IMLebanon

أيضاً وأيضاً.. أزمة الصلاحيات الرئاسية

كتب راشد طقوش في صحيفة “اللواء”:

اثناء الأزمة الوزارية التى نجمت عن احداث الجبل وقبل اجراء المصارحة والمصالحة في قصر بعبدا، ظهرت ازمة صلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ،وتحدثت الصحف آنذاك عن وجود معركة صلاحيات بين الرئاسة الاولى والثالثة،

ولكن في الواقع لا توجد معركة صلاحيات بل افتعال معركة صلاحيات ، اذ ان بعض مستشاري رئيس الجمهورية يريدون تحوير دستور الطائف لاعادة عقارب الساعة الى الوراء واعادة صلاحيات لرئيس الجمهورية كانت موجودة في دستور ما قبل الطائف-دستور ١٩٢٦- ، لذلك نراهم يفسرون دستور الطائف تفسيرا عجيبا لا يتوافق مع ابسط اصول تفسير الدساتير، كل ذلك لنزع صلاحيات اعطاها دستور الطائف لرئيس الحكومة واعادتها لرئيس الجمهورية،

في حين ان صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الحكومة واضحة في دستور الطائف ، مع الاشارة الى ان الخلاف المثار حاليا بخصوص الصلاحيات يتعلق بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد ووضع جدول اعماله.

بالنسبة لصلاحيات رئيس الحكومة فانها وردت في المادة ٦٤ من دستور الطائف ،ونصت على ان رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة ونصت الفقرة ١ على أنه يرأس مجلس الوزراء ( مع الاشارة الى ان دستور ١٩٢٦ نص في المادة ١٧ على انه تناط السلطة الاجرائية برئيس الجمهورية ولم يشار الى رئيس الوزراء الا مرة واحدة في المادة ٦٦ )

ومن العودة الى المادة ٦٤ من دستور الطائف يتبين أنها نصت في الفقرة ٦ على أن رئيس الحكومة يدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد ويضع جدول اعماله ويطلع رئيس الجمهورية مسبقا على جدول الاعمال،

اما صلاحيات رئيس الجمهورية فقد وردت في المادة ٥٣ من دستور الطائف فنصت الفقرة ١١ على انه يحق لرئيس الجمهورية ان يعرض اي امر من الامور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال ، ونصت الفقرة ١٢ على ان رئيس الجمهورية يدعو مجلس الوزراء استثنائيا كلما رأى ذلك ضروريا بالاتفاق مع رئيس الحكومة.

استنادا الى ما ورد اعلاه يتبين ان المبدأ هو أن رئيس الحكومة هو الذي يدعو مجلس الوزراء للانعقاد وهو الذي يضع جدول اعماله ، ويحدد زمان ومكان الجلسة ، ويطلع رئيس الجمهورية مسبقا على جدول الاعمال ، اي مجرد إطلاع دون ان يكون ملزما بما قد يعرضه رئيس الجمهورية بهذا الخصوص ، أما ما ورد بهذا الموضوع بالنسبة لصلاحيات رئيس الجمهورية فهو استثناء ، ومن المعلوم من قواعد التفسير أنه لا يمكن التوسع في تفسير الاستثناء بل يجب تفسيره بشكل ضيق ، وهذه القاعدة لا خلاف عليها فقها واجتهادا ، لذلك فإنه يقتضي تفسير ما ورد في الفقرتين ١١ و ١٢ من المادة ٥٣ من دستور الطائف بشكل ضيق .

فالفقرة ١١ نصت على حق رئيس الجمهورية بأن يعرض اي امر من الامور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، هذه الفقرة حددت نطاق الحق الوارد فيها ويتمثل بوجود امور طارئة، والامر الطارئ هو الامر الذي لا يمكن تأجيله، لذلك فان الامور الطارئة لها حدود ، خاصة بالوصف،-طارئة ام لا، مع الاشارة الى ان الامر الطارئ يجب ان يكون قد ظهر بين تاريخ وضع جدول الاعمال وتاريخ الجلسة وهو عادة ٧٢ ساعة، لذلك لا يمكن بحجة الامور الطارئة وضع جدول اعمال جديد متجاوزين صلاحيات رئيس الحكومة ،خاصة ان هذه الصلاحية المعطاة لرئيس الجمهورية هي استثناء للمبدأ ولا يمكن التوسع في تفسيرها.

وبالنسبة للفقرة ١٢ من المادة٥٣ فانها اعطت رئيس الجمهورية صلاحية دعوة مجلس الوزراء للانعقاد استثنائيا كلما رأى ذالك ضروريا بالاتفاق مع رئيس الحكومة

هذه الفقرة وضعت شرطا لدعوة رئيس الجمهورية مجلس الوزراء للانعقاد استثنائيا وهو موافقة رئيس الحكومة ، لذلك فان عدم موافقة رئيس الحكومة يؤدي الى الغاء الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء،

اما ما ورد على لسان البعض من ان مجلس الوزراء ينعقد حكما اذا دعاه رئيس الجمهورية لان الدعوة استثنائية وفيها عجلة وضرورة، فهو غير قانوني، لان الفقرة ١٢ اوردت كلمة «استثنائيا» وعبارة» بالاتفاق مع رئيس الحكومة» ولو اراد من وضع دستور الطائف ان تنعقد الجلسة حكما لما اشترط موافقة رئيس الحكومة ،مع الاشارة الى ان كلمة «بالاتفاق» التي وردت في الفقرة ١٢ من المادة ٥٣ من دستور الطائف هي نفسها التى وردت في الفقرة ٤ من نفس المادة والمتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية وتحديدا بمراسيم تشكيل الحكومة والتى نصت على ان رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، وقد مارس رئيس الجمهورية هذا الحق لدى تشكيل الحكومة الحالية، وبالتالي يحق لرئيس الحكومة ان يمارس هذا الحق ، ولايوافق على دعوة رئيس الجمهورية مجلس الوزراء للانعقاد استثنائيا.

هذا هو موضوع الصلاحيات ولو التزم كل رئيس بما ورد له من صلاحيات في دستور الطائف دون أي تأويل للنصوص الواضحة لكنا تجنبنا كل هذه المشاكل القانونية والسياسية والأهم الطائفية ، إلا إذا كان هناك من يريد أن ينبش الماضي ويبكي على أطلال لن يستطيع ان يعيدها الى ما كانت عليه .