IMLebanon

سؤال الحلفاء والخصوم: هل تبقى حيثية باسيل بعد العهد؟

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:

لم يكن وزير الخارجية جبران باسيل راضياً عن الشكل الذي حصلت فيه المصالحة في بعبدا، لانها انتقصت من حق وحضور حليفه النائب طلال أرسلان فحثه على حضور اجتماع التكتل الأخير على سبيل التعويض. وإرضاءً لباسيل “الزعلان” قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون “إعترفوا بجبران وحجمه”. ويقال أيضاً إنّ رئيس “التيار الوطني الحر” قد لا يكون مسروراً بتلبية الرئيس عون دعوة زعيم المختارة وليد جنبلاط إلى مأدبة عشاء تقام على شرفه.

أمس الأول انتشر فيديو الحديث المتبادل بين باسيل وأرسلان عن إمكانية ان يكون للأخير حصة نيابية وازنة في حال أقر نظام الـ”ميغاسنتر” انتخابياً، تحسّر باسيل على عدم اعتماده بالقول: “قليلة شو عمل فينا الحزب”. ثمة مثل يقول زلات اللسان تفضح ما في القلوب. وبغض النظر عن أرسلان الذي لا ينطبق عليه منطق “شو عمل فينا الحزب” كون “حزب الله” سلّفه بما تجاوز حجمه الحقيقي أحياناً حسب رأي البعض. فلرئيس “التيار الوطني الحر” أن يدلي بدلوه من دون أن يهزّه تعليق من هنا أو نفي من هناك. كأنه يتقصد استدراج الآخرين إلى مساجلته ليصيب في مرمى أهدافه هدفاً إضافياً.

وكما في كل مرة كذلك كان تعاطي “حزب الله” مع الفيديو المسرّب. لم يرَ في مضمونه “قصة تستوجب التوقف عندها”. المؤكد الوحيد بالنسبة إليه هو “علاقته الراسخة والمستمرة مع “التيار الوطني الحر” والتي لا يغيّرها تسريب فيديو بالناقص أو بالزائد”. ذلك أنّ باسيل بالنسبة للحزب “حليف ورئيس تيار حليف”. وما لم يقله “حزب الله” يمكن للمرء أن يستنتجه وهو أنّ باسيل في واقع الأمر هو “صهر الحليف” المسيحي الأول أي رئيس الجمهورية وهذه شفاعة بحد ذاتها، فضلاً عن كونه حامل لواء الدفاع عن الحزب في المحافل الدولية ما دفع البعض إلى تسميته “وزير خارجية حزب الله” وحسب مقربين منه فإن الأميركيين عاقبوه على سياسته هذه بأن امتنعوا عن تحديد مواعيد له أثناء زيارته الأخيرة.

لجبران باسيل مكانة لدى “حزب الله” تجعل الحزب، حسب قول الحلفاء، يغض الطرف عن أخطائه المتكررة . له في عدادهم شفعاء يغلّبون حسناته على السيئات مهما كثرت، ويقفزون فوقها باتجاه الحلف الاستراتيجي.

من حسناته في نظر الحلفاء أنّ صديقه كما الخصم يشهدان على انه رجل عملي “تقفل الخط معه الثانية بعد منتصف الليل لتجده أون لاين عند السادسة صباحاً، المواعيد تبدأ في أجندته من الثامنة صباحاً وتمتد حتى الحادية عشرة ليلاً، ما زالت روح الشباب فيه. كل الملفات التي عمل عليها وهي متنوعة كان له فيها بصمة بدءاً من الاتصالات إلى الطاقة إلى الخارجية إلى قانون الانتخاب وقانون الجنسية فضلاً عن مأسسة التيار الوطني الحر وإنشاء مكتب سياسي وانتخاب رئيس لقيادته بعد أن كان عبارة عن تيار”.

لكن الحلفاء لا ينكرون أن “قربه من الجنرال” لعب دوراً أساسياً في حيثيته “ومن دون الرئيس لما أمكن أن يكون بمثل ما هو عليه اليوم، أزاح المنافسين من طريقه، ولكن بالمقابل أيضاً لو لم يكن ناجحاً لما وصل إلى ما وصل إليه”.

في الداخل يتكل باسيل على “حزب الله”، وعلى مستوى العلاقة مع “حركة أمل” هناك سبل جديدة للتفاهم برعاية “حزب الله” وقد حصل أكثر من لقاء، ومع الرئيس سعد الحريري أنجز تسوية لا تزال سارية المفعول تحت مسمى “تحالف الأقوياء”.

ولكن ازاء كل ما تقدم فللخصوم نظرتهم إلى وزير ورئيس تيار يرونه “استفزازياً” متفلتاً من أي قيود سياسية. في اعتقادهم أنّ لكل شخصية سياسية راهنة حيثية مناطقية أو شعبية، لكن وحده باسيل يستمد حيثيته من “مصاهرة العهد”. ومن ضمن نقاط الضعف لديه أنه شخصية غارقة في الخصومة حتى مع أفراد عائلته المقربين.

في المحصلة، لا ينكر الحلفاء كما الخصوم أنّ لجبران باسيل مشروعه السياسي، وحجره الأساس تحالفه مع “حزب الله” الذي أتى بعون إلى رئاسة الجمهورية. قد يساعده في بلورة مشروعه وجوده تحت جناح رئيس الجمهورية وكونه رئيساً لـ “التيار الوطني الحر”… ولكن السؤال الذي يُجمع عليه الحلفاء والخصوم: ماذا سيكون وضعه بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وهل ستبقى حيثيته بعد العهد؟