IMLebanon

نفحة “روحية ـ سياسية” تُرطّب المخاوف المسيحية في الجبل

كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

كان وقْع شهر آب على الجبل أقلّ وطأة من تموز الذي شهد توتراً كبيراً على خلفية أحداث قبرشمون. وبات الجميع على علم بأنّ أي خضّة أو فتنة تصيب أحد الأطراف ستمتدّ نيرانها إلى جميع الأطياف.

وفي السياق، فإن لقاء المصالحة والمصارحة الذي حصل في بعبدا تردّد صداه بقوّة في الجبل، خصوصاً أن إراحة الساحة الدرزيّة تنعكس إيجاباً على المسيحيين هناك وكل مكوّنات الجبل.

وسارت المعالجة على خطوط عدّة، الخطّ الأول كان سياسياً وحصل في لقاء المصالحة في بعبدا، أما الخطّ الثاني، فكان على الأرض عبر تبريد الأجواء وإعادة اللحمة بين المكوّنات خصوصاً أن أجواء الجبل كانت متوتّرة على جميع الجهات.

وبعد صعود رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون إلى بيت الدين تبدّلت الأجواء، وتوافدت القوى السياسيّة إلى المقرّ الرئاسي الصيفي والذي شهد أمس جلسة وزاريّة في إشارة إيجابيّة إلى عودة الإنتاجيّة إلى المجلس في مسعى جديد لإنقاذ الوضع الإقتصادي من الإنهيار.

وعقب زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى بيت الدين، علمت “نداء الوطن” أن الراعي سيزور المنطقة في 8 و9 أيلول المقبل، حيث سيقصد قرى ساحل جزين ويجول على بلدات لم يزرها بعد، ومن ثمّ يكمل جولته على بلدات في منطقة الشوف.

وفي السياق، يؤكّد راعي أبرشيّة صيدا المارونية المطران مارون العمار لـ “نداء الوطن”، أن الوضع في الجبل عاد إلى طبيعته والأمور تسير نحو الأحسن.

ويتابع العمار أوضاع الشوف حيث تشمل أبرشيته هذه المنطقة، وهو يقوم بجولات على القرى ويتواصل مع القيادات المسيحيّة والدرزيّة ويلمس أن الأوضاع تغيّرت عما كانت عليه سابقاً. ويشدّد على أن وجود الرئيس ميشال عون في بيت الدين أرخى أجواء إيجابيّة، وهذا الأمر يساعد الجميع على العيش بسلام. ويلفت إلى أن الوجود المسيحي في الشوف ثابت، وأن من كان يتواجد في المنطقة بقي ولم يغادر، مشيراً إلى “أننا نفعل كل ما في وسعنا لأجل تثبيت المصالحة”.

ويترافق النشاط الكنسي مع تحرّك سياسي على الأرض بين جميع القوى المسيحية والدرزيّة، وفي هذا الإطار، ستشهد بلدة الجيّة أول إجتماع بين نواب “اللقاء الديموقراطي” ونواب “التيار الوطني الحرّ” السبت، وقد وجّه النائب بلال عبدالله دعوة إلى نائب “التيار” ماريو عون لحضور إجتماع الجية الذي يتناول الشؤون العامة إضافةً إلى مواضيع إنمائيّة وأزمة النفايات.

ويلفت النائب عون لـ “نداء الوطن”، إلى أن أجواء الجبل قد تحسّنت، ونحن ننتظر عودة رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط إلى لبنان ولقاءه رئيس الجمهورية، “فهذا اللقاء يترك جواً طيباً في الجبل ويفتح الأبواب على مرحلة جديدة من التعاون”. ويلاحظ عون أن الجميع مع المصالحة، وأن وضع الأرض بات أفضل بكثير عمّا كان عليه بعد أحداث قبرشمون، والجميع مصمّم على طيّ صفحة الماضي الأليم.

وتعمل الأحزاب المسيحيّة على صون العلاقة مع الدروز خصوصاً أن التوتّر لن يوصل إلى مكان، في حين أن وضع الجبل حسّاس، والجميع يسعى إلى تثبيت الوجود المسيحي هناك.

ويحرص حزب “القوات اللبنانيّة” على أفضل العلاقات مع “الحزب التقدّمي الإشتراكي”، إذ ان مصالحة الجبل بالنسبة إليه هي من الثوابت.

ويشير عضو تكتل “الجمهوريّة القويّة” النائب أنيس نصّار إلى أن “الأجواء في الشوف وعاليه جيدة جدّاً، ووجود الرئيس في بيت الدين أعطى دعماً للمصالحة، في حين أننا على تواصل دائم مع “الحزب التقدّمي الإشتراكي” على الأرض، وهذا التواصل لم ينقطع يوماً”.

ويحاول كل من “القوات” و”الوطني الحرّ” العمل على عدم دفع المسيحيين في الجبل إلى اليأس وترك أرضهم، ويؤكّد نصّار أن “الجميع يعلم أن الخلاف السياسي مع “التيار الوطني الحر” موجود، لكن في الجبل، وفي عاليه تحديداً، أنا على أكمل تنسيق مع زميلي النائب سيزار أبي خليل، من أجل الإطلاع على أوضاع الأرض وحاجات الناس”.

وقد رطّبت أجواء المصالحة المخاوف المسيحيّة في الجبل، ويحتاج الموضوع إلى متابعة دائمة، بحيث لا يُستعمل سلاح التناقضات والخلافات المذهبيّة مجدداً في أي مواجهة سياسيّة ممكن أن تحصل.