IMLebanon

الوضع السوداوي في لبنان.. الى أين؟

الصورة العامة، سوداوية بل شديدة السواد، والوضع الداخلي من ترد إلى آخر، فالأمن الممسوك لم يعد ممسوكاً في ظل السلاح المتفلت والأحداث الأمنية المتنقلة في كل أرجاء الوطن، والوضع الاقتصادي المترنح يزداد ترنحاً في ظل غياب الرؤية وانعدام الخطط العلمية لمعالجته.

حتى وصل إلى حافة الانهيار بالرغم من بعض التطمينات الخجولة التي تأتي من هنا وهناك، اما الوضع السياسي فهو في أسوأ أحواله، حيث ما زالت تداعيات حادثة قبرشمون – البساتين ترخي بثقلها على أركان الدولة، وتمعن في تعطيل الحكومة وشلها ومنعها من ان تنصرف إلى التصدّي للمشاكل المميتة التي تتخبط بها، وتهيئ الأرضية المؤاتية لتفادي ما هو أصعب من الشلل الحكومي.

ومن التعطيل المتعمد لعجلة الدولة، وكل هذا بات يستدعي من الحريصين على هذا الوطن، سيّداً حراً آمناً مستقراً أن يطرحوا السؤال الكبير: الى أين؟ وهل ان جميع المسؤولين، يشتركون في المؤامرة على «فرطه» أي على إلغاء هذه الصيغة الفريدة التي يتغنى بها اللبنانيون والعودة إلى مشروع التقسيم القديم الذي راود البعض خلال فترة الحرب الأهلية، قبل التوصّل إلى اتفاق الطائف ودستوره، الذي لملم الوطن المقسم إلى عدّة أوطان، وأعاد الوحدة والعيش المشترك بين كل مكوناته إلى ما كانت عليه قبل تلك الحرب المشؤومة.

وان ما يحصل الآن، من انقسام سياسي حاد وتفلت أمني كان نتيجة طبيعية لغياب الدولة عن تحمل مسؤولياتها بالشكل الذي تفرضه طبيعة المرحلة التي يمر بها الوطن، وعلى المسؤولين الذين يقبعون داخل محمياتهم الخاصة ان يبادروا إلى الخروج منها، والسعي الجدي والحثيث لإعادة الوضع المتفلت إلى ما كان عليه، قبل حصول حادثة قبرشمون – البساتين في الحد الأدنى كي يتاح للحكومة ان تستعيد زمام المبادرة وتنتقل من وضع «ردة الفعل» إلى وضع «الفعل»، لأن الحكم يجب أن يكون «فعلاً»، وليس «ردة فعل» على الإطلاق، لأنه عندما يصبح في حالة ردة الفعل، فهذا يعني السقوط في الهاوية التي لا قرار لها.

وهذا يبدأ أولاً بوضع حدّ للتصعيد السياسي الذي تقف وراءه وتغذيه جهات إقليمية وجهات داخلية، كما بات واضحاً بعد المواقف التي أطلقها أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصر الله، وبعد ما كشفته التطورات عن تعاطف التيار الوطني الحر ومَن وراءه مع الجهة التي ما زالت تصعد وترفض كل المبادرات التي تهدف الى تطويق حادثة الجبل، ومنعها من ان تتحوّل إلى فتنة داخلية تعيد البلاد إلى صورة الحرب الأهلية، التي جاءت نتيجة اختلال التوازن الداخلي من جهة، وإصرار فريق من اللبنانيين على الانقلاب على الصيغة. ومن يدّعي أن الوضع لا يزال ممسوكاً فهو خاطئ، أو مضلل، لأن الأمور منذ وقوع حادثة الجبل ما زالت تتدحرج من سيئ الی أسوأ وتؤشر إلى ان هناك إرادات داخلية وخارجية تعبث بأمن هذا الوطن وبوحدته الداخلية.