IMLebanon

حمود: رائحة تأجيل خفض تصنيف لبنان تتصاعد

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

 

في حال تمّ خفض تصنيف لبنان الإئتماني من قبل وكالة “ستاندرد أند بورز” S&P في 23 الجاري الى CCC من B- بعدما خفضت “موديز” في حزيران التصنيف الى Caa1 ، تكون بذلك المرة الأولى التي يتم فيها الوصول الى درجة C من قبل وكالتين دوليتين كبيرتين، الأمر الذي سيترك تداعيات وخيمة على البلاد. هذا الأمر أدركته السلطات اللبنانية التي سارعت الى الطلب من “ستاندرد اند بورز” التروّي ومنح لبنان فرصة أخرى كونه يسير على خط الإصلاحات وخفض العجوزات.

دعّمت الحكومة مطلبها بالتروّي، في اجتماع بعبدا الشهير للرؤساء الثلاثة في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والذي نشر ذبذبات ايجابية. ومنذ ذلك اليوم تتوالى التصريحات التي تشدّد على أهمية تنفيذ الإصلاحات لا سيما الإلتزام بتطبيق موازنة 2019 .

تفاصيل تلك البوادر الإيجابية عرضها رئيس لجنة الرقابة على المصارف في مصرف لبنان سمير حمود خلال لقاء مع «نداء الوطن «حيث كشف أن هناك ملامح لعدم خفض تصنيف لبنان الى CCC.

عادة تستوجب عملية خفض التصنيف الإئتماني الى CCC رفع رؤوس أموال المصارف وذلك في ظل تنامي المخاطر، من هنا يقول حمود: «عندما خفضت وكالة “موديز” في حزيران تصنيف لبنان لم يستدع الأمر زيادة المصارف رأسمالها كون رؤوس الأموال المحددة من قبل البنك المركزي مرتفعة أصلاً تحوطاً»، ويضيف: «أما اليوم وفي حال خفضت “ستاندرد أند بورز” تصنيفها الإئتماني للبنان الى CCC سنكون أمام استحقاق إعادة رفع المصارف رؤوس اموالها كونها المؤسسة الثانية على التوالي في عام واحد التي تخفض ائتمان لبنان الى C، الأمر الذي لن يكون مشجعاً في ظل الوضع الإقتصادي والمالي الصعب”.

ويشرح حمود في هذا المجال أن “أي خفض للتصنيف يستوجب تثقيل العمليات المصرفية لا سيما الموجودات والمطلوبات بدرجة مخاطر أعلى، مما يتطلب ضخ رؤوس أموال إضافية من المصارف فوراً أو بطريقة تدريجية على مدى سنوات عدة”.

ويضيف: “تكبير رؤوس الأموال ليس بالأمر السهل، من هنا فإن أي انخفاض للتصنيف سيكلف المصارف أموالاً اضافية، علماً أن رؤوس أموال المصارف الحالية كافية وفقاً لمعايير “بازل” الدولية وتفي بالحد الأدنى المطلوب دولياً ولو جاء التصنيف C ، كون مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف أوعزا الى المصارف بضرورة أن تكون تغطية رؤوس أموالها أعلى مما هو مطلوب دولياً، تحوّطاً”.

وهنا يذكّر حمود بأنه “في بداية العام 2008 وتحديداً خلال شهر كانون الثاني أبقت “موديز” تصنيف لبنان عند B في حين أقدمت “ستاندرد اند بورز” على تخفيضه الى C من B ثم عادت في شهر آب ورفعته الى B، ولم تحصل سابقة خفض وكالتين كبريين تصنيف لبنان الى C”. ويؤكد أن “الوضع الحالي ليس سيئاً لدرجة كبيرة فلبنان شهد هزات أكبر بكثير وعاد ونهض، وما ينقصنا اليوم هو الشعور بالإستقرار فأي دعاية عن الإستقرار السياسي تنعكس علينا بالايجاب مالياً”.

إجتماع بعبدا

وهل اجتماع بعبدا جاء كخطوة استباقية ايجابية لإصدار التصنيف، وما هي الإصلاحات التي يلوحون الى أنها ستدخل حيّز التطبيق؟

عن ذلك يكشف حمود أن “السلطات اللبنانية الممثلة برئيسي الجمهورية والحكومة طلبت من القيّمين على “ستاندرد اند بورز” عدم الإستعجال في تخفيض التصنيف اذ أن البلاد تسير على الطريق الصحيح، فلينتظروا ويروا الإصلاحات التي ستتحقق من خلال تطبيق موازنة 2019 والحد من الهدر وتخفيض العجز والسير بخطة الكهرباء التي ستوفر الكثير على مالية الدولة علماً أن عملية التحضير لدفتر الشروط تسير ببطء ويجب تعجيلها، لافتاً الى أهمية التعجيل في ملف النفط وبدء التنقيب.

ويضيف: “تم التأكيد على تلك الرسالة من خلال اجتماع بعبدا للقول لا تتسرعوا وتخفضوا تصنيف لبنان، فنحن جديون في تنفيذ موازنة 2019 وموازنة 2020 ستقدّم في موعدها، على ان نعمل على تطبيق مؤتمر “سيدر” كما هو مدوّن في الأجندة الإصلاحية…”.

ويؤكد حمود أنه “نتيجة لذلك فإن احتمال عدم خفض التصنيف من S&P الى CCC وارد وهناك إشارة من تلك الوكالة الى احتمال تأجيل التصنيف، وآمل أن يتحقق ذلك، خصوصاً مع تفاقم الضغوط التي يرزح تحتها لبنان مع وجود مليون ونصف المليون نازح، وتصاعد وتيرة البطالة وتعميق هوّة جمود القطاع السياحي في ظلّ غياب السيّاح العرب… كل تلك الأزمات يجب أن نحملها بأمانة وبعبء كبير وأخذها في الإعتبار إفساحاً في المجال أمام البلاد لتحقيق النهوض”.

 

الموازنة الضرائبية

وعن الموازنة التي جاءت محفوفة بالضرائب والتي يمكن أن تنعكس ركوداً على الإقتصاد يعتبر حمود أنه “لا يمكن الخروج بموازنة ضرائبية وحيازة رضى جميع الأفرقاء. فلم يكن امام الحكومة اي خيار آخر سوى الضرائب وهناك ضرائب أخرى كانت مدرجة ولم يتجرأوا على فرضها للتمكن من تحقيق التصحيح المالي، وقد يعاد فرضها في ما بعد مع الإشارة الى أن موازنة 2020 ستشهد استمرارية لموازنة 2019 من خلال تخفيض نسب الهدر”.

وهنا يعتبر حمود أن “الجدية بتنفيذ الموازنة تشكل الطريق الصحيح نحو ما يسمى بالفساد والهدر ولو تم انتقادها لأنها مجحفة بحق بعض الناس”.

فمكافحة الفساد والهدر “يجب أن تشكل هوية لبنان الإقتصادية وبنيته التحتية، فضلاً عن العمل على تحرير بعض القطاعات ضمن الشراكة بين القطاعين العام والخاص”. وفي هذا السياق يقول حمود تم خفض العجز خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري وتحديداً في حزيران وتموز وشعرنا بتدفق نقدي وليس خروجاً للأموال، إلا انه ما لبث ان توقف في شهر آب”.

العقوبات الأميركية

ولا تقتصر الإستحقاقات التي تنتظرنا على التصنيف بل تترافق معها مسألة العقوبات الأميركية على لبنان والتي قيل إنها لن تقتصر على مسؤولي “حزب الله” بل على حلفائهم ايضاً ، في هذا السياق يشرح حمود أنه “لا يمكن التكهّن من سيكون على لائحة “أوفاك” وليس لدي معلومات أو لائحة بأسماء الأشخاص الذين ستطاولهم العقوبات الأميركية”. وعن التداعيات التي تتركها على ثقة المجتمع الدولي بلبنان وبمنحنا قروض “سيدر”، يشير حمود الى أن “العقوبات هي من دون شك سياسية وهي لا تربكنا ولكن تجعلنا نأسف لإصابة هذا الجسم او ذاك باعتبار أن الإلتزام بالقوانين الأميركية أمر محتم. فالدولار هو عملة الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها دولة الإصدار، ولبنان اقتصاده مدولر ويتعاطى بالعملة الخضراء بحجم يفوق بأضعاف حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية”.

ويضيف: “إن نسبة71% من حجم الودائع اللبنانية هي بالدولار، وحجم التحويل الذي يدخل ويخرج من لبنان هو بالعملة الأجنبية وتحديداً بالدولار الأميركي، من هنا نحتاج الى ان نكون على علاقة متينة مع المراسلين الأميركيين الذين يخضعون للقانون الأميركي وليس أمام المصارف اللبنانية أي خيار سوى الإلتزام، لأنها مسألة حياتية واستمرارية للقطاع باعتبار أن المصرف المراسل قادر على إقفال حسابات البنوك اللبنانية غير الملتزمة فوراً “.

وعن إمكانية إيداع الأموال في حسابات خارج لبنان، يتابع حمود أن “المدرج اسمه على لائحة “أوفاك” لن يستقبله أي نظام مصرفي آخر، الا اذا أودع أمواله في عملة ذلك البلد، وقوة العقوبات الأميركية تكمن في أنها دولية”.

وتمنى حمود الا تكون “هناك أسماء جديدة على لائحة العقوبات لأننا نريد أن نحافظ على المودعين لدينا وعلى علاقتنا مع المراسلين، والثقة بالقطاع المصرفي اللبناني”. مؤكداً أن “القطاع المصرفي ليس ملاذاً لتبييض الأموال، فلديه فوبيا أو هاجس الإلتزام بالقانون الأميركي خشية على أمواله وعلى علاقته مع المراسلين، من هنا يستبعد أن يصاب الجسم المصرفي بالعقوبات”.

ورداً على سؤال عن التهديدات التي حكي عنها من قبل مسؤولي “حزب الله” على المصارف، يشير حمود الى “أننا لسنا تحت ضغط داخلي من “حزب الله” وأفراده، لأن الحزب على يقين أن المبادرة ليست داخلية بل دولية .

أما التداعيات الإقتصادية التي يمكن ان تتركها لائحة العقوبات إقتصادياً ومالياً عموماً وعلى المصارف تحديداً، فيرى حمود انه لا تأثير على المصارف إطلاقاً لأن أموال المصارف لن تمسّ بل سيتم سحب وديعة الوارد اسمه على لائحة “أوفاك” آملاً أن تكون العقوبات معدومة أو محدودة في حلقة ضيقة.

الخشية على المؤسسات

ولم يغفل حمود التطرق الى المشكلة الإقتصادية التي ترخي بظلالها على القطاع الخاص، فأبدى خشيته على المؤسسات التي تعاني مشاكل مالية كبيرة من الإفلاس والإقفال ما سيفاقم البطالة.

من هنا برز الهمّ الأكبر لديه في المرحلة الراهنة، وهو أن “تقف تلك المؤسسات الإقتصادية على رجليها للتمكن من الإستمرار، في ظل إقتصاد يعاني الركود ترافقه فوائد مرتفعة وزيادة المديونية لدى المؤسسات”. وفي ما يتعلق بالدعم الذي يمكن أن يقدمه مصرف لبنان في هذا السياق يذكّر حمود أن “البنك المركزي أعطى حوافز للمصارف كي تستطيع اعادة هيكلة ديونها من خلال تملك العقارات على أن يكون الإحتياطي لمدة 10 سنوات بدل 5 سنوات”. ويتابع: “بذلك يمكنها أن تنتظر لتسييل محفظتها العقارية ايماناً منا بأن العقار مهما عانى من الجمود سيعود الى الواجهة مجدداً وستنشط الحياة فيه، مع العلم ان المصارف قلّصت من تسليفاتها نظراً الى الأرباح التي تحققها من خلال ايداع أموالها لدى “المركزي” وليس بسبب عدم قدرتها على الإقراض”.