IMLebanon

حادثة قبرشمون… حراك مُكثّف وافكار غير ناضجة

كانت الاتصالات واللقاءات قد تكثفت في الساعات الماضية لإيجاد مخرج للأزمة السياسية المستمرة منذ أكثر من شهر، والناتجة عن حادثة قبرشمون في الجبل، حيث لفت الانتباه ما أعلنه الرئيس سعد الحريري من السراي الحكومي، خلال إطلاقه حملة دعم الصناعة اللبنانية، من انه بطبيعته متفائل وهو غير متشائم، محملاً من يريد افتعال المشاكل في البلد المسؤولية، ما يؤشر إلى ان الحريري لن يتوقف عن بذل الجهود للوصول إلى تفاهم لإنهاء الأزمة الحالية، بدليل حركة اللقاءات التي أجراها أالاربعاء ومعظمها كان غير معلن، ولا سيما مع كل من الوزيرين جبران باسيل ووائل أبو فاعور، أو مع موفد “القوات اللبنانية” الوزير السابق ملحم رياشي، أو مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي زاره مرتين، وكل ذلك غداة الاجتماع المطوّل الذي جمعه ليل أمس الاول مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والذي وصفه أكثر من مصدر مطلع بأنه كان ايجابياً وصريحاً، وان زعيم المختارة أبدى ليونة تجاه المبادرات المطروحة، لكنه ما زال يخشى من الإشارات الواردة والتي تدل على ان هناك نوايا تخالف الأصول القضائية ومحاولة إقامة احكام عرفية تجاه بعض الأحزاب والشخصيات، بحسب ما جاء في تغريدة له عبر “تويتر” الاربعاء، حيث استدل على هذا الإشارات من اتجاه لإصدار قانون عفو عن العملاء المقيمين في إسرائيل على حساب تضيحات الوطنيين..

وأكدت مصادر سياسية متابعة لملف الاتصالات لـ”اللواء” ان هناك أفكاراً متعددة يتم البحث فيها، لكنها رفضت الإفصاح عنها، وأشارت إلى ان الجميع بات يعمل على تقديم الاقتراحات من أجل الوصول إلى تقريب وجهات النظر، معتبرة بأن هذا الأمر إيجابي، الا انها رأت ان كل الاقتراحات والأفكار ما زالت في طور الطهي ولم تصل بعد إلى مرحلة النضوج النهائي، داعية إلى الانتظار قليلاً وعدم تعظيم الأمور، خصوصاً وان الأمور ذاهبة في الاتجاه الإيجابي وليس السلبي.

وفي تقدير هذه المصادر، ان معظم الأفكار المطروحة تعمل على تحييد انعقاد مجلس الوزراء عن أزمة حادثة قبرشمون، وان نقطة الارتكاز في هذا المسعى هي ان الحريري لن يدعو إلى عقد أي جلسة لمجلس الوزراء، إذا لم تكن لديه معطيات اكيدة ان الجلسة لن تكون تفجيرية، ويتوقع ان تنقشع صورة الاتصالات المكثفة التي جرت في الساعات الماضية اليوم على هامش احتفال عيد الجيش حيث سيلتقي الرؤساء الثلاثة، وتتوضح كل الأمور، سواء على صعيد معالجات أزمة الحكومة وقبرشمون، أو على صعيد الأزمة الناتجة عن رسالة رئيس الجمهورية لتفسير المادة 95 من الدستور، خصوصاً وان اللواء إبراهيم المكلف بايجاد الحل، كانت له زيارات مكوكية أمس لكافة الأطراف المعنية ولا سيما جنبلاط والنائب أرسلان.

على ان اللافت في حركة الاتصالات، كان استقبال الرئيس ميشال عون للنائب أرسلان في بعبدا ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب في حضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي واللواء إبراهيم، قبل ان ينضم إلى الاجتماع لاحقاً وزير الدفاع الياس بوصعب.

وفيما لم يشأ أرسلان الإدلاء بأي تصريح، اكتفى الوزير جريصاتي بالقول لـ”اللواء” عن حصيلة الاجتماع الخماسي في بعبدا: البشائر والاجواء ايجابية على امل ان تتحقق هذه البشائر، لكن موجب التحفظ في التفاصيل ضروري الان لحين انتهاء المساعي.

وعُلم ان البحث تركز خلال كل اللقاءات أمس بين بعبدا والسرايا على اولوية عودة جلسات مجلس الوزراء وان هناك قرارا كبيرا باستئناف الجلسات إن لم يكن نهاية هذا الاسبوع فمطلع الاسبوع المقبل، وان القرار من الرئيس الحريري سيُتخذ خلال الساعات القليلة المقبلة في ضوء المساعي المستجدة، والتي تستوجب الوقوف على موقفي الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، خاصة اذا كان مبدأ التصويت على إحالة جريمة قبر شمون- البساتين لا زال مطروحا من ضمن المخارج المقترحة، وهو الامر الذي ما زال جنبلاط يتوجس منه مخافة حصول مفاجاة ما، كأن يغيب احد الوزراء او يصوت طرف محايد مع الاحالة. فيما لا زال الرئيس الحريري يحاذر طرح الموضوع في الجلسة قبل حصول توافق تام على المخرج.

وافادت المعلومات ان الرئيس عون اقترح خلال الاجتماع الخماسي على النائب ارسلان ترك التحقيق العسكري يأخذ مداه وفي ضوء نتائجه يتقرر مسار إحالة الجريمة على القضاء المختص، وان ارسلان قد يتجاوب مع الطرح لكن لم يتاكد شيء من هذا في ضوء التكتم الشديد الذي يحيط بتفاصيل المساعي.

وقد تعززت احتمالات هذا الطرح بشرط تسليم جميع المطلوبين مع ادعاء مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم، على 21 شخصاً في حادثة قبرشمون- البساتين بينهم أربعة موقوفين، بجرم إطلاق النار من أسلحة حربية غير مرخصة وقتل ومحاولة قتل مدنيين، وأحال الملف والموقوفين إلى قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان، طالباً استجواب المدعى عليهم، وإصدار المذكرات القضائية اللازمة في حقهم.

كذلك، كان لافتاً للانتباه الموقف الذي أعلنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم والذي عدّل نسبياً موقف الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، لجهة القبول بحل توافقي بين الطرفين المتخاصمين في الجبل، والاحتكام إلى القانون، وان أي حل يأتي بناء على الحوار والتوافق هو أفضل للجميع، وانه لا يجوز ان نبقى عند القعدة، بل يجب ان نحتكم إلى أمر يساعدنا على الانتقال إلى الحل، والقانون في مثل هذه الحالات هو الحل الطبيعي، بحسب ما أكّد الشيخ قاسم الذي رأى ان مجلس الوزراء هو المعني بإتخاذ القرار في ما يتعلق بالمجلس العدلي، لكن لا بدّ من محل يكون فيه حسم لخيار معين بدل ان تبقى الأمور معلقة ويدفع النّاس ثمن تعطيل مجلس الوزراء لحادثة يُمكن ان تجد حلاً لها وفق القوانين المعروفة.

وعلم من مصادر مطلعة ان المباحثات في هذا الملف تجري على قدم وساق والجولات المكوكية للواء ابراهيم مستمرة حتى ساعة متقدمة من الليل، وان الوزير جريصاتي يواكب الملف في السياسة والرؤساء الثلاثه في الجو والتواصل قائم مع كل المعنيين في سبيل تسهيل انعقاد جلسة لمجلس الوزراء وما يمكن قوله ان هناك تقدما كما ان هناك تلمسا لطرق معينة يتم البحث فيها للشروط والشروط المضادة لا اكثر ولا اقل.