IMLebanon

الحريري لن يستسلم

كتب محمد نمر في صحيفة “نداء الوطن”:

التوصيفات عديدة لحال لبنان، منها أنه أشبه بمباراة لكرة القدم بين أكثر من فريقين، ومن دون حكّام. أحد الفرق يلعب حافي القدمين فيما آخر بأحذية من “حديد” ويدوس أقدام الآخرين، وثالث حارس مرماه قنّاص يُسقط كل من يهدّد المرمى، ورابع يلتزم المعايير الدولية محاولاً الحفاظ على اللعبة أمام الفوضى في الملعب، وبدأ السؤال بين الجمهور: متى سينفد صبر الفريق الأخير؟

سؤال، يطرحه معارضو التسوية التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا. يريدون من الرئيس سعد الحريري الاستقالة. سأل أحد زوار الرئيس فؤاد السنيورة:

هل أنتم مع فرط الحكومة؟ أجاب السنيورة: لا.

مع انتخابات نيابية مبكرة؟ أجاب: لا تعالج الأزمة بهذه الطريقة.

ماذا عن إنهاء التسوية؟ أجاب: ليس المطلوب إنهاء التسوية بل إعادة التوازن فيها بعد الثغرات التي اعترتها طوال هذه الفترة.

ولا شك أن المراقب يرى العملية أشبه بـ”تقويم للموز أو الكاجو”، أي هو بات مستحيلاً أمام الجنوح السياسي والخلل الواضح في التوازن في لبنان، والضربات المتتالية لاتفاق الطائف والدستور.

من المعروف أن السنيورة من معارضي التسوية والخبراء في “خيار المواجهة”، لكن على رغم ذلك فهو يحرص على التعاطي مع الأزمة بـ”حكمة” بات واضحاً أنها أيضاً تسيطر على سياسة الرئيس الحريري. فليس هناك أسهل من أن يأخذ خيار الاستقالة ومغادرة الجمهورية وتمضية بقية حياته في هدوء إلى جانب أسرته، بعيداً من المعركة القائمة، لكنه يدرك تماماً أن ذلك يعني سقوط الهيكل بأكمله.

يقول عارف في حال الحريري: “إن الاستقالة تعني عقوبات وانهياراً اقتصادياً وتلاشياً للدولة”، واصفاً: “قرار الاستقالة بالكبير والخطير”، لكن في الوقت نفسه يعتبر أن “الوضع الحالي لا يقلّ خطورة”.

تحوّل الحريري إلى ضمانة عربية ودولية في لبنان، وبالتالي خروجه من اللعبة يشبه انسحاب فصائل معتدلة من إدلب إلى تركيا لاعتبار هذه البقعة الجغرافية مسيطراً عليها وبأكملها من “القاعدة”، وبالتالي إعطاء الشرعية للاتراك وحتى الروس والايرانيين والنظام السوري لدخولها بحجة مواجهة الارهاب.

والنتيجة في لبنان ستكون مشابهة، من دون الحريري يعني أن البلد بأكمله بات محكوماً من إيران ما يعطي للفريق الدولي والعربي أن يزيد من حجم العقوبات حتى لو طاولت الدولة بشكل مباشر ومسؤوليها فضلاً عن أن “سيدر” مشروع رسمه الحريري ومرتبط به مباشرة ولا بديل منه لانقاذ الاقتصاد اللبناني، لكن كل هذا لا يعني أن الحريري سيستسلم أو أن ليس بيده ورقة يقلب فيها الطاولة على الجميع.