IMLebanon

ضغوط غربية وتحديات مالية خلف مصالحة بعبدا

شارفت الأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان، منذ شهر ونصف على نهايتها، باجتماع خماسي ضمّ عصر الجمعة في قصر الجمهورية ببعبدا كلا من الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان.

وهدف الاجتماع إلى عقد مصالحة بين الزعيم جنبلاط ومنافسه على الساحة الدرزية أرسلان، بعد تصعيد بينهما انعكس شللا حكوميا، على خلفية حادثة قبرشمون.

وشكل اللقاء فرصة “لغسل قلوب” بين الزعيم الدرزي والرئيس اللبناني، والتي ساءت علاقتهما على خلفية انحياز الأخير لرئيس الحزب الديمقراطي.

وأعرب رئيس الوزراء عقب الاجتماع عن ارتياحه قائلا “من الآن فصاعدا ستكون هناك صفحة جديدة وسنتعاون جميعا من أجل مصالح لبنان”.

وربطت دوائر سياسية نزوع القوى إلى التهدئة، وحلّ الأزمة بالتدخلات الأميركية والأوروبية، التي مورست طيلة الأيام الماضية، فضلا عن الضغوط الاقتصادية خاصة مع اقتراب موعد إعلان وكالة “ستاندرد آند بورز” عن تقريرها بخصوص لبنان، والذي يرجّح أن يتضمّن تخفيضا جديدا للتصنيف السيادي لهذا البلد. وسبق لقاء المصالحة اجتماع مالي في بعبدا برعاية عون لبحث سبل احتواء تداعيات خفض التصنيف المحتمل، والذي يخشى من أن يكون له ارتدادات جدّ سلبية على الوضع المالي للبلاد.

لقاء بعبدا يفتح الباب لتفعيل العمل الحكومي، حيث أعلن الرئيس سعد الحريري عن اجتماع السبت لمجلس الوزراء
وجرت جهود لبنانية لتفادي التصنيف السلبي الجديد، لكن على ما يبدو فإن هذه المحاولات باءت بالفشل. وتشير الدوائر السياسية إلى أن اتصالات عدّة جرت في الكواليس قبل ساعات من لقاء المصالحة، خاصة لجهة إقناع الحزب الديمقراطي والتيار الوطني الحر بضرورة خفض السقف العالي من المطالب، حيث أنّ الوضع الاقتصادي في البلاد لا يحتمل، فضلا عن أن هناك غطاء دوليا واضحا يمنع أي استهداف لجنبلاط.

وتلفت الأوساط إلى أن حزب الله التقط الرسالة الغربية وخاصة الأميركية التي عبّرت عنها سفارة الولايات المتحدة في بيروت في بيان شدّد على رفض “أي توظيف لقضية قبرشمون لغايات سياسية”، وعلى ضوء ذلك قرّر الحزب الاستدارة من خلال حضّ حليفه أرسلان على تليين موقفه حيال حادثة قبرشمون.

وكان حزب الله قد دعّم رئيس الحزب الدمقراطي في مطلبه بإحالة الحادثة إلى المجلس العدلي، في سياق رغبته في كسر جنبلاط وتحجيمه، بيد أنه وأمام الوضع الراهن، وجد الحزب نفسه مضطرا لتأجيل المعركة مع الزعيم الدرزي.

وتعود أزمة قبرشمون إلى 30 يونيو الماضي حينما واجه موكب لوزير المهجّرين صالح الغريب مجموعة من أنصار الزعيم الدرزي وليد حنبلاط، تحتجّ على زيارة مفترضة لوزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لمحافظة جبل لبنان، لتنتهي المواجهة إلى تبادل لإطلاق النار بين الطرفين أسفر عن مقتل اثنين من مرافقي الغريب ينتميان إلى الحزب الديمقراطي.

وكاد هذا الحادث يقود إلى إشعال فتنة درزية درزية بيد أنه تمت لملمتها سريعا بتدخل رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، إلا أنّ شرارتها السياسية ظلت موقدة بإصرار الحزب الديمقراطي على إحالة الملف إلى المجلس العدلي، بدعم من التيار الحر وحزب الله.

وفي الأيام الأخيرة اتخذت الأزمة أبعادا جديدة بتحوّلها إلى صراع إرادات بين جنبلاط والرئيس ميشال عون، الذي اعتبر أن المستهدف من تلك الحادثة كان صهره جبران باسيل.

وبرزت معطيات عن ضغوط من بعبدا على السلطة القضائية المكلفة بالنظر في الحادثة، لإحالتها إلى المجلس العدلي، وهذا الوضع دفع على ما يبدو الولايات المتحدة والأوروبيين إلى التدخل.

ويرى محللون أن التدخل الغربي فرمل اندفاعة ضرب جنبلاط لكنّه لم ينهها حيث يتوقع أن تكون هناك جولات قادمة، سيخوضها الزعيم الدرزي، مع “ثالوث الممانعة” في الداخل، الذي يصرّ على منطق إلغاء أي “نفس معارض”. ورفض أرسلان، قبيل الاجتماع، توصيف لقاء بعبدا بأنه لقاء مصالحة، قائلا “إنه لقاء مصارحة ورسم خارطة طريق وليس مصالحة، ويرتكز على الأمن والقضاء والعدالة، وقد يتحوّل إلى مصالحة إذا تم الأخذ بالمبادرات المطروحة سابقاً”. ويفتح لقاء بعبدا الباب لتفعيل العمل الحكومي، حيث أعلن الحريري عن اجتماع السبت لمجلس الوزراء.