IMLebanon

أكبر مناورة للجيش… ورعاية أميركية – كنسيّة للاستراتيجية الدفاعية

“مستوى التدريب والحرفية الذي ظهر خلال هذه المناورة يثبت جهوزية الجيش لمواجهة كل التحدّيات سواء على الحدود أم في الداخل”… عبارة تختزن الكثير على لسان قائد المؤسسة العسكرية العماد جوزيف عون إثر إشرافه على أكبر مناورة قتالية بالذخيرة الحية، نفذها أمس الفوج المجوقل في جرود العاقورة بمشاركة القوات الجوية وأفواج المدفعية والمدرعات والمضاد للدروع. ففي خضم مناورات التشكيك بقدرات الجيش وقدرته وحده على تولي مهام الدفاع عن الوطن، أتت مناورة العاقورة لتضع خطين أحمرين تحت كلمة “الجهوزية” متى تغربلت الاستراتيجيات وتلاشت “الثلاثيات” لتبقى أحادية دفاعية لا إمرة إلا للدولة فيها على حربها وسلمها.

ورغم أنّ “حزب الله” بدا خلال الساعات الأخيرة كمن يحاول اقتناص “اللحظة الرئاسية” السانحة ليكرّس نفسه شريكاً مضارباً في استراتيجية الدفاع عن البلد، وذلك عبر تشديد “الحزب” على لسان نائب رئيس مجلسه التنفيذي الشيخ علي دعموش على أنّ “انتصار تموز 2006 عزز مكانة المقاومة في الاستراتيجية الدفاعية وحوّلها إلى عنصر أساس في أي استراتيجية دفاعية للبنان”، غير أنّ مسار التصحيح والتصويب الذي سلكه التصريح الرئاسي عن الاستراتيجية الدفاعية أخذ مداه فتواصلت عملية امتصاص الصدمة الداخلية والخارجية جراء كلام رئيس الجمهورية ميشال عون عن انتفاء ركائز هذه الاستراتيجية، لا سيما بعد إعادة تجديد عون نفسه التزامه بها في بيان قصر “بيت الدين” التوضيحي، وصولاً إلى تكليل “الاستراتيجية الدفاعية” أمس برعاية كنسية عبر تأكيد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أنّها “ضرورة ماسة في حياة لبنان”، قائلاً إثر لقائه رئيس الجمهورية: “مسألة الاستراتيجية الدفاعية أساسية، وقد طُرحت أولاً في عهد الرئيس سليمان ومن الضروري أن يتم اعتمادها”.

وتوازياً، لفت الانتباه أمس حضور السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد يرافقها الممثلون العسكريون الأميركيون، المناورة العسكرية للجيش اللبناني، لا سيما وأنها في معرض تأكيدها على إيمان الولايات المتحدة “بقوة هذا الجيش” تمنت في المقابل أن “يؤمن كل لبناني به كذلك” في إشارة أميركية إلى وجوب تعزيز نظرة الثقة بقدرة المؤسسة العسكرية اللبنانية على الدفاع عن البلد.

وفي الغضون، تقاطعت المعلومات والمعطيات الرسمية وغير الرسمية بالأمس عند تأكيد الخبر الذي كانت “نداء الوطن” أول من تفرد بكشف النقاب عنه على لسان رئيس لجنة الرقابة على المصارف في المصرف المركزي سمير حمود، باتجاه الأمور نحو عدم تخفيض وكالة “ستاندرد أند بورز” لتصنيف لبنان الائتماني في تقريرها المرتقب صدوره غداً. بحيث أثمرت الجهود التي بذلتها السلطات اللبنانية لإقناع القيّمين على الوكالة بإرجاء خفض تصنيفها للبنان وذلك بالتوازي مع العمل مع عواصم دول القرار على إعطاء لبنان فترة سماح جديدة لإنجاز إصلاحاته الاقتصادية كونه يتعرض لضغوط هائلة تثقل كاهل اقتصاده وماليته، وأولها عبء المليون ونصف المليون لاجئ سوري.

وفي التفاصيل أنّ التدارك الرئاسي على مستوى السلطة التنفيذية لخطورة الأوضاع الاقتصادية، نجح في تحصين التصنيف السيادي وهو ما تبلور أخيراً في الاجتماع المالي الذي عقد في قصر بعبدا وما خلص إليه من تأكيد لبناني للمجتمع الدولي على وضع ورقة اقتصادية مع التشديد على جدية الحكومة في تنفيذ موازنة 2019 وإنجاز موازنة 2020 في موعدها القانوني، وذلك بموازاة تزويد وزارة المال “ستاندرد اند بورز” أوراقاً مالية ذات صلة بهذا الموضوع.

لكن يبقى أنّ مرور “قطوع” ستاندرد أند بورز لم يُخرج لبنان عن درب جلجلة التصنيف، إذ إنه بعد هذا التقرير والذي كان قد سبقه تقرير وكالة “موديز” سيكون الموعد الجديد مع استحقاق “فيتش” الوكالة الدولية الثالثة التي ستصنّف أيضاً لبنان قبل نهاية العام الجاري، الأمر الذي يستدعي إيفاء الرؤساء الثلاثة بالوعود التي قطعوها في مجال الإصلاحات أمام المجتمع الدولي، كي لا يتم خفض التصنيف مجدداً فيقع الاقتصاد الوطني في المحظور.

وكشف مصدر وزاري بارز لـ”نداء الوطن” أنّ العمل على درء مخاطر خفض تصنيف وكالة “ستاندرد أند بورز” للبنان كان قد بدأ منذ تصنيف “موديز”، بحيث حصل اتفاق على التواصل والعمل مع الوكالة الدولية، التي بحسب المعلومات طلبت حينها برنامج عمل وإصلاحات مع تعهدات بالتنفيذ، فتم بالفعل تشكيل لجنة ضمت رئاسة مجلس الوزراء، مصرف لبنان ووزارة المال لوضع هذا البرنامج ثم أرسلت المستندات المطلوبة مرفقة ببرنامج العمل اللبناني في 29 تموز إلى وكالة “ستاندرد أند بورز”، بما شمل مستندات من رئاسة الحكومة والمصرف المركزي ووزارتي المال والطاقة في ما يتعلق بالخطة التي التزمت الحكومة تنفيذها. وتكثفت طيلة الفترة الأخيرة الاتصالات الرسمية مع الوكالة الدولية التي خلصت إلى إبقاء تصنيف لبنان على ما هو عليه راهناً ريثما تثبت الحكومة جدية وعودها بالإصلاحات.