IMLebanon

الدمج وشركات الـ”مايكرو” حلّ للمؤسّسات المتعثّرة

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

آلاف اللبنانيين المتواجدين في العالم يحاولون أن يتركوا بصماتهم في الإقتصاد اللبناني، خصوصاً بعد تفاقم العجز وإقرار موازنة ملغومة بالضرائب.

أفكار “خاصة” تتنافس وتتسابق، التأمت حول خطط إعادة هيكلة الشركات لتشكّل دعامة تحول دون انهيارها والتمكّن من الصمود أقلّه في المدى المنظور، عرضها لـ”نداء الوطن” رئيس مجلس إدارة تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين في العالم د. فؤاد زمكحل.

إشراك القطاع الخاص من خلال مبادرات جماعية في الدورة الإقتصادية، بات كأنه الحلّ المتاح حالياً لانتشال الشركات من هوة الإفلاس في ظلّ مناخ الجمود المسيطر على البلاد. فالفرص الموجودة كما يراها زمكحل تقوم على انشاء شركات صغيرة جداً micro companies تستثمر الأدمغة والرياديين اللبنانيين. ويقول: “لا ينحصر عمل هؤلاء في اختلاق أفكار فردية بل يجب تضافر الجهود للتمكن من ايجاد مؤسسات صغيرة تكون الشركات الصغيرة والمتوسطة للمستقبل”.

ويلفت الى أنه “على الشركات الكبيرة التي تشهد شغوراً في بعض المراكز لديها أن تستقدم intrapreneurs  من ضمن مؤسساتها القائمة، لتحريك عجلتهم ما يعني رياديين ومبتكرين. وبذلك فبدلاً من أن يدوّن الخريجون على سيرتهم الذاتية الخبرة التي لديهم والشهادات التي استحصلوا عليها، عليهم أن يدوّنوا أفكارا جديدة يمكنهم القيام بها لتحسين وزيادة الإنتاجية ومعها العائدات للشركات.

فلبنان، يمرّ اليوم كما بات معروفاً بأصعب فترة في تاريخه الإقتصادي والإجتماعي، حتى خلال الحرب الأهلية لم يكن يعاني اقتصادنا كما يعاني اليوم. الأزمة الإقتصادية التي بدأت سنة 2011 وتحوّلت الى مشكلة إجتماعية، برزت اليوم في أزمة سيولة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية ….” يوضح زمكحل.

ويتابع: “الى ذلك، ساهم ارتفاع الفوائد قبل نهاية العام 2018 في تصاعد وتيرة أزمة السيولة، فبدلاً من إقدام المستثمرين على توظيف أموالهم في مشاريع ذات مخاطر عالية في ظل الجمود المستشري وصعوبة الحصول على قروض من المصارف، تم ايداعها في البنوك بغية تحصيل العائدات. وفضلاً عن ذلك إن فريقاً آخر من المستثمرين عمد الى توظيف أمواله في سندات خزينة، هكذا يحصل على فائدة اعلى مقابل مخاطر أقلّ”.

الحلّ للسيولة

من هنا جاء الحلّ الوحيد لأزمة السيولة، إبتكار أفكار جديدة، وفي هذا المجال يقول زمكحل: “صحيح أن اللبناني معروف عنه عالمياً بأنه رائد وناجح، هو الذي بنى أمبراطوريات في الخارج، لكن مشكلته الوحيدة أنه يعمل وينجح منفرداً بعيداً من المجموعات. من هذا المنطلق يتطلب الوضع الراهن الذي نعيشه تضامناً وعملاً كمجموعات بكل شفافية معتمدين على الحوكمة الرشيدة لجذب الإستثمارات، مع العلم أن المستثمر لا يستطيع أن يبدأ من الصفر في الوقت الراهن، بل عليه الإستثمار في شركات قائمة لديها القدرة على التطور وتنويع سلعها، عندها يمكن تفعيل عمليات الدمج والشراء، ما سيخفّض من التكاليف والحد من الخسائر للتمكن من الإستمرار على المدى الطويل، فضلاً عن انشاء شركات صغيرة جداً تستخدم رياديين ومبتكرين يشكلون قيمة مضافة تدفعها قدماً ومعها الإقتصاد نحو تحفيز الإنتاجية على المدى الطويل وتجنبها السقوط في هاوية الإفلاس”.

ويرى ان “الأزمة التي نعيشها صعبة ولكنها فرصة لإعادة التأهيل والاستثمار وتجديد الهيكلية. فهناك شركات ستخرج من السوق، لكن هناك آخرين سيدخلون اليها وسندعمهم لأنهم سيؤمنون الوظائف والنمو”.

الماكرو اقتصاد

أما على الصعيد الماكرو اقتصادي، فيوضح أنه يجب أن نعوّل على مؤتمر “سيدر” من جهة وعلى موضوعي الغاز والبترول من جهة أخرى لانتشال الإقتصاد.

وبالنسبة الى “سيدر” يشير الى أنه لا يختلف اثنان على أنه وضع لبنان خلال العام 2018 على المنصة الإقتصادية الدولية العالمية، اذ نظّم 5 مؤتمرات لأجل دعم لبنان اقتصادياً، الا أن مؤتمر الإصلاحات بالتعاون مع الشركات كما تعني تسميته conference economique des reformes avec les entreprises، لم نر منه أية إصلاحات وهي تلك التي تبدأ من خلال الموازنة، مشيراً الى أن الإصلاحات التي كنا نعوّل عليها في الموازنة جاءت وهمية والمجتمع الدولي يدرك هذا الأمر .

“سيدر” والنفط

وفي ما يتعلق بكيفية الإستفادة من “سيدر” بعد إقرار الموازنة خصوصاً وأنه سيمول مشاريع مباشرة استناداً الى دفاتر شروط البنك الدولي ودول اوروبية، يلفت الى أنه لغاية اليوم “لم نر أياً من تلك المشاريع على طاولة البحث، علماً أن المشروع الواحد قد تستغرق عملية إعداده ودراسته نحو عام ونصف العام، من هنا فإن تاريخ دخوله حيّز التطبيق لا يزال غير معلوم وغير محدد”. ويتابع: “بذلك اذا لم تأت مشاريع قروض “سيدر” المدعومة وفق معايير عالية، فالأفضل ألا تأتي لأنها سترفع قيمة الدين العام الى 100 مليار دولار من 85 مليار دولار حالياً”.

وبالنسبة الى تمكن الحكومة اللبنانية من خفض العجز المالي الى نسبة 7.59 % كما جاء في موازنة 2019، يشدد زمكحل على انه “حبر على ورق، وسنرى بعد 6 اشهر ما اذا كانت نسبة خفض العجز ستصل الى الرقم المحدد، خصوصاً بعد زيادة رسم الـ 3% على 1400 سلعة مستوردة خاضعة للضريبة على القيمة المضافة وعدم تفعيل الجباية الضريبية ووضع حدّ للتهريب”.

وفي ما يتعلق بموضوعي التنقيب عن الغاز والبترول، يؤكد أنه “صحيح أن من الممكن أن يكون لدينا في البلوك 9 و4 غاز وبترول، ولكن نظرة سريعة الى المنطقة تبين أن قبرص واسرائيل ومصر لديها تلك المادة وبدأت الإستخراج منذ 10 سنوات ولغاية اليوم لم تتمكن من تحصيل أي سنت من هذا القطاع”.

من هنا وفي ظلّ النفق المظلم نتمسك بقشّة القطاع الخاص لانتشال الإقتصاد من هاويته، وخصوصاً رجال الأعمال أصحاب رؤوس الأموال الذين “لن يتركوا القطار يتوقف او الباخرة تغرق بل سيثابرون على الإبحار وسط العواصف للوصول الى برّ الأمان” كما يختم زمكحل .