IMLebanon

العقوبات الأميركية استكمال لرسائل سابقة حضّت “الحزب”

كتب أنطوان الاسمر في صحيفة “اللواء”:

تقصّد نصر الله إبراز خريطة استهداف الشمال الإسرائيلي  في إطلالته التلفزيونية الأخيرة في تحد واضح لأي اتجاه إسرائيلي للتصعيد

ترصد البعثات الديبلوماسية في بيروت، أكثر من أي وقت مضى، المدى الذي سيبلغه الضغط الأميركي على إيران، وإستطرادا حزب الله بإعتباره الذراع الأقوى لها في المنطقة، والأكثر قدرة وليونة على التحرك على مساحات شاسعة تتعدى لبنان الى عدد من الدول العربية والإفريقية. كما ترصد هذه البعثات مدى الترابط الأميركي – الإسرائيلي في مقاربة المسألة الإيرانية، انطلاقا من أي استهداف أميركي لطهران لا يمكن أن يتم بمعزل عن إشراك الحكومة الإسرائيلية فيه، ربطا باقتناع مشترك بأن حزب الله لن يكون إطلاقا خارج أي مسار حربي.

لكن هذا الإعتقاد لم يمنع الأميركيين والأوروبيين من توجيه رسائل الى حزب الله، مباشرة او عبر الحكومة اللبنانية، من ضرورة أن يعزل الحزب نفسه، وتاليا لبنان، عن أي تطور إقليمي، لأن أي تحرك له إستجابة لطلب إيراني سيضع لبنان كله في دائرة الحرب.

وثمة من الديبلوماسيين من يعتقد أن العقوبات الأخيرة على المسؤولين البارزين الثلاثة في الحزب، النائبين محمد رعد وشري والحاج وفيق صفا، لا يمكن مقاربتها او فهمها سوى في سياق تلك الرسائل التحذيرية الأميركية، تماما كما المناورات العسكرية الإسرائيلية المتنامية في هذه الفترة.

ويعتقد هذا الديبلوماسي الغربي أن التدريبات العسكرية الإسرائيلية التي تهدف فقط الى مواجهة حزب الله، كانت نقطة محورية في هذا النصف الأول من سنة 2019، وهي مؤشر خطر الى ما قد ينتظر المنطقة من تصعيد عسكري مأسوي في حال لم تتلقف مختلف الأطراف الخطورة الكامنة وتعمد الى مزج نبيذها ببعض الماء.

ويعدد الديبلوماسي بعضا من المؤشرات المقلقة، وفق الآتي:

أ- في منتصف نيسان، أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات لمدة أسبوعين شملت الوحدات في الخدمة الفعلية وجنود الاحتياط لتقييم الاستعداد القتالي للمناطق المعقدة والحضرية.

ب – في أيار، بدأ الجيش اختبار نظام إنذار صاروخي جديد يحدد بدقة المواقع التي تتعرض الى التهديد.

جـ – في أوائل حزيران، كانت هناك تدريبات قام فيها الجيش لمحاكاة الاستيلاء على قرية لبنانية يسيطر عليها حزب الله.

د – في منتصف حزيران، كان لافتا أن كل فرع من فروع الجيش الإسرائيلي أجرى تدريبات مشتركة ضخمة لمحاكاة سيناريو قتال يشمل قطاع غزة وسوريا ولبنان. وجرى التشديد على الغارات الجوية السريعة لضرب مواقع العدو قبل أن تتمكن أطقم العمل من إطلاق الصواريخ باتجاه الواجهة الإسرائيلية، كما التشديد على تحول سريع لإعادة انتشار القوات واعتراض أي صواريخ متبقية تُطلق نحو إسرائيل. كان هناك أيضا مكون قوي لتوفير الغطاء والتنسيق الوثيق مع القوات البرية في الميدان. كل هذه المناورات تحاكي غزو لبنان واستهداف حزب الله.

يضيف الديبلوماسي: صحيح أن التدريبات روتينية لأي جيش، لكن السياق الذي جرت فيه تلك المناورات يشير إلى دقة التوقعات. في أوائل نيسان، وردت تقارير عن مصنع جديد لصواريخ حزب الله في لبنان. وفي أواخر أيار أمر حزب الله مقاتلين من سوريا بالرجوع إلى جنوب لبنان للحصول على أوامر إنتشار جديدة. كان هناك أيضا عدد قليل من الحوادث الحدودية. على سبيل المثال، دخلت طائرة من دون طيار لفترة قصيرة المجال الجوي الإسرائيلي، واندلعت اشتباكات عند بوابة فاطمة بعد أن قامت إسرائيل بتركيب كاميرات أمنية على طول الخط الأزرق. كل هذا يتصدره ارتفاع ملحوظ في الخطاب العدائي الصادر عن العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين.

ويعتبر الديبلوماسي ان الإطلالة التلفزيونية الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أتت في صلب هذا السياق العام للتطورات، بحيث تقصّد إبراز خريطة إستهداف الشمال الإسرائيلي في تحدّ واضح وصريح لأي إتجاه إسرائيلي للتصعيد، وفي سياق ما بات يعرف بتوازن الرعب القائم عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

في الموازاة، يرى الديبلوماسي إياه ان معظم الأدلة لا تزال تشير إلى أن إيران تكافح من أجل تمويل ميليشياتها في سوريا، وبدرجة أقل في العراق. ومع ذلك، واصل الحوثيون مهاجمة أهداف سعودية بالصواريخ التي من المحتمل أن تكون مصدرها إيران التي تنفق على الحوثيين أقل مما تنفقه على ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان، لذلك من غير المستبعد حصول انسحاب إيراني من المسرح السوري حتى مع استمرار طهران في دعمها الحوثيين.

وتجدر الإشارة إلى أن أحد التقارير ادعى أن إيران، التي كانت قد سحبت قوات حزب الله في وقت سابق من سوريا، قد أعادت نشرها بغية محاربة تقدم المتمردين الأخير في المحافظات الشمالية الغربية. إذا تم تأكيد أي إعادة نشر ذات معنى للميليشيات على الجبهة السورية من خلال تقارير لاحقة، فسيكون ذلك تحديا للتوقعات.