IMLebanon

القوات اللبنانية في مواجهة صفقات الغرف المغلقة

تتفاعل قضية تعيين أعضاء المجلس الدستوري على الساحة السياسية اللبنانية، خاصة وأن الكثيرين يرونها مؤشرا على شكل المحاصصة التي ستتم في الوظائف من الفئة الأولى التي يتوقع انطلاق النظر فيها قريبا.

ومثّل إقصاء مرشح حزب القوات اللبنانية المحامي سعيد مالك (ماروني) لفائدة مرشح التيار الوطني الحر المحامي إلياس عبيد، تكريسا لواقع إصرار وزير الخارجية جبران باسيل على تحجيم القوات والاستئثار بالتعيينات المخصصة للمسيحيين.

واللافت أن ما حصل أتى بتوافق مع رئيس الحكومة سعد الحريري وأيضا رئيس مجلس النواب نبيه بري، رغم أن هناك اتفاقا مسبقا على أن يتم تعيين مرشح القوات. وجرى استكمال تعيين أعضاء المجلس الدستوري خلال جلسة لمجلس الوزراء الخميس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، رغم أنه لم يكن مدرجا (التعيين) على جدول أعمال المجلس.

واعتبر حزب القوات أن ما تعرض له خيانة وطعنة في الظهر خاصة من طرف الحريري وبري حيث كان هناك اتفاق في يونيو يقضي بدعم “القوات” الأعضاء المرشحين للمجلس الدستوري عن المجلس النيابي وعددهم خمسة، في مقابل دعم مرشحه من حصة الحكومة.

 

عماد واكيم: لم نعد مؤمنين بمن يريد بناء الدولة اللبنانية فعلا
وسارع رئيس مجلس النواب إلى تبرير دعمه لمرشح التيار الوطني الحر بالقول في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي الجمعة “بالفعل حصل اتفاق في المجلس النيابي عند انتخاب القسم الأول من أعضاء المجلس الدستوري على أن يكون الماروني الثاني من حصة ‘القوات’، وقبل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حاولت تنفيذ هذا الاتفاق العام فلم أستطع نظرا لتراجع الآخرين عنه، فطلبت من ‘القوات’ اختيار مسيحي آخر، الأمر الذي لم يقدم عليه في مجلس الوزراء”.

وكان لقاء جمع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل قبل ساعات من انعقاد جلسة مجلس الوزراء، الأمر الذي فهم منه أنه جرى اتفاق بين الطرفين على إقصاء مرشح القوات اللبنانية.

وتقول أوساط قريبة من القوات إن الحريري قبل بإغراءات باسيل وسط ترجيحات بأن تكون جرت صفقة بينهما تشمل كامل ملف التعيينات. وقال عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم في تصريح يعكس خيبة أمل كبيرة خاصة من الحليف “لم نعد مؤمنين بمن يريد بناء الدولة اللبنانية فعلا، نحن من الذين يلتزمون ببناء الدولة بالأفعال لا بالأقوال”.

ورجّح واكيم تعرض رئيس الحكومة لضغوط في تعيينات المجلس الدستوري لإلغاء القوات اللبنانية، معربا عن أسفه لـ”الطعنات” وللوعود التي أخلّ بها والتي تم التنصل منها ولكن “الضربة التي لا تقتل بتعلّم”. وشدد واكيم على أن “ما حصل سببه وزير الخارجية جبران باسيل الذي يريد أكل الأخضر واليابس واتفق هو والحريري على المحاصصة وكما قال وزير الأشغال يوسف فنيانوس، كلما اجتمع هذان الشخصان يكون هناك تقاسم لمحاصصات جديدة”.

ومن جهته اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، أن “رئيس الحكومة سعد الحريري هو الذي أخلّ باتفاق التعيينات في المجلس الدستوري”. ويخشى حزب القوات كما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي امتعض بدوره مما حصل في اجتماع مجلس الوزراء بأن يواجها ذات السيناريو في التعيينات المستقبلية وعددها 46 في وظائف الفئة الأولى، و230 في عضوية مجالس الإدارة في المؤسسات العامة.

وتتحدث أوساط قريبة من الحزب “الديمقراطي” وتيار “التوحيد” عن أن حصتهما من التعيينات الدرزية باتت مضمونة، وأن التيار الوطني الحر وحزب الله يتمسكان بعدم احتكار الحزب التقدمي الاشتراكي لتلك الحصة.

وترتكز التعيينات في لبنان على معيار المحاصصة الطائفية بغض النظر عن الكفاءة، وهذه أحد أبرز أوجه الفساد الذي ينخر لبنان. ويقول البعض إن النهج الذي يتبعه الحريري وتماهيه في محطات عدة مع طلبات باسيل الإقصائية من شأنه أن يضعف المشروع السيادي في لبنان. ويلفت هؤلاء إلى أن رئيس الحكومة يبحث عن انتصارات ضيّقة الأفق، في المقابل فإنه يعزز قوة الخصوم وفي مقدمتهم حزب الله.