IMLebanon

الغريب غائب عن “الشؤون”… وغارق في “قبرشمون”

كتب آلان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

ينتظر الجميع أن يعود مجلس الوزراء إلى عقد جلساته بعد طول غياب، خصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من الملفات الملحّة التي تنتظر البتّ فيها.

تشير الأجواء إلى وجود ضبابيّة في مكان ما لا تساهم في حلّ أزمة إجتماعات الحكومة، وسط غياب مخرج لأحداث قبرشمون يرضي الجميع ولا يُظهر أي فريق أنه خرج منهزماً.

ومن الآن وحتى انعقاد أول جلسة حكومية يبقى الشكّ مسيطراً، في حين أن جدول أعمال أي جلسة وزارية سيكون زاخراً بالبنود والملفات، والتي تحتاج الى حلّ.

وأثارت خطوة وزير العمل كميل أبو سليمان بتنظيم العمالة الأجنبية موجة ردود فعل فلسطينية، بينما لم تُسمع أي أصوات سورية تعترض على هذه الخطوة القانونية والملحّة.

لكن، إذا سارت الأمور وفق الإيجابية لاحقاً، فإن مجلس الوزراء سيكون أمام استحقاق طرح كارثة النزوح السوري. وفي هذا الإطار، فإن المجلس سيكون أمام طرح خطتين، الأولى لوزير الشؤون الإجتماعية ريشار قيومجيان، والثانية لوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي “يتلهى” في هذه الفترة بتداعيات أحداث قبرشمون ويتناسى ملف النزوح الذي من أجله وُجدت الوزارة التي يتولّاها، والتي لم تقم حتى الآن بأي نشاط يجعل وجودها حاجة وضرورة، وليس وزارة هامشيّة.

وتقوم خطة الغريب الذي يفتقد إلى المعطيات الحقيقية في ما خصّ أزمة النزوح، على تنظيم وجود النازحين السوريين في لبنان، أي القضاء على ظاهرة عشوائية انتشارهم كخطوة أولى نحو معرفة أماكن تواجدهم قبل التحضير لعودتهم.

وتلحظ خطة الغريب تحفيز النازح على اتخاذ قرار العودة، وكذلك إزالة العقبات التي تعترض من يريد العودة، وتطبيق القوانين في الداخل اللبناني إضافة الى التنسيق مع الجانب السوري لوضع آلية العودة ومع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ضمن احترام المواثيق الدولية ورفض مبدأ العودة القسرية.

وتركّز الخطة أيضاً على أن إزالة العقبات لا تتمّ إلا بالحوار مع النظام السوري لأنه لا يزال يُمسك بالأرض، وهو القوة الفعلية الموجودة هناك بغضّ النظر من أين يستمد قوّته.

من جهته، ينكبّ قيومجيان على تنقيح خطته وإدخال بعض التعديلات عليها، لإعادة طرحها على مجلس الوزراء فور استعداد المجلس لطرح موضوع النزوح السوري، علماً أن وزارة “الشؤون” لا تزال تهتمّ بأزمة النزوح على رغم استحداث وزارة لشؤون النازحين.

وللتذكير فإن خطة قيومجيان تقوم على تفعيل قرار مجلس الوزراء القاضي بتشكيل لجنة وزارية لمتابعة مختلف أوجه موضوع اللجوء، والإناطة بهذه اللجنة الوزارية بحث موضوع العودة وإيجاد الحلول والآليات والمعايير بالتنسيق مع الجهات الدولية المعنية لا سيما هيئات الأمم المتحدة، كما يتوجّب على الحكومة الطلب من المجتمع الدولي مزيداً من الضغط على النظام السوري لتسهيل العودة وإظهار حسن النيّة.

وتعتبر خطة قيومجيان أن الجهاز الصالح لتنسيق عودة النازحين عبر الحدود هو الأمن العام. ووزارة الشؤون بما تملكُ من خبراتٍ متراكمة وانتشار على الأراضي اللبنانية عبر مراكز الخدمات الإنمائية في المناطق، هي على استعداد، وفق الخطة التي ستُقرّها الحكومة، للطلب من الفرق العاملة في خطة الاستجابة للأزمة السورية المساهمة أولاً في حثّ اللاجئين على العودة، وثانياً أخذ أسماء العائلات الراغبة في ذلك.

وبعد كثرة الخطط وعدم القدرة على إعادة النازح إلى بلده بعد فشل الاتفاق الروسي – الأميركي الذي عقد في قمة هلسنكي، يأمل الجميع في أن تتلاقى خطّتا وزارة الشؤون الإجتماعية ووزارة الدولة لشؤون النازحين للوصول إلى ورقة عمل موحّدة، خصوصاً أن الوزارتين هما المكلفتان بشكل أساسي بمتابعة موضوع النزوح السوري، في حين أن “الشؤون الإجتماعية” كانت حاضرة في مؤتمر بروكسل بينما غابت “شؤون النازحين” عن هذا المؤتمر الذي أعطى دعماً للدول المستضيفة للنزوح ومن ضمنها لبنان.

وتبقى نقطة التنسيق مع النظام السوري من عدمه موضوع خلاف بين “الشؤون الإجتماعية” ووزارة شؤون النازحين، في حين أن هذا الأمر يُشكّل انعكاساً للانقسام العمودي في البلاد بين فريقَي 8 و14 آذار، حيث يريد فريق 8 آذار التنسيق مع النظام لتأمين العودة، بينما يرفض فريق 14 آذار التنسيق مع النظام ويدعو إلى تأمين العودة عبر ضمانات من المجتمع الدولي.

وتُثقل أزمة النزوح كاهل لبنان، لأنه لا يوجد أي قرار دولي بإعادتهم حالياً إلى بلادهم، وكل الدول تربط العودة بالحلّ السياسي في سوريا، في وقت تبقى كل الخطط الداخلية المتراكمة لإدارة الأزمة وليس لإيجاد حلّ لها.