IMLebanon

باسيل مصعّداً: بند “الخدمة المدنيّة” يضرب التفاهمات!

استمر وزير الخارجية جبران باسيل في موقفه التصعيدي ضد بند حفظ حق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، ما قد يؤدي إلى تأخير صدور الموازنة إذا لم يوقّعها رئيس الجمهورية. وفيما لا يزال حزب الله ملتزماً الصمت حيال مواقف باسيل، إلا أن حديث الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يومَ الجمعة أطلق إشارة أولى حين تحدث عن أن «كتلة الوفاء للمقاومة صوّتت على الموازنة لأنها حصّلت بعض المكتسبات لصالح الناس».

فيما كانت جميع الكتل السياسية في الحكومة ومجلس النواب تستعجل الانتهاء من البحث في موازنة عام 2019 لإقرارها، خرج رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بـ«فرمان» جديد لتعطيلها. وكأن وزير الخارجية لا يقبَل بتفويت فرصة للتأكيد على أن الأمر له وحده في كل كبيرة وصغيرة. نبشَ بعد التصويت على موازنة أتت متأخرة أصلاً، المادة رقم 80 التي تتحدث عن حفظ حق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، ساعياً الى إبطاله وتكريس سابقة في تاريخ المؤسسات عبر القول بأن التوظيفات في كل الفئات يجب أن تحصل ضمن قاعدة ستة وستة مكرر بحجة «التوازن الطائفي».

بمجرد طرح الأمر، بدأت الأوساط السياسية تتساءل عما إذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيوقّع على الموازنة لنشرها في الجريدة الرسمية، أم أنه سيعمَد الى ردها، في ظل الحديث عن مخارج عدة لتفادي المأزق الذي وضع باسيل الجميع أمامه، فيما كانوا منشغلين في البحث عن مخرج لانعقاد الحكومة التي علقت جلساتها منذ حوالى شهر على إثر حادثة البساتين ــــ قبر شمون. لكن باسيل الذي زارَ زحلة أمس لافتتاح «يوم العرَق اللبناني»، برعاية رئيس الجمهورية وحضوره، رفع سقف مطالبته بنسف هذا البند، مشيراً إلى أن «ما حصل معنا في المادة 80 ليس بسيطاً من ناحية الإخلال بالتوازنات والتفاهمات، وهناك إنسان صادق قال إن هذه الأمور لا تحصل بالفرض بل بالحوار». وأضاف: «ما بتحرز إنو نضرب التوازنات والتفاهمات والاتفاقيات من أجل 400 موظف لإدخالهم فرضاً الى القطاع العام». لكنه حاول رفع المسؤولية عن كاهل رئيس الجمهورية عبر القول: «نحن لا نريد أن نتحمل الطعن بالموازنة لا داخلياً ولا خارجياً». وشدد باسيل على أن «نتيجة ما حصل يزيد خوفنا من تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية في وقت كنا نسعى إلى الإعلان عن جبهة مشروعنا للدولة المدنية، إلا أن ما حصل يمس بكياننا»، مشيراً الى أن «هذا يتطلب من شريكنا عدم القبول بتمرير حالات فادحة في الخلل الإداري، فنحن نتحدث عن 90/10، ويتطلب منا الالتزام بحذف المادة أو بقانون أو بالموازنة المقبلة، وعدم تكريس هذه الأعراف التي تضرب صلاحيات الرئيس ورئيس الحكومة والوزير».

ما قاله باسيل، على تشدّده، يعني سقوط خيار اعتبار ورود تلك الفقرة خطأً مادياً ينبغي تصحيحه، ليبقى خياران هما: إعداد اقتراح قانون معجل لتعديل هذه المادة أو تأجيل الأمر إلى حين إقرار قانون موازنة 2020، إلا أن مصادر مطلعة على أجواء بعبدا لفتت إلى أن «خيار إقرار قانون لتعديل المادة هو الأقرب الى التطبيق»، لأن «مخرج الطعن أو ردّ الموازنة سيؤدي الى تأخيرها، فيما يُمكن التفاهم مع رئيس المجلس النيابي على موضوع التعديل». وفيما يرفُض الرئيس سعد الحريري الأمر بالمطلق لأن «أي تسوية في هذا المجال مع التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ستطيح ما تبقى له من شعبية»، أكدت مصادر رئيس مجلس النواب أن «الحديث عن خطأ مطبعي أو تزوير في التصويت غير مقبول بتاتاً، كما لا يحق لأحد المس بصلاحيات مجلس النواب ورئيسه. هذا خطّ أحمر».

لكنها اعتبرت أن «من حق أي أحد التقدم بقانون تعديل المادة، لكن ذلك لا يعني أنها ستمُرّ في الهيئة العامة». وفيما لا يزال حزب الله يلتزم الصمت حيال مواقف باسيل الأخيرة، علماً بأن مباريات مجلس الخدمة المدنية تُعد معركته، ومن أبرز الأسباب التي دفعته الى التصويت على الموازنة لأنها «تحفظ حقوق المواطنين»، تقول مصادر في فريق 8 آذار إن «إشارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى هذا الموضوع في كلمته يومَ أمس كانت واضحة حين قال إن كتلة الوفاء للمقاومة صوتت على الموازنة لأننا استطعنا من خلالها تحصيل بعض المكتسبات لصالح الناس، وكان يقصِد من ضمنها موضوع مجلس الخدمة المدنية». المصادر نفسها أكدت أن «الحزب لن يعلن أي موقف رسمي حالياً، بانتظار أن يفتح هذا الموضوع معه بشكل مباشر، لكنه بالتأكيد لن يوافق على ما يقوله باسيل وسيُصرّ على حفظ حق الناجحين».

من جهة أخرى، لا تزال جريمة البساتين ــــ قبر شمون (عاليه) تدور في حلقة مفرغة، بعدما رفض النائب طلال أرسلان مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بإحالة قضيتّي قبر شمون والشويفات معاً الى المجلس العدلي. إلا أن المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم لم يتوقف عن إدارة الاتصالات بين الأطراف المعنية بالمعالجة، فجمعه يومَ أمس لقاء بالرئيس بري، قبلَ أن يتجدّد الكلام عن مبادرة أخرى رفض المعنيون الإفصاح عنها، لكنها «تطوير للأفكار التي سبق أن طرحت منذ وقوع الحادثة» وفقَ ما قالت مصادر سياسية. وأشارت إلى أن «القاعدة التي سيتم الانطلاق منها هي انتظار القرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة العسكرية ومن ثم اتخاذ القرار بإحالتها الى المجلس العدلي في حال كانت تستوجب»، على أن «يحصل اجتماع بين الرؤساء الثلاثة في بعبدا، يحضره جنبلاط وأرسلان معاً للبحث في إمكان تطبيق هذا الاقتراح».