IMLebanon

ملفّ ترسيم الحدود مع إسرائيل إلى طاولة التفاوض مجدّداً؟

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:

وفق مصادر معنية، يمكن ان تؤشر زيارة السفيرة الاميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد المقررة اليوم الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الى معطى جديد متعلق بمفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل حتى وان كانت وداعية. غير ان مصادر اخرى تحدثت عن فترة غموض تكتنف هذا الملف من بعد التشدد الاسرائيلي الذي دفع الجانب اللبناني الى التلويح باعادة النظر في الموضوع من الاساس، وهو المتمسك بتلازم الترسيم البحري والبري، ودخول الامم المتحدة كفريق مشرف.

وتقول هذه المصادر ان المعطى الوحيد الذي يمكن ان يبنى عليه هو انتقال الملف الى الوسيط الاميركي الجديد او طرحه على طاولة مجلس الوزراء، طبقا لما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري أخيراً، وهذا معناه تغيير بعض القواعد التي على اساسها بدأت المفاوضات، ولو ان من المبكر حسم مثل هذا الامر في ظل الظروف الحالية التي تحيط بانعقاد مجلس الوزراء من الاساس.

قد يكون الموقف اللبناني في موضوع ترسيم الحدود الدولية البحرية والبرية مع الجانب الاسرائيلي الأكثر صلابة وقوة، منذ ان عرف لبنان التفاوض في هذا الموضوع وتحديداً منذ تولي المبعوث الاميركي ديفيد ساترفيلد هذا الشأن. فقد اكتشف ان الموقف اللبناني موحد لدرجة ان رئيس المجلس نبيه بري ينطق بالشهادتين عن رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري، وهو “صاحب القضية “كما قال عنه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، مما أعطى لبنان هامشاً كبيراً من التحرك في مواجهة الاسرائيلي وفي الفرملة من حدة الانحياز الاميركي لإسرائيل. الا ان الموضوع التقني في عملية التفاوض يبقى مضنياً أسوة بإطار التفاوض كما المضمون، حيث ان كل بند يحتاج الى اتفاقية لتوضيحه وهذا ما يكتشفه الذين عملوا في عمليات التفاوض ومنهم اللواء عبد الرحمن شحيتلي.

ويؤكد شحيتلي ان “مصلحة لبنان في الوصول الى حل حول ملف ترسيم الحدود”، شرط “ان يتسلح بالمعرفة في عملية المفاوضات واعطاء كامل الثقة للطبقة السياسية اللبنانية التي تفاوض”. ويلفت الى موقف لبنان “القوي” في مسألة الترسيم “اذ يعتمد على حدود مرسمة تاريخياً ومصنفة من الامم المتحدة على انها حدود دولية بناء على اتفاقية فرنسية بريطانية أقرت العام 1923 وموقعة من عصبة الامم في الرابع من شباط 1924. حيث كانت هذه الحدود ما بين لبنان وسوريا من جهة، وفلسطين من جهة ثانية، وسميت الحدود الدولية. وبعد حرب العام 1948 بين الدول العربية واسرائيل وقعت الاخيرة مع كل دولة عربية على حدة اتفاقية الهدنة، التي تنص في بندها الخامس في ما يتعلق بلبنان على ان الخط الاخضر يتبع الحدود الدولية للبنان مع اسرائيل. وقّعت تل ابيب هذه الاتفاقية التي اودعت الامم المتحدة، ما يعد اعترافاً اسرائيلياً بحدود لبنان الدولية التي اقرت العام 1924 في الامم المتحدة”.

وقال ان “لبنان يذهب الى مفاوضات مع اسرائيل بخصوص الحدود البرية كي يقول انكم تعتدون علينا في 13 منطقة، ويجب ان نتوقع ان تقول اسرائيل انتم تعتدون علينا في هذه النقطة او تلك، وهنا السؤال هل ان لبنان مستعد للعودة الى حدود الـ 49 كما تم الاتفاق عليها او ستكون امامه عوائق”.

وحول خلفيات الحاجة الاسرائيلية الى التفاوض مع لبنان في هذا الوقت، توقف شحيتلي عند نقطة بالغة الاهمية بالنسبة الى اسرائيل وهي الموضوع الامني الذي سيكون الاكثر الحاحاً لحاجتها الى ترسيم الحدود والاستثمار الآمن، “لا يمكن لها ان تستثمر في ارضية مهددة لان المستثمر يريد الاستثمار في مكان آمن. والا التكاليف الامنية تكون فائضة وكذلك التأمين بما يجعل تكاليف الانتاج اكثر من المردود، ولذا لاسرائيل مصلحة ان تستثمر في بيئة آمنة ونحن لنا مصلحة لان ترفع اعتداءها عنا كي نستثمر ما لنا”.

ويؤكد أحقية مطلب لبنان بتلازم الترسيم البحري مع البري قائلا: “للبنان الحق بتلازم المسارين وليس من منطلق تقني فحسب بل لان اسرائيل وفي كل مفاوضاتها تأخذ ما تريد وترجئ الامور الاخرى الى الوقت الذي تستطيع ان تأخذه، والخوف ان الذي لا تأخذه في اول مفاوضات ترجئه لتأخذه بعد سنوات اخرى”.

ويقترح شحيتلي وجود “اتفاق واحد مذيل بملحقين، ملحق باحداثيات الحدود البرية، وملحق باحداثيات الحدود البحرية، بل اكثر من ذلك ان يذيل بملحق عن الحدود البرية وحدود المنطقة البحرية الاقليمية، وحدود المنطقة الاقتصادية لان في الحدود البحرية هناك اختلاف كبير بين التوصيف للحدود بين المنطقة البحرية الاقليمية والمنطقة الاقتصادية”، لافتاً الى ان “الحدود الاقليمية هي كالحدود البرية اي حدود سيادية تمارس الدولة عليها سيادة كاملة وليست كحدود المنطقة الاقتصادية التي ليست حدوداً سيادية بل منطقة استثمار اقتصادي حصري لنا”.

لا يمكن ان نفاوض اسرائيل كونها دولة عدوة فنلجأ الى البند الثاني ونحاور عبر وسيط، في حال لم نستطع التفاوض عبر وسيط نذهب الى البند الثالث اي التحكيم وهذا ليس من مصلحة لبنان لان المنطقة المتنازع عليها ضمن المنطقة الاقتصادية، ونكون بذلك قد اجّلنا المشكلة فيمكن حينذاك ان تقوم اسرائيل بالاستثمار، فيما تستغرق عملية التحكيم سنوات طويلة، والا محكمة البحار، وهذا أمر يطول حيث توجد 220 قضية خلاف بحري عالقة في العالم حاليا.