IMLebanon

المناصفة تفرض “الكمّية” على الكفاءة والدستور يحصرها بالفئة الأولى

كتب أكرم حمدان في صحيفة “نداء الوطن”:

بينما يُنتظر أن ينشر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قانون الموازنة بعد توقيعه المرجح في عدد الجريدة الرسمية يوم الخميس المقبل، يُحضّر تكتل “لبنان القوي” إقتراح قانون معجّل مكرّر لإلغاء المادة 80 من القانون التي كانت محور سجال بين مختلف القوى وكادت تُطيح الموازنة برمتها على حد ما نُقل عن الوزير جبران باسيل، وقد فتح هذا السجال الباب أمام الإجتهادات والتفسيرات لنص المادة 95 من الدستور.

وكان كلام باسيل القائل: “ما بتحرز إنو نُضرب” التوازنات والتفاهمات والإتفاقيات من أجل 400 موظف لإدخالهم فرضاً إلى القطاع العام”، شهد ردوداً وانتقادات واسعة، حيث غرد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم عبر “تويتر”، قائلا: “القضية ليست قضية أربعماية، ولا يمكن بناء وطن العدالة والحق في ظل نهج العصبيات الطائفية والمذهبية والحزبية الضيقة”، بينما ذهب زميله النائب علي بزي إلى اعتبار أن “الحقوق المكتسبة للمواطنين هي فوق الإعتبارات الطائفية والمذهبية والحزبية، وهم ضحايا بعض المواقف السياسية التي تفسر الميثاق والعيش المشترك والقانون والدستور كما يحلو لها”.

أما الرد الأقوى فكان من عضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر الذي وصف تهديد باسيل بإسقاط الموازنة لا يخرج عن كونه ابتزازاً للبلد بأكمله، مشيراً إلى أن الدستور واضح وليس بحاجة لتفسير كما أنه لا اجتهاد في معرض النص الذي يحدد المناصفة في وظائف الفئة الأولى ويترك الأمر بعد ذلك للإختصاص والكفاءة، خاتماً بالقول “لقد نفد صبرنا”.

بدوره عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله غرد بالقول: “روقوها يا شباب، نحن أحرص منكم على دوركم ووجودكم الذي لا يقاس بالكمية، أنتم تفرطون كثيراً بمبدأ المناصفة، وتبالغون بسوء استخدامه”. ودخل على خط الردود رئيس حزب “الحوار الوطني” النائب فؤاد مخزومي مغرداً بالقول: “المادة 95 تحصر المناصفة بموظفي الفئة الأولى”.

أما الرئيس نجيب ميقاتي فغرد قائلاً: “إن المادة 95 من الدستور واضحة وصريحة وتنص على المناصفة في وظائف الفئة الأولى حصراً، ورئيس الجمهورية أقسم اليمين بأن يحترم دستور الأمة اللبنانية، بالدستور منحافظ ع بعضنا البعض”.

هذا نموذج من الردود والمواقف التي ربما يتداخل فيها السياسي والدستوري، ولكن ما يستحق التوقف عنده هو إعلان عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ألان عون في أكثر من تصريح صحافي بأن معالجة ملف نتائج مباريات مجلس الخدمة المدنية وغيره بخصوص التوظيف في الإدارات العامة ومؤسسات الدولة ربما يحتاج إلى نقاش جدي للتفاهم حوله وحول تفسير موحد لنص المادة 95 من الدستور ومفهوم الميثاقية والتوازن طالما لم نصل بعد إلى الدولة المدنية.

المناصفة في الفئة الأولى وما يعادلها

في كل مرة يحصل فيها خلاف سياسي في البلد تُصبح بعض مواد الدستور عرضة للنقاش والبحث، وفي حالة الخلاف على الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية وحفظ حقهم في المادة 80 من قانون الموازنة، جاء دور المادة 95 التي تنص على ما يلي: “على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين إتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية وإجتماعية. مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية.

وفي المرحلة الانتقالية: أ- تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.

ب- تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الإختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وفي ما يعادل الفئة الأولى وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الإختصاص والكفاءة.

وفي السياق يقول الخبير الدستوري والنائب السابق الدكتور صلاح حنين في حديث خاص لـ”نداء الوطن”: “إن نص المادة 95 من الدستور واضح ولا لبس فيه ولا يحتاج إلى تأويل والأساس فيه هو مبدأ الكفاءة والإختصاص وقد ألغى قاعدة التمثيل الطائفي باستثناء الفئة الأولى التي حافظت على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين ولكنه أبقاها مقيدة أيضاً بمبدأي الإختصاص والكفاءة”.

وشدد حنين على تطبيق الدستور بالتزامن مع خطة وطنية شاملة لحاجات الدولة والإدارة وتكون مرحلية لمدة 5 أو 10 سنوات بهدف تصويب الأمور والوصول إلى إدارة منتجة، مؤكداً أن “موضوع التوظيف والإدارة هو سياسة تضعها الدولة وتنطلق من فلسفة عامة لطبيعة الوظائف لأن الإدارة كالساعة فهي صغيرة ودقيقة ونحن بحاجة لإدارة حديثة وما كان يجري في البلد، وربما لا يزال، هو توظيف المجاملة بغياب أي دراسة أو إحصاء لعدد الموظفين الحقيقي في القطاع العام”.