IMLebanon

الجبهة المناهضة لباسيل ونصرالله تضعف

فجّرت تصريحات لرئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل انتقد فيها كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، واتهمهما بالخضوع لتسوية رسمها حزب الله، سجالا جديدا على الساحة اللبنانية، التي تشهد اليوم اهتزازا لا يهدد فقط بزيادة الشرخ بين الأفرقاء بل وأيضا أصحاب الرؤية السياسية الواحدة.

وترى دوائر سياسية أن ما أتى به الجميل في هذا التوقيت لا يخدم سوى الطرف المقابل أي التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله، اللذان يتخذان من تفكك “القوى السيادية” الوصفة المثلى لإبقاء قبضتهم على لبنان وتعزيزها.

وأطلق الجميل سلسلة مواقف في حديث مع إحدى وسائل الإعلام المحلية مؤخرا كان من بينها “أن رئيس حزب القوات اللبنانية ورئيس الحكومة استسلما لمنطق التسوية التي فرضها حزب الله، بحجة أن البلاد معطلة”، لافتا إلى أن هذا سبب الخلاف معهما.

ويشير الجميل إلى التسوية التي جرت في العام 2016 وتم بمقتضاها تولى العماد ميشال عون رئاسة الجمهورية فيما آلت رئاسة الحكومة لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وقد رفض حزب الكتائب المشاركة في هذه التسوية سواء في حكومة الحريري الأولى أو الثانية.

ولطالما وجّه رئيس الكتائب سهام انتقاداته إلى تلك التسوية لكن تصريحاته الأخيرة اعتبرها حزب القوات الذي يعد أحد مؤثثيها مستفزة، وتحاول تشويه الحزب ورئيسه، من خلال محاولة الادعاء بأنهما خانا القضية بحكم الاشتراك مع حزب الله وجماعة 8 آذار في حكومة واحدة. وفي معرض ردها على تصريحات الجميل قال حزب القوات في بيان إنه ومنذ تسلمه رئاسة الكتائب، ناصب القوات العداء بسبب أو من دون سبب على الرغم من التماهي الحاصل دائما أبدا بين قواعد الحزبين. واعتبر حزب القوات أن هذا الموقف يعود لشعوره بأنه تم انتزاع الزعامة منه، ولفت إلى أن الكتائب نفسها سبق وأن كانت شريكة لحزب الله في ذات الحكومة حينما كان تمام سلام رئيسا للوزراء.

لطالما سعى الجميل منذ تسلمه رئاسة الكتائب إلى إظهار حالة من التمايز عن باقي الطيف المؤثث للسلطة
وبخصوص تصريحه بأن لم يستسلم لحزب الله تساءل “القوات” كيف ترجم الجميل ذلك عمليا؟ ما الذي فعله على ارض الواقع؟ هل أعلن الثورة على السلاح غير الشرعي وبدأ بالخطوات العملية لذلك؟ أم أن بطولاته الوهمية تقتصر على بعض التصريحات من هنا وهناك في الوقت الذي تمتلىء به الصحف يوميا بأخبار عن جهود القوات اللبنانية وخططها ومواقفها، وفي الوقت الذي تخوض فيه القوات معارك وجها لوجه، على أرض الواقع، في المجلس النيابي والحكومة، فيما يخوض غيرها معارك في العالم الافتراضي أسوة بفتيان هذا الجيل.

وأهاب بيان القوات بالجميل، أن “ينصرف إلى عمله بالشكل الذي يراه مناسباً، ويدعها وشأنها، خصوصاً وأنهما يتشاركان الرؤية السياسية عينها، ولهما تقريباً المواقف ذاتها من مختلف الملفات المطروحة، وان يعمل لانتشال الكتائب هذا الحزب التاريخي العريق من الحضيض الذي أوصلته إليه سياساته ومواقفه الانفعالية ذات الخلفية الحاقدة لئلا نقول أكثر”.

وسارعت الكتائب إلى الرد على بيان القوات التي اعتبرت أنه مجاني قائلة في بيان “الحزب يتفهم التوتر الذي تعيشه قيادة حزب القوات وصعوبة إقناع قواعدها، بالنتائج التي وصلت إليها القوات اليوم جراء دخولها التسوية الرئاسية، التي يدفع لبنان الثمن في سيادته، والشعب اللبناني برمته يوميا بلقمة عيشه، وما رافق هذه التسوية من وعود وطموحات ومحاصصة، لم يتحقق منها شيء وباتت القوات تتلقى الضربة تلو الضربة، ممن أقامت التسوية معهم وأوصلتهم إلى مراكز القرار”، في إشارة إلى تفاهم معراب الذي جرى بين القوات والتيار الوطني الحر.

وأوضحت الكتائب أن “المشكلة ليست في المشاركة في الحكومات، بل الدخول في حكومة يفرض فيها حزب الله شروطه في التشكيل والسياسات والمواضيع ويقبل بها المشاركون في الحكومة”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها سجال بين القوات والكتائب الذين نشآ من رحم سياسي واحد، بيد أنها الأعنف.

ولطالما سعى الجميل منذ تسلمه رئاسة الكتائب إلى إظهار حالة من التمايز عن باقي الطيف المؤثث للسلطة، واختار أن يبقى خارج المنظومة القائمة، ولكنّ كثيرين لا يشاطرونه الخيار على غرار القوات التي ترى في المعارضة من الداخل السبيل الأنجع والأمثل.

ويرى مراقبون أن هناك اليوم تحديات كبرى تواجه الحزبان أبرزها مساعي التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل للهيمنة على الساحة المسيحية وقد نجح بالفعل في قطع عدة أشواط، سواء على صعيد الحضور النيابي والتأثير الحكومي، فضلا عن تنامي ثقله الشعبي نتيجة الخطابات الشعبوية التي ينتهجها باسيل وتلقى رواجا كبيرا في صفوف الشارع المسيحي.

ويعتبر المراقبون أن السجال المفتوح حاليا بين الكتائب والقوات من شأنه أن يضعف كلا الطرفين اللذين هما في حاجة إلى توحيد المواقف أكثر من أي وقت مضى.