IMLebanon

شارع “عزمي”.. الشاهد على تاريخ طرابلس وسوء الأوضاع

كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:

ليست هذه هي حال شارع “عزمي” وتجاره كما كانت تُعرف من قبل. ولمن لا يعرف هذا الشارع: كان أطول شارع مستقيم في لبنان يمتد من مقهى “التل” العليا وصولاً إلى البحر. واليوم هو الشارع الحيوي الوسطي لطرابلس حيث يربط منطقة التل بالميناء ومن خلاله يمكن الوصول إلى كل الشوارع الرئيسية في وسط المدينة. وسمّي بهذا الإسم نسبة إلى عزمي بك الذي كان يشغل منصب متصرف لواء طرابلس خلال فترة العثمانيين.

ويمكن قراءة حركة المدينة من شارع عزمي الذي يصب فيه الوافدون من المناطق المجاورة مثل عكار والضنية والكورة، وهو يشكو حالياً من قلّة المرتادين وغياب الحركة السابقة. حتى في زمن المعارك بين “الجبل والتبانة” لم تكن الأوضاع كما هي اليوم. إن شارع عزمي يرتبط بتاريخ طرابلس، وحكاية من حكايات الزمن الجميل. ومهما استُحدثت شوارع ومناطق جديدة في المدينة، تبقى لـ”عزمي” ميزته الخاصة.

بعد ظهر السبت

بعد ظهر السبت كانت الجولة في شارع عزمي. إنّه وقت الذروة في عُرف التجّار. ويتفق أصحاب المحلّات والتجّار هناك على أن “ما وصلت إليه الأوضاع في هذه المرحلة، لم تصل إليها حتى في عزّ الحروب والأزمات”. المحلات جميعها من ملابس وأقمشة وأكسسوار وغيرها، تفتح أبوابها ولا زبائن، الحركة أكثر من خجولة ولسان حال أصحاب المحلات “الله يفرجها”.

دخلنا إلى محل السيد أحمد صوراني لبيع الملابس الرسمية في أول شارع عزمي. كان يجلس هو الى الطاولة الأساسية بينما يجلس العامل على كرسي قبالة مدخل المحل بانتظار أن يدخل أحد. ظنّ العامل أنني زبون فبادرني بالقول: “أهلاً وسهلاً.. تفضل”. لكنّ المفاجأة كانت عندما علموا أنني لست زبوناً. يقول صوراني لـ”نداء الوطن”: “أوضاعنا كتجّار ليست على ما يرام. نشتري بالدين والجبر على الله…الزبائن يتمشّون في السوق ولا يدخلون إلى المحلات لا أدري لماذا…ولزيادة الطين بلّة فإن الجمارك تلاحق بضاعتنا عندما نقرر نقل أي بضاعة من بيروت إلى طرابلس”.

ويتحدث رئيس جمعية تجّار شارع عزمي طلال بارودي عن أوضاع شارع عزمي، خصوصاً على أبواب الصيف وفترة ما بين العيدين ويقول لـ”نداء الوطن”: “2011 كان عاماً ذهبياً لتجّار “عزمي” وطرابلس في شكل عام وبعدها بدأ التراجع. هناك نسبة تراجع كبيرة بدأت منذ العام 2014 وتستمر حتى اليوم. والتراجع هذا العام مخيف وهو بنسبة 30% عن سنة الـ 2018. وأسبابه كثيرة لكنّ أهمها أن المناطق أكلت من حصّة المدينة بسبب الأسواق التي تفتتح هناك، ويضاف إلى ذلك الوضع الإقتصادي في البلد حيث تمتنع البنوك عن إعطاء التجّار قروضاً وتسهيلات بسبب أزمات المصارف والقروض السكنية المتوقفة، إضافة إلى الأزمة السورية وتراجع تقديمات المغتربين، وكل هذه العوامل مع بعضها اجتمعت لتؤثر سلباً على الواقع الاقتصادي للمدينة”.

وشدد بارودي على أن “طرابلس مدينة تكتسحها الفوضى وغياب التنظيم الذي من شأنه إذا حصل أن يجعل الحركة في المدينة أفضل بكثير. فطرابلس اليوم بالنسبة إلى كثيرين، خصوصاً ممن يأتون من خارجها، هي مدينة للعمل يقضي فيها الفرد مهمته ولا يصدّق متى يخرج من كثرة الفوضى والتعديات الموجودة”.

يعكس شارع عزمي الواقع الذي وصلت إليه أحوال مدينة طرابلس برمّتها والتي تحتاج إلى خطة إنقاذ حقيقية تُخرج المدينة من أتون الفوضى والإنكماش الذي وضعت فيه.