IMLebanon

باسيل عبر إلى الجنوب من البوابة الأمنية وأزمته سنياً غير مغفورة

كتب جمال عزام في صحيفة “نداء الوطن”:

في الوقت الذي يجهد فيه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل لتكريس حضوره “انه الأقوى مسيحياً” كمقدمة يعتبرها “لازمة للعبور الى الموقع الاول في الدولة اللبنانية المتمثل برئاسة الجمهورية”، يُمنى بخسائر فادحة على “المستوى الوطني”، حتى ان حلفاءه الأقربين ما عادوا يأمنون جانبه ويتعاطون معه محلياً وكأمر واقع من ضمن سياق اجندة ستنتهي صلاحيتها مع انتهاء العهد.

وسجّل مراقبون “تطورين اساسيين في مسار الايام القليلة الماضية:

عبور امني مشروط

الأول: تمثل في العبور المشروط للوزير باسيل الى الجنوب، وليس بريئاً، ان يتعمّد الثنائي الشيعي أن يكون هذا العبور من البوابة الامنية، اي في ضيافة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، وكان ثالثهما الى مائدة العشاء ليلة الاحد المنصرم مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا المدرج حديثاً على لائحة العقوبات الأميركية. وهذا العبور الامني المشروط له دلالاته، فلا دارة مصيلح وقاعة ادهم خنجر فتحت ابوابها له، ولا مراكز “حزب الله” وبيوت قادته وكوادره الممتدة على مساحة الجنوب عوّضت هذا النقص الفادح في مراسم الاستقبال بعدما اقفل الباب السياسي الرسمي ولم يفتح له، كما ان الصور التي وزّعت من دارة اللواء ابراهيم وكلها ثنائية اختصرت حقيقة المشهد.

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل لم يكلف احد من نواب ووزراء المنطقة الرد على اثارة باسيل ما اسماه قضية المبعدين قسراً الى اسرائيل، واوكل الامر الى الشخص القابع في آخر لائحة الفائزين في الانتخابات النيابية قاسم هاشم ليرد بتغريدة كانت كافية لافهام باسيل الرسالة وهي انه “هذا حجمك عندنا”.

لا بل وجد وزير المال وزير “حركة امل” السيادي علي حسن خليل متسعاً من الوقت واختار في يوم جولة باسيل، دعوة مجموعة من الزملاء الى دارته في الخيام في حفلة شواء (بيكنيك) للدلالة على الفراغ الممل في هذا اليوم الجنوبي حيث ارتفعت درجة الحرارة على غير عادتها.

مجلس وزاري مصغّر

الثاني: بدء رد فعل سني على تمادي باسيل في الاعتداء على صلاحيات الرئاسة الثالثة، وكان أفظعها، المجلس الوزاري المصغر الذي عقده “وزير العهد” في مقر وزارة الخارجية لثلثه الخاص المعطل وبلا اي جميل من حليف او صديق، في التوقيت نفسه لانعقاد جلسة مجلس الوزراء في السراي، وحاول الرئيس ميشال عون استدراك الموقف بحيث كان المخرج بتأمين النصاب ومن ثم رفع الجلسة بذريعة عدم تفجّر مجلس الوزراء من الداخل، وهذا تبرير في موقع الادانة، الامر الذي استدعى حراكاً سنياً صامتاً هذه المرة، انتج مجلساً رئاسياً مؤلفاً ممن تعاقبوا على الرئاسة الثالثة، الذي اجتمع الى الرئيس الحريري وتفاهم معه على الخطوات وتوجه الى السعودية.

يريد السنة نقل رسالة لباسيل، مفادها أن الرئاسة الاولى التي تسعى اليها أضحت كـ”حلم ابليس” في الجنة، واي قراءة سطحية للحراك السني الوازن، هو بمثابة الامعان في ارتكاب الخطيئة، لان هذه الحلقة السياسية والدينية والنخبوية التي تجمّعت واجتمعت تحت شعار اساسي هو حماية الطائف والعودة الى الدستور، والتي تعمّدت ان تنطلق الى السعودية للقاء قادتها بعد اجتماع مع الحريري، ليس من السهل كسرها او اختراقها عبر تسويات تحت الطاولة او في العواصم الغربية كما حصل في التسوية الرئاسية الحالية، اي لا تسويات رئاسية بعد اليوم، وما يحكم مسار ومصير الرئاسة الاولى هو الوفاق الوطني كون رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي اقسم يمين الحفاظ على الدستور، وقوة الرئيس المقبل تنبع من مدى التزامه الدستور نصاً وروحاً، والمجلس الرئاسي الثلاثي مدعوماً من اركان الطائفة السنية الروحية والمدنية سيكون المانع لأي تسويات ثنائية تعيد انتاج الخطاب الشبيه بخطاب باسيل الحالي الذي اثار العصبيات الطائفية والمذهبية”.

خلاصة الامر لدى المطلعين “ان رئيس “التيار الوطني الحر” الذي عبر الى الجنوب من البوابة الامنية حصراً، هو مأزوم وطنياً نتيجة خطابه المكروه من المكونات اللبنانية الاخرى، وبالتالي محبط رئاسياً ولن تنفع عمليات الترقيع في اصلاح ما جناه عبوره المناطقي المستفز”.