IMLebanon

غسان عطالله في دير الأحمر… المنسيّة

كتب يوسف منصور في صحيفة “نداء الوطن”:

لا يزال خطاب السيد موسى الصدر الشهير، الذي أطلقه خلال الحرب اللبنانية دفاعاً عن مناطق دير الأحمر والقاع التي توجه إليها بعد اعتصامه في مسجد العاملية في بيروت وفك الحصار، حين قال: “من يطلق رصاصةً على دير الأحمر كأنه يطلقها على صدري وعمامتي ومحرابي”، يتردد في الأذهان ومحط اهتمام ويحاكي خطاب قياديي حركة “أمل” عند كل استحقاق.

وبقي ملف المهجرين من أبناء المنطقة منسياً مرمياً في أدراج الحكومات المتعاقبة والتي لم تنظر بعين الإهتمام لهذا الملف إلا مع اقتراب موعد إقفال ملف الوزارة بشكلٍ عام.

وفيما يسجل لـ”وزراء التيار الوطني الحرَ” زياراتهم المتتالية إلى المناطق اللبنانية كافة لتسجيل النقاط على باقي الأفرقاء، سُجّلت للوزير غسان عطالله زيارته الأولى إلى حوش بردى ونبحا ودير الأحمر والقاع، ووقوفه على مطالب الناس، على اختلاف انتماءاتهم.

“هي فاتحة خير لإنهاء هذا الملف” بحسب ما يقول رئيس بلدية حوش بردى جورج أبو حيدر لـ”نداء الوطن”، تلك البلدة التي تعرضت للتهجير الكامل بعكس أخواتها في المنطقة، ولم يعد إليها من اصل 1200 شخص سوى نحو 50 شخصاً. ويضيف إنّ أكثر من مئة بيت تهجروا خلال الحرب وهي البلدة الوحيدة التي عانت التهجير بكل ما للكلمة من معنى، وطوال المرحلة الماضية لم تكن هناك متابعة للملف بل متاجرة بسبب تراخي الدولة التي دفعت تعويضات لعدد قليل جداً من المتضررين.

وأشار إلى أنه تشكلت لجنة في البلدة للمتابعة لكن انقسامها السياسي حال دون نجاحها. غير أن غياب أهلها عنها لا يعني غيابهم عن الإستحقاقات التي تحدث، فالكثيرون خلال الإنتخابات النيابية والبلدية والإختيارية يتوجهون إلى البلدة للمشاركة في كل الاستحقاقات، خاتماً أن البلدية المؤلفة من تسعة أعضاء (8 مسيحيين، 1 مسلم شيعي) تعمل جاهدة لحض الناس على العودة.

وفي المقلب الآخر، وفيما عانت بلدتا حوش بردى ونبحا التهجير، لا تزال بلدات القاع ورأس بعلبك ودير الأحمر صامدة متمسكة بالأرض، واجه أهلها كل المراحل الماضية بصلابة، وأعادوا بناء ما تهدم من دون انتظار الدولة وتعويضاتها، وحملوا السلاح في وجه “التكفيريين” إبان معارك عرسال. ولم يحتج أبناء تلك المنطقة لجرعات دعم من الدولة ووزارة المهجرين للتمسك بالأرض التي لم يغادروها، بل كانوا من دعاة عودة الدولة إليهم، ووقفوا إلى جانب الطوائف الأخرى في المطالبة بحقوق المنطقة وحضور الدولة، وخاضوا كل الإستحقاقات التي مرَت من منطلق المعني الأول.

واذا كان “قانون الستين” الانتخابي حكم المرحلة السياسية الماضية، فركب البعض منهم سفينة “حزب الله” وحركة “أمل”، إلا أنّ النظام النسبي أعطى فسحة أمل لأهالي المنطقة الذين صوتوا للنائب طوني حبشي بأكثر من ثلاثة عشر ألف صوت، فحمل لواء مطالبهم ومطالب المنطقة كلها.

قد تكون زيارة وزير المهجرين الذي كان في استقباله في دير الأحمر النائب طوني حبشي والمطران حنا رحمة، أعطت الناس جرعة دعم في سبيل تحصيل الحقوق بعد سنوات من النسيان، لكنها لا تعطي الخصوم السياسيين فسحة أملٍ أبداً في تغيير مبادئ وتوجهات الناس السياسية التي دفعوا ضريبتها دماً وإقصاء على مرّ السنوات، وهم ليسوا بحاجة لجرعات دعم للتمسك بأرضهم التي لم يهجروها رغم كل الصعاب.