المجلس العسكري الذي اجتمع غداة حادث قبرشمون وبما صدر عنه من قرارات، ما يفهم منه ان بعبدا ترى إحالة الحادث إلى المجلس العدلي وفق ما يطالب به النائب أرسلان والوزير باسيل حتى ولو اقتضى الأمر تعرض حكومة الوفاق الوطني إلى نكسة قوية، خصوصاً وان الوزير أبو فاعور لم يسقط من الحساب إمكان استقالة وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي بما يُسقط الميثاقية عن حكومة الوفاق، فمن يمكن أن يتحمّل هذه المسؤولية؟