IMLebanon

القرعون “بحيرة خضراء”: السينوباكتريا باقية… وتتجدّد!

كتبت رحيل دندش في صحيفة “الأخبار”:

في مشهد بات يتكرر كل سنة، منذ 12 عاماً، تلوّنَ قسم من بحيرة القرعون بالأخضر والأزرق، وفاحت منها روائح كريهة، بما يؤشر إلى تكاثر «السينوباكتيريا» السامة على سطح البحيرة وفي أعماقها.

المصلحة الوطنية لنهر الليطاني أعلنت في آذار الماضي عودة التنوع البيولوجي إلى القرعون بعد رصد عدد من الكائنات الحية التي عادت لتعيش في البحيرة، وتؤشر إلى نوعية جيدة للمياه بعد موسم غني بالأمطار. غير أن عودة «السينوباكتيريا» تدل على القضاء مجدداً على الحياة المائية فيها، وفق الباحث في المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور كمال سليم الذي أكّد أن «السينوباكتيريا» لم تختف بفعل الأمطار، «إنما انحبست في قعر البحيرة، وكان متوقعاً تكاثرها مع توافر الظروف المؤاتية من ارتفاع درجات الحرارة واستمرار تدفق مغذيات هذه البكتيريا من صرف صحي وصناعي».
صور «البحيرة الخضراء» انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وأثارت حالاً من الهلع، فيما أكد رئيس مجلس إدارة مصلحة الليطاني سامي علوية أن الصور المتداولة هي «للجزء الغربي من البحيرة أسفل بلدة صغبين، ولا تشمل كل البحيرة التي تبلغ مساحتها 12 كيلومتراً مربعاً (ما يوازي ثلثي مدينة بيروت)». لكنه أشار الى أن «هذا لا يعني أن البحيرة بخير، والدليل أن الري منها متوقف، ولا يستفاد منها في القناة 900 المجهزة لري الأراضي الزراعية في البقاع الغربي. فالبحيرة اليوم غير صالحة سوى لتوليد الطاقة». ولفت الى أن العلاج «لا يكون بإفراغ البحيرة كما يدعو لذلك بعض السماسرة، بل بوقف ضخ نحو 40 مليون متر مكعب سنوياً من الصرف الصحي والصناعي الى البحيرة». ولفت إلى أن المجلس الوطني للبحوث العلمية سيجري دراسة لكيفية التخلص من «السينوبكتيريا» بعد وقف مصادر التلوث، «لكن هذا الحديث الآن سابق لأوانه، خصوصاً أن مجلس الإنماء والإعمار لم يطبّق القانون 63 القاضي بإنشاء محطات تكرير مركزية من المنبع حتى البحيرة». أما ما نُفّذ من محطات تكرير فـ«يعاني من إخلال في المواصفات مع سوء تنفيذ الشبكات، بسبب ربطها بمياه الأمطار واختلاطها بمياه الصرف الصناعي، ما يهدد عملها، إلى جانب عدم قدرة مؤسسة مياه البقاع على التشغيل فنياً ومالياً، وعدم توافر الطاقة الكهربائية».

لن تنتهي البكتيريا في ظل استمرار ضخ مياه الصرف الصحي والصناعي الى البحيرة

علوية أشار إلى أن «الحلول الحديثة – بعكس ما يقوم به المجلس – تعتمد اللامركزية وعدم ربط عدد كبير من البلدات بمحطة واحدة، إضافة إلى وجوب لحظ معالجة الوحول الناجمة عن التكرير». واعتبر انه «رغم ذلك، يتأخر المجلس في تنفيذ المخطط التوجيهي المعيوب، فلم يتم، مثلاً، تنفيذ محطة تمنين ولا محطة المرج، ما يعني أن الصرف الصحي ليس ضمن أولويات الإنماء والاعمار».
وعدا عمّا تسبّبه من قضاء على الحياة المائية (لا يعيش في البحيرة حالياً سوى سمكة الشبوط carpe التي تتحمل السموم والملوثات، والتي منعت وزارة الزراعة استهلاكها)، فإن للسينوبكتيريا أضراراً جسيمة على صحة الإنسان، إذ تتسبّب في أمراض تنفسية وجلدية وأمراض الكبد والجهاز العصبي، عبر تسربها إلى المياه الجوفية، أو التماس المباشر معها كما يؤكد سليم. وأشار إلى أن المنصات العائمة (تصدر موجات ما فوق صوتية) التي وضعتها المصلحة في تموز 2018 بهدف الحدّ من نمو الطحالب المضرّة، تعالج من 10 إلى 20 في المئة فقط من التلوث الموجود، فيما المطلوب وقف ضخ الصرف الصناعي والصحي الى البحيرة.