IMLebanon

حكومة “إلى العمل” سريعة العطب

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “الأخبار”:

أثبتت حادثة قبرشمون و”عقدة المجلس العدلي” أن الحكومة سريعة العطب إن لم تكن معطوبة بالولادة، فتعطل انعقاد جلساتها حتى تاريخه قد يكون المؤشر الدقيق للحال الذي وصلت إليه الامور. الا أن فعالية الجلسات ونوعية القرارات الصادرة عنها تبرزان، اذا ما استثني مشروع قانون الموازنة الذي اقرته الحكومة واحالته الى مجلس النواب، بوضوح أن أي قرار آخر لا يوازي حجم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه البلاد. وتكاد القرارات تؤخذ على قاعدة “بوس اللحى” مما شكل شللاً في أدائها إزاء القضايا المعيشية والاقتصادية والادارية المهمة التي تتطلب تكثيف الجلسات والمرونة باتخاذ القرارت.

هي حكومة شعارها التأجيل لكل ما من شأنه ان يهدد جلساتها وبالتالي يهدد استمرارها وبقاءها، لتغدو حكومة “يومك يومك”. والذي يجعل الجميع يتهيب الاطاحة بها هو عسر الولادة والتشكيل لاي حكومة اخرى أو جديدة.

وكثيرة كانت المطبات التي واجهت الحكومة منذ تأليفها. اولها مرسوم التأليف بحد ذاته، حيث كان هناك اصرار على تمثيل الكتل النيابية كلها والغاء المعارضة.

والثاني هو تقديم الحكومة على انها حكومة استعادة الثقة، وهذا اقرار ضمني بأن لا ثقة تملكها الطبقة السياسية الحاكمة فجاءت حكومة استعادة الثقة، واما المطب الثالث فتمثل في اسم الحكومة ذاته “الى العمل” ما يعني اعترافاً صريحاً من اهل السياسة بأنهم ما كانوا يعملون وان العمل الفعلي بدأ من خلال الحكومة العتيدة. اذا العقبات كانت منذ ما قبل نيل الثقة وبدأت تكبر وتزداد في طريقها.

واللافت انه مع حجم المشاكل الموجودة أساساً فإن رئيس الحكومة سعد الحريري في حال من الزعل شبه الدائم ومبعث ذلك، اضافة الى تعطيل انعقاد الجلسات، تزايد الخلافات وتنوعها في مواجهة حكومته. وليس مبالغة القول إن كل الفرقاء استضعفوا رئيس الحكومة فباتوا أكثر إلحاحاً على تحصيل ما أمكن من مكتسبات على حسابه وحساب حكومته.

لا ينكر وزراء ان حكومتهم لم تسجل لغاية اليوم انجازاً يعوّل عليه. هي في واقع الامر لم تكن اسماً على مسمى. منذ تأليفها ونيلها الثقة قبل ثمانية اشهر لا تنفك حكومة الامر الواقع تواجه المطبات، الواحد تلو الآخر، الى أن انتهى بها الامر لتكون حكومة معطلة وقد انقطعت جلساتها لثلاثة اسابيع متتالية.

الحكومة ولدت “معطوبة”، يقول معنيون بشأن مجلس الوزراء ورصد حركته عن قرب، قد تكون حادثة قبرشمون والخلاف على المجلس العدلي اولى القضايا التي عطلت انعقاد جلسات الحكومة غير ان التعطيل قد لا يكون حكماً في عدم انعقاد الجلسات، وانما في عدم فعالية هذه الجلسات بدليل أن اياً من البنود المهمة سواء كانت الاقتصادية او المعيشية او الادارية لم يتخذ اي قرار فعال بشأنه. هي حكومة شعارها التأجيل لكل البنود الخلافية.

اذ كلما واجهت الحكومة خلافاً، ابعدته عن جدول اعمالها وهكذا دواليك حتى تم ارجاء التعيينات الادارية ومن بينها وأهمها تعيين نواب حاكم مصرف لبنان. ويوم عرضت بنود الموازنة على طاولة النقاش وحصل الاشتباك الشهير بين الحريري وباسيل، وامضى الحريري اياماً عدة خارج البلاد ليعود بعدها بمؤتمره الصحافي الشهير من السراي الحكومي متحدثاً عن صلاحيات رئيس الحكومة .

وخلال جلسات مناقشة الموازنة، كانت الارقام سبباً رئيساً لخلافات بالجملة حصلت بين الحريري وباسيل، استدعت في واحدة منها زيارة قام بها باسيل الى رئيس الحكومة.

حتى في موضوع العلاقة مع سوريا وزيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب اليها مرّ الأمر بسلام على مجلس الوزراء حيث اكتفى الحريري بتأنيب الغريب “بأنك فاتحتنا بالامر لكنك لم تنل اذنا”. وتوقفت الامور عند حدها هذا.

ربما كانت العلامة الفارقة ان اكثر الخلافات حصلت بين الحريري وباسيل، ولم يكن “حزب الله” موجوداً، او له دور في الخلافات، باستثناء الخلاف الاخير الذي دخل فيه “حزب الله” مباشرة كفريق داعم لحليفيه طلال ارسلان وباسيل. هي حكومة “تحصيل حاصل” يشبهها البعض بحكومة ليوجيركا الافغانية من حيث كونها حكومة عشائر وقبائل يتخذون قرارهم بالاجماع.

ولدت الحكومة بتسوية ادت الى وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية وسعد الحريري لرئاسة الحكومة. التسوية لا تزال قائمة ومستمرة ولا نية للفاعلين في الحكومة بالانقلاب عليها، لكن هذا لا يلغي بالنسبة للفريق الاساسي في داخلها اي “حزب الله” ان ثمة عراقيل في مواجهتها، كان آخرها ملف قبرشمون الذي لم يحل بعد وقد باءت كل الاقتراحات بالفشل، لكن لا نية باسقاطها، ولو كانت هناك نية بذلك لعرض المجلس العدلي على التصويت لتكون الحكومة امام أزمة جديدة. والعامل الاضافي والمهم هو في ان اي طرف لم يجد له مصلحة في الاستعاضة عن الحريري في الوقت الراهن.