IMLebanon

سياسة المسايرة والتركيد إلى متى؟؟

كتب المحامي عمر زين في “اللواء”:

 

منذ 60 سنة ونيف كتب المعلم كمال جنبلاط مقالته تحت هذا العنوان، وأضفنا اليوم عليه (الى متى؟؟)، وكأن المعلم بيننا اليوم شاهد على ما نحن عليه، يضع الحل الحاسم والجازم للإنقاذ حيث جاء في تلك المقالة: «في رأينا ان الحقيقة وحدها تنتصر، وانه علينا ان توجه امكانات السياسة واجهزة الدولة في اتجاه نصرة العدل والحقيقة والمساواة في الحقوق والواجبات، وفي تمثيل القانون يجب ان تسود العدالة اياً كانت الاعتبارات الاخرى. فالجريمة تظل جريمة حتى ولو تغاضت عنها الدولة، والظلم ظلماً ولو سكت عنه الحكام لأسباب موهومة تتعلق بالاستقرار، وضرورة انتهاج سياسة التهدئة ومسايرة هذه الفئة او تلك او هذا الحزب او ذاك او المسلمين في البلاد او المسيحيين على حد سواء».

أين نحن اليوم من هذا كله؟؟

نعيش اليوم تعطيلاً للدستور، وتفسيراً يغاير ما جاء فيه، كما نعيش تعطيلاً للدولة، حيث تعزز مواقع المحميات السياسية والمذهبية بدلاً عنها،

نشهد إمعاناً في النيل من صدقية القضاء وهي السلطة الامل في الانقاذ الوطني، وذلك لتعطيل دورها والابقاء على ما نحن عليه،

الهدر والفساد متنقل في كل الاجهزة والمؤسسات الرسمية، التحرك للمحاسبة والمساءلة نسمع به في التصريحات دون نتائج لعدم المتابعة ولعدم الجدية في تناول الملفات، ولعل في ذلك عدم اهلية السياسيين في القيام بهذا العمل، فبدل ان يرتدع الفاسدون ويعاقبون، بقوا في مواقعهم وارتفعت فاتورة فسادهم وهذا حديث كل الناس.

أخبار مفتعلة هنا وهناك فتنوية في طبيعتها، يتناقلونها عن سؤ نية مبيتة ومقصودة لضرب الوحدة الوطنية وروح الميثاق الوطني لغايات مشبوهة، غايتها إضعاف الدولة خدمة للدويلات، واعطاء الفرصة للأجنبي للتدخل في شؤوننا الوطنية والقضائية والسياسية والاقتصادية.. فكأننا قاصرون محتاجون لوصي يقوم مقامنا في كل شؤوننا، وهذا ما حصل ويحصل عبر السنين، ورسالة السفارة الاميركية الاخيرة تدخل ضمن هذا التوصيف بغياب العنفوان والكرامة الوطنية.

العبث بمقدرات الدولة طال واستطال، كل طامع بصلاحيات الآخر، وهذا الطمع اصبح الخبز اليومي للمسؤولين، منذ انتهاء الاحداث المؤلمة في لبنان تؤخذ قرارات في مجلس الوزراء يعمل على تعطيلها واستبدالها بمخالفات مفضوحة تسبب ازمات قانونية واجتماعية ومالية وكل ذلك يعود للعقلية الميليشيوية التي سادت واستمرت وما زالت بعد ميثاق الطائف والتعديل الدستوري الذي جرى على أساسه.

كل ذلك يحصل وأكثر منه في ظل تهديد صهيوني دائم لوجودنا، وليس تهديد لحدودنا فقط كما يظن البعض، سماؤنا تستباح يومياً بطائرات العدو، ثروتنا المائية تستباح ايضاً، مقدراتنا من البترول والغاز في تهديد دائم لمنعنا من استخراجها وبل لوضع اليد عليها، استئناف العدو بناء السياج في مواجهة كفركلا، احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ما زال قائماً وامام هذا الحجم من المخاطر بعضنا شعر بالخطر الداهم والدائم علينا فتبنى ثقافة المقاومة، وبعضنا الآخر ما زال يتبنى مقولة «قوة لبنان في ضعفه» التي سقطت الى الابد بعد عامي 2000 و2006 وذلك بكل مواقفه وتصرفاته واقواله دون ان يسمي هذه المقولة، وهذا ما يستغله العدو ومن يقف معه ويدعمه.

هذا وكان قد نَصَحَنَا المعلم كمال جنبلاط ودلّنا على الطريق الصحيح في مقالته بجريدة الانباء يوم 23/7/1954 تحت عنوان «الفضيلة» بقوله: «لقد غفرت لرجل اتُهمَ بقتل والدي، ولكنني لن أغفر لرجل ولرجال يحاولون قتل البلاد، تدنيس البلاد، تزوير النفوس، تحقير جوهر ما في الانسان من حق وشرف وحرية…»

نحن مع المعلم كمال جنبلاط الذي أكد دائماً، أنّ «الإصلاح لا يتم والاجواء الفاسدة مسيطرة على لبنان، ولا يتم الا بتطبيق قاعدة الثواب والعقاب وعلى رأسها قانون الاثراء غير المشروع».

ملاذنا اليوم هو رئيس الجمهورية صاحب القسم والجيش اللبناني الوطني الملتزم في الحفاظ على السلم الاهلي والعيش المشترك والواقف بالمرصاد ضد لغة الشحن والتحريض والخطابات الشيطانية، والمؤمن في العمل على مواجهة أطماع إسرائيل وفي التصدي للارهاب،

ملاذنا اليوم ايضاً القضاء اللبناني الذي من الواجب علينا كشعب وفي المقدمة منا نقابتي المحامين في لبنان ان نحميه ونصونه ونحافظ على استقلاليته، لنؤكد ان العدل اساس الملك ولنعمل بجدية على استصدار قانون استقلال القضاء اللبناني، هذا القضاء الذي هو السلطة الفعلية التي يجب ان تأخذ دورها في حماية الجمهورية من أكلة الجبنة ممن هم لا بد من مساءلتهم ومحاسبتهم.

الشعب اللبناني خائف على مصيره ومستقبله، الجرائم التي ترتكب على الافراد وعلى الدولة يجب ان تتوقف، الشعب بحالة غليان، وسينتفض عاجلاً أم آجلاً لانقاذ الجمهورية.

آن الآوان لندفن معاً والى الأبد سياسة المسايرة والتركيد